كتابات خاصة

ليالي الأنين

أحمد الرافعي

ليالي السوء التي يقضيها المختطف وراء القضبان الفاشية، ويحكي بجلاء  فصول الكارثة التي حلت باليمنيين منذ 21 سبتمبر، أيلول الأسود في 2014. الكلب الذي اطلقه الحوثيون في زنزانة الإعلامي المقاوم   صلاح القاعدي حين رفض أداء الصرخة الحوثية، يحكي لنا  نباحهُ الجائع باختصار:
ليالي السوء التي يقضيها المختطف وراء القضبان الفاشية، ويحكي بجلاء  فصول الكارثة التي حلت باليمنيين منذ 21 سبتمبر، أيلول الأسود في 2014.
ما يقارب من خمسة عشر ألف مختطفا في سجون العصابة الإنقلابية مُوزَّعِين على الجغرافيا اليمنية. وكل حالة اختطاف تسرد روايةً مليئةً بالمعاناة والعذاب والحرمان والامتهان والدَّوس لكرامة الإنسانية التي أسجد لها الله الملائكة في فجر الخليفة.
رباه! ما الذي يحدث؟!
آلاف حالات التعذيب وثَّقَتها النُّدوب والحروق والأعضاء المكسورة، بل والتي تعطلت عن أداء وظائفها.
وثقتها أمراضٌ اصيبوا بها وهم في قعر السجون التي دخلوها اصحَّاء معافين مليئين بالبهجة وحب الحياة!
ونفسياتهم التي شوَّهَها أذى السجَّان واحتفالِه بجراحِهِم  المُتَأوِّهة!
هل قابلتَ مختطفاً بعد الإفراج عنه وشعرتَ كم هي النُّدوب والجروح العالقة في ثنايا روحه؟!
 وهذا إن حالفك الحظُّ ولم تخرج مقتولاً محمولاً على الأكتاف كشهيدنا (وليد الإبِي) الذي أُغتيل بعد أسبوع حافل بالإنتهاكات والتعذيب!
وإن كانت كل هذه الممارسات بعيدةً عن مرمى أبصارنا فهل يعقل أن تكون بعيدة عن مرمى ضمائرنا!
ليالي الرعب والتحقيق في ظلمة الليالي وأنت موثق اليدين والقدمين، والصعق بالكهرباء والتوحش في الصفع، واللّكم، والرّكلِ بالأيدي والأرجل المستهترة بكرامة الإنسان، الضرب بالعصي والهراوات في كل انحاء الجسم.
 هذه المعاناة تكشفها لنا مناماتهم التي غابت عنها الأحلام وأقامت فيها الكوابيس وتَقُصُّها لك إرتجافاتهم وحيدين في زنزانة باردةٍ مظلمة، وادخال المجانين والشواذ إليك وأنت في زنزانتك، واغراق سمعك بالكلام البذيئ الفاحش من المحققين والعسكر.
 النوم على البلاط البارد والحرمان من دِثارِ الشتاء، ومنعك اياماً من دخول الخلاء لقضاء الحاجة أو التبول؛ زادك في سجونهم الأكل الملوَّث والماء الآسن!
حرمانك من الاتصال أو الزيارة، ومن شمَّ الهواء النقي، أو التعرض لأشعة الشمس.
بل واهمالك والسخرية من ضعفك حين يهاجمك المرض وعبارات التشفي والشماته التي تسمعها من أراذل الناس.
أما ملف أبتزاز المختطفين وأهاليهم  فهو ملف حافل بالدناءة والوقاحة المكشوفة.
نهب سيارات وأموال المختطفين، بل ومتعلقاتهم الشخصية!  وكل ماوصلت إليه أيدي لصوص المليشيا، إن اقتحموا بيتك..
السخرية من أهاليهم الزائرين وإنهاكهم بالوعود الكاذبة، مترددين على بيوت العصابة.
حتى صارت مهنة مأمورية السجون والإشراف عليها هي التجارة الأكثر إداراراً للرِّبح في هذا الزمان الأسود.
هذا نزرٌ يسيرٌ مما يحصل في سجون الميليشيا،
آلاف القصص التي تنضحُ بالأسى وتتشقّقُّ منها القلوب. يتكتم عنها أهالي المختطفين خوفاً من الإنتقام الأعمى الذي تتقنه ميليشيات الموت وخوفاً من أن يؤخِّرَ جَهرُهُم بالحقيقه الافراج عن ذويهم.
هل وصل لمنظمات الحقوق والحريات صرخات المختطفين وتأوهاتهم في ليالي الأنين؟!
 زنازين العصابة هي مطابخ الأذى والتوحُّش، وهي الإدانة الكبرى والواضحة لثقافة الميليشيا التي تحكَّمت في مصائر الناس بقوة القهر المدجّج بالسلاح.. وهذا السلوك الفاضح المُوغِلُ في الوحشية هو الوقود الذي يُشعِلُ في قلوبنا جذوة  الثأر  ويَشحَذ عزائمنا المقاوِمة برمي هذه القذاره من طرقات اليمنيين الحالمين بالمستقبل الأجمل..
هل يُعقَل بعد كل هذا التخريب للإنسان اليمني أن نتحدث بليونة وأن نخفض أسلحتنا!  وهل بقي من الاعذار ما يُمكن  ان تُمنحَ ميليشيات الموت بصيص ٌمنه!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى