لا يمكن أن تطمئن التيارات السلفية بكل فصائلها لوضعها خلال السنوات القادمة بعد أن أصبح “ترامب”في البيت الأبيض بشكله المتعجرف وانعكاسه في سياسة أمريكا الخارجية، إذ وما دام يمثل هذا الرجل تكمله لما كان قد بدأ به بوش الابن.
لا يمكن أن تطمئن التيارات السلفية بكل فصائلها لوضعها خلال السنوات القادمة بعد أن أصبح “ترامب”في البيت الأبيض بشكله المتعجرف وانعكاسه في سياسة أمريكا الخارجية، إذ وما دام يمثل هذا الرجل تكمله لما كان قد بدأ به بوش الابن.
قال بوش عقب 11 سبتمبر “إنها حرب صليبية”، فاجتاح أفغانستان والعراق. ولما كانت الهجمة على الاسلام السُني قال حاكم العراق العسكري “بول بريمر” في كتابه “عامي في العراق”،”لقد قررنا التحالف مع الشيعة”، فوضعت أمريكا يدها بيد إيران وحلفائها الشيعة ونظرت للأمة السُنية بازدراء فضربت بعصى “الارهاب” ظهر كل جماعة سنية ثورية مناهضة.
خلفت سياسة أمريكا خلال هذه السنوات تصحر في العمل الخيري الذي كانت تشتغل عليه التيارات السلفية فوصلت موجتها إلى اليمن بعد أن حُصرت المؤسسات الخيرية الخليجية وعلى رأسها مؤسسة “الحرمين” أكبر المؤسسات الداعمة للعمل الخيري في اليمن.
جاء أوباما، وقال للمسلمين “السلام عليكم”، فظن الكثير أنها فُرجة غير أن ثمان سنوات لم تغير من حالة الحصار على الحركات الإسلامية في ظرف فُتح الباب على مصراعيه لإيران وحلفائها كمشروع ضد التيارات السنية، عدا ما حدث خلال الربيع العربي من إتاحة المجال للحركات الإسلامية الوصول للسلطة لكن سرعان ما قلبت عليهم.
الآن بصعود “ترامب”، سيكون الوضع أكثر صعوبة أمام التيارات السلفية التي لن تنخرط في العمل السياسي خلال السنوات القادمة، إذ أن تصريحات “ترامب” التي تتوعد بتكثيف الحرب على “الإرهاب” ستصل موجتها الجنونية إلى التيارات السلفية الدعوية.
ليس لأن السلفيين تيار منصف ضمن”الإرهاب” ولكن لأن هناك رغبه أمريكية في ضرب بؤر المشروع السُني باعتباره مشروع نهضوي ذو رسالة شمولية تتعدى حضارات أمريكا الرأسمالية المادية، هذه ذهنية الغرب كنظره عقائدية لا يمكن تجاوزها.
فإذا كانت التهمة وصلت إلى جماعة الاخوان ومحاولة شيطنة الأحزاب المحسوبة عليها فإن وضع التيار السلفي الدعوي سيكون الأقرب للتهمة، أيضاً.
التجريف الذي حصل خلال السنة الماضية لرموز التيار السلفي في المناطق الجنوبية المحررة، هو جزء من الرغبة الدولية الغربية.وهي محاولة لتغيير ديموغرافي مذهبي، لكن هذه المرة ليس لصالح التشيع ولكن لصالح التصوف وجعله سيد الفتوى والمرجعية الدينية في هذه المناطق.
رموز التيار السلفي الدعوي الفكري، الذي ظلوا خلال عشرين عاما في الدعوة والعمل الخيري في هذه المناطق إما تساقطوا باغتيالات أو في السجون. استهداف ممنهج بحجة التطرف، وهي التهمة التي تلتهم لسان من يريد الاحتجاج أو المطالبة بإخراجهم من المعتقلات.
ولولا الخزان البشري من الشباب السلفيين الذين صنعتهم هذه القيادات لما تحررت المناطق الجنوبية بتلك السرعة، فالفكرة والمبادئ والعقيدة هي من تصنع قاعدة صلبة لمناهضة المشاريع العدائية.
في المناطق الوسطى والشمال من بقي من السلفيين في البلد لن يكون في منأى عن الهجمة، إلاّ في حالة كانت على حساب حريتهم وبقائهم منكفئين في منزلهم وهذا ما تريده جماعة الحوثي أصلا وما يبتسم له المشروع الامريكي الجديد.
وأما الشباب السلفي والقيادات المنخرطة في المقاومة في هذه المناطق مثل تعز والبيضاء وأطراف إبربما لن يتغير وضعهم عن الحالة الدموية لرموز السلفيين في المناطق الجنوبية بعد تحريرها، إذ أن هشاشة الوضع في فترة ما بعد أي تسوية سياسية سيكون هؤلاء خارج إطار التسوية، أصلاً، فلا ظهر لهم سياسياً ولاقوة عسكرية تحميهم، وأي محاولة دفاع عن أنفسهم سيصبحون بنظر أمريكا “مليشيا إرهابية” خارجة عن إطار الدولة التي سيكون الحوثيين جزء كبير فيها وفي مفاصلها الأمنية.
السلفيين الذين انخرطوا في العملية السياسية مثل الرشاد والسلم ربما سيكون وضعهم أفضل حالاً رغم الرقابة المحمومة عليهم من الغرب وترقب أي ثغرة لإقعادهم عن الحركة.
صحيح أن أمريكا لديها مليون مبرر تستطيع ضرب هاذين الحزبين على حساب استنهاض الاقلية الشيعية، لكن بقاء السلفيين تحت غطاء الحزب السياسي يُمثل حجرة في طريق “المؤامرة” باعتباره حزب سياسي ومصرح من الدولة.
وعلى هذا النحو، فإن انخراط من بقي من التيارات السلفية تحت غطاء العمل السياسي، إذا ما تحدثنا من نظرة مادية مجردة، ستعطي لهم شرعية في التحرك والدعوة ومواصلة العمل الخيري، رغم محدوديته.
ولا أحد يتصور أن العمل الخيري الذي اشتغلت عليه التيارات السلفية طيلة السنوات الماضية كالسنوات التي تنتظرها، إذ أصبح الدعم والعمل الخيري والاغاثي من حنفية الغرب وهي الأمم المتحدة، حتى الدعم الخليجي الرسمي الاغاثي بات أغلبه عن طريق هذه المنطقة باسم مخاوف ذهاب المعونات إلى “الإرهاب”.
وما لم يتشكل السلفيون سياسياً ويكون لهم غطاء قانوني في البلد فإن أي حراك دعوي سيكون أشبه بدعوة الرهبان. دعوة منزوعة من ثورية الاسلام، وأي مخالفة فإن تهمة “الإرهاب” موضوعه على ظهر الطاولة.