مع تمدّد الحرب جغرافياً وزمنياً في اليمن، تتزايد الأمراض التي تصيب أهل البلاد يمن مونيتور/العربي الجديد
مع تمدّد الحرب جغرافياً وزمنياً في اليمن، تتزايد الأمراض التي تصيب أهل البلاد. ومنها تلك المجتثّة بفضل مجهود السلطات اليمنيّة الرسميّة والمنظمات الدوليّة خلال السنوات والعقود السابقة. والنازحون الذين تركوا بيوتهم هرباً من النار، هم أكثر المتضرّرين من تلك الأمراض. ولعلّ الكوليرا والجرب وحمى الضنك من أبرز تلك التي عادت لتظهر في الآونة الأخيرة، لا سيما مع انعدام الخدمات الأساسيّة.
في عام 1977، قبل نحو أربعين عاماً، أُعلن رسمياً عن القضاء على الكوليرا في اليمن، لكنّها تعود إلى الواجهة في مناطق عدّة. وقد أعلنت منظمة الصحة العالميّة يوم الأحد الماضي، أنّها تضرب 11 محافظة يمنية، بعدما كانت محصورة في ستّ محافظات. وذكرت المنظمة في بيان لها أنّ أربعة آلاف و119 حالة اشتباه في المرض سُجّلت في تلك المحافظات، معظمها في تعز (وسط) وعدن (جنوب). وأوضحت أنّ ثمّة 86 حالة مؤكدة مخبرياً بإصابتها بالكوليرا، أي بزيادة 21 حالة عن الرقم الصادر قبل أقلّ من أسبوعَين. لكنّ المنظمة لم تتطرّق إلى عدد الوفيات الناجمة عن المرض، وما زالت تشير إلى ثماني حالات. يُذكر أنّ العاصمة صنعاء هي أولى المدن التي اكتُشفت فيها الكوليرا في أواخر سبتمبر/ أيلول 2016.
في هذا الإطار، يقول الطبيب رامي المقطري لـ “العربي الجديد” إنّ “الأطفال هم أكثر الفئات عرضة لمثل هذه الأمراض، بسبب التلوّث البيئي وانعدام النظافة الشخصية بسبب ندرة المياه”. ولا يخفي مخاوفه من “عودة بعض الأمراض المجتثّة الخطيرة، من قبيل شلل الأطفال الذي قُضي عليه قبل أكثر من عقد. ويعود ذلك إلى انخفاض مستوى حملات التلقيح ضدّه”. ويشير المقطري إلى “صعوبة معالجة بعض الأمراض التي تظهر من جديد، بسبب مقاومتها للأدوية وحاجاتها إلى وقت طويل للشفاء”.
تجدر الإشارة إلى أنّ تلك الأمراض لم تواجَه بجهود كافية، نتيجة انهيار النظام الصحي وعدم توفّر التمويل الحكومي وصعوبة وصول الفرق الصحية الإغاثية إلى المناطق المصابة بسبب القتال، لا سيّما المناطق المحاصرة. يضيف المقطري أنّ “الحرب ساعدت على انعدام توفّر رباعيّة التوعية والوقاية والتشخيص والعلاج على مستوى واسع، لتنحصر أولوية الدعم على توفير المستلزمات الصحيّة لمعالجة جرحى الحرب من مدنيين وعسكريين. بذلك، خرجت متطلبات علاج الأمراض الباطنة والحميّات والأمراض الجلدية من نطاق الأولويات”.
وكانت منظمة الصحة العالميّة قد بيّنت في آخر مسح ميدانيّ أعدّته، أنّ التغطية المتكاملة للرعاية والخدمات الصحيّة انخفضت إلى 37 بالمائة من المرافق الصحيّة. وأوضحت أنّ 21 في المائة من تلك المرافق تقدّم الدعم الصحي للأمراض غير المرتبطة بالمياه والصحة النفسيّة. كذلك، أفاد تقرير للمنظمة بأنّ الوضع الصحي في المحافظات اليمنية انهار، ليصبح 21 مليون يمنيّ أي ما نسبته 80 في المائة من إجمالي عدد السكان، في حاجة إلى مساعدات صحيّة.
في سياق متّصل، كان نازحون كثر، خصوصاً في المرتفعات، قد فضّلوا اللجوء إلى الكهوف الصخرية التي ظنّوا أنّها سوف توفّر لهم حماية من الحرب بالإضافة إلى مأوى مناسب. ويأتي انعدام التهوية داخل بعض الكهوف مع وجود بقايا عضوية لكائنات وحيوانات سبق أن تحللت فيها، كواحد من أبرز مصادر الأمراض التي يصاب بها هؤلاء النازحون. عائلة أحمد عبد الرحمن من تلك العائلات، التي استقرّت في الكهوف، وقد أصيب عدد من أفرادها بمشكلات صحية مختلفة، من قبيل التهابات في الأنف والأذن وحساسية جلديّة حادة. وتبيّن لاحقاً أنّ ما أصيب به الأطفال ما هو إلا الجرب، من جرّاء انعدام النظافة الناتجة عن عدم توفّر المياه بحسب ما أفاد به الأطباء. ويقول عبد الرحمن إنّ “ثمّة منظمات عاملة في محافظة عمران (غرب) قدّمت لنا أدوية، ونصحتنا بالحرص على غسل الملابس والفرش التي ننام عليها”.
أطفال من دون لقاحات
يقع مئات الآلاف من أطفال اليمن، الذين تتراوح أعمارهم ما بين شهر واحد و18 شهراً (عام ونصف العام)، عرضة لأمراض اجتُثّت من البلاد في السنوات السابقة، وأحياناً للموت. ويأتي ذلك على خلفيّة عدم التزام آبائهم باللقاحات الأساسيّة المفترض تلقّيها، بسبب ظروف الحرب وحصار بعض المدن والقرى، بالإضافة إلى تعطّل العمل في عدد كبير من المرافق الصحيّة الحكوميّة.