يبدو أن ما تريده إيران تحقق في “خارطة الطريق” فبمقارنتها، بأطر الرؤية الإيرانية نجد أن تلك “الأطر” التي تتدخل إيران من خلالها ومن أجلها في اليمن منذ ما قبل اجتياح العاصمة صنعاء (سبتمبر/أيلول2014)، قد حققتها الخارطة بشكل جيد وبرؤية عالمية لمشروعها، تظهر إيران سعادتها وترحيبها بخارطة الطريق الأممية في اليمن و ما بات يعرف بـ”إعلان كيري” أو “أتفاق مسقط” مع الحوثيين والقوات الموالية للرئيس اليمني السابق، فهي على يقين بأن هذا الوضع سيكون مناسباً للغاية من أجل تجذر مشروعها وهيمنتها على دول شبه الجزيرة العربية.
ولم تكن إيران وحليفها الحوثيين وعلي عبدالله صالح يحلمون بأكثر من ذلك في اليمن، فتبدل الاعتقاد بأن المشاورات لن تحقق إلا “العالمية للحوثيين” والاعتراف الدولي بهم إلى كونه يحقق الرؤية الإيرانية، إضافة إلى أن إعلان “كيري” بجلوسه مع ممثلين لجماعة تبقي أمريكيين كرهائن لديها لم يحدث حتى مع أزمة الرهائن في طهران بعد الثورة، يمثل اعترافاً كبيراً وممثمراً في الطريق الصحيح بكونهم “سلطة واقعة”. فالإدارة الأمريكية المنتهية ولايتها حققت لهم ما لم تحققه إدارة أمريكية سابقة، ومع استمرار قراءة توجهات الإدارة الأمريكية الجديدة فلا تتكهن إيران بأن تحقق حتى 10 بالمائة مما حققه جون كيري طوال سنوات مضت تحت إدارة أوباما، لذلك تظهر إيران وحلفائها بمظهر الامتنان لهذا الدور.
يبدو أن ما تريده إيران تحقق في “خارطة الطريق” فبمقارنتها، بأطر الرؤية الإيرانية نجد أن تلك “الأطر” التي تتدخل إيران من خلالها ومن أجلها في اليمن منذ ما قبل اجتياح العاصمة صنعاء (سبتمبر/أيلول2014)، قد حققتها الخارطة بشكل جيد وبرؤية عالمية لمشروعها، وهذه الأطر هي: الأول “نصرة المظلومين” وتصوير الحوثيين كـ”مضطهدين”، الثاني تهديد لتنافسها مع المملكة العربية السعودية، الثالث تأسيس الحوثيين كسلطة “أمر واقع” كحزب الله في لبنان، الرابع الحاجة الداخلية وبقية أدواتها حول نجاح شُعله الأيدلوجيا “الثورية” وتصديرها”.
ففي (أغسطس/آب) أعلن كيري عن مبادرته لحل الأزمة في اليمن، كما وردت في خارطة “ولد الشيخ”، وذكر فيها أن الحوثيين “أقلية” وفي تعبير محمد عبدالسلام وإيران (مضطهدين)، وهذا التوزيع على أساس أنهم أقلية يشرخ المجتمع ولا يضع اعتباراً لديمقراطية وليدة في البلاد، (الإطار الأول). في وقت تسقط خارطة الطريق “شرعية الرئيس هادي” وتؤسس الحوثيين كجزء من حكومة بحصه كاملة وفق (حاجة الأقلية للشراكة)، فإسقاط الشرعية يعني إسقاط مبرر قيام التحالف العربي بعملياته في اليمن ومن خلال ذلك ستخضع “السعودية ودول الخليج” لمشاكل المحاكمات الدولية، كما أن إبقاء المحاصصة في الحكومة اليمنية قبل تسليم الحوثيين للسلاح يعني ذلك حصولهم على حصة مع شريكهم “علي عبدالله صالح” باستطاعتها إبقاء السلاح بأيديهم وإعادة تقسيم الأقاليم وفق رؤيتهم وحدهم، فمن الصعب أن تعود عمليات التحالف بعد إعلان وقفها، ولا يمكن بأي حال من الأحول إعادة شمل (الشرعية اليمنية) بعد تفكيكها، وهو ما يحقق تهديد دول الخليج بوجود تنظيم موازي سيطر على الدولة اليمنية وتغّول في اقتصادها وسياستها وجيشها بشكل موازي ويعارض الرؤى والتوجهات العربية لمواجهة مشروع توسعي، محققاً (الإطار الثاني والثالث).
تحقق خارطة الطريق نشّوة ثورية لطالما استخدمتها إيران في الداخل بأنهم يخوضون حرباً خارج حدودهم ضد العدو الرئيس المتمثل بممالك النفط الخليجية، كما أن الشعور بهذا الانتصار الإيراني الميليشياوي سينعكس على الأدوات والجماعات الموالية لإيران في دول الخليج العربي ليبدأ الحوثيين مرحلتهم الجديدة بدعم تلك الجماعات المهددة للأمن الخليجي، كما فعل “حزب الله” بدعم الحوثيين في اليمن، وهو ما يحقق (الإطار الرابع) للتحركات الإيرانية.
ولأن اليمن لا يمكن أن يحكم توافقياً لفترة طويلة- كما تقرأ إيران التاريخ السياسي لليمن- ترى إيران أن تمثيل الحوثيين ومشاركتهم في الحكومة باعتراف خليجي وتوقيع التحالف العربي، وتمثيل “ثلث مُعطل” هو الأهم الآن، للخروج من دائرة الاحتراب، حتى ولو تم مناقشة تسليم السلاح للحكومة الجديدة، لضمان وقف عمليات التحالف العربي، ورفع اليمن من الفصل السابع، عندها ستجد طهران- حليفها الحوثي- المساحة للمناورة أكثر من جانبها، شمالاً، بما فيه التهديد بانفصال “انصار الله” واستقلالهم -حكم ذاتي أو انفصال كامل- بما يكفل حصة 35 بالمائة ممن يقولون أنهم “الزيدية” شمال البلاد.
القبول بالخارطة هو إعلان “خسارة مبكرة” أمام المشروع الإيراني، وليست خسارة لليمن ودخولها في “المحفل الإيراني” بل إسقاط مبكر للأنظمة الخليجية من داخلها بوجود حركة مسلحة ومسيطرة على دولة مجاورة تسبب الكثير من المشاكل في حالة استقرارها بسبب الكثافة السكانية والأوضاع الاقتصادية السيئة، فما بالكم بوجود ميليشيا أهلكت الحرث والنسل.
بعض المسؤولين والصحافيين الخليجيين يقول إن الحديث عن أمن شبه الجزيرة العربية يأتي من أجل الضغط لإلزام دول الخليج العربي بمساندة حكومة الرئيس اليمني حتى النهاية، لا اعتقد أن رداً مناسباً على ما يقولون عدا أن ذلك ما كانوا يقولونه في “العراق” عقب الغزو الأمريكي حتى أحكمت إيران قبضتها على الدولة والمؤسسات، واليوم ما الذي تمثله العراق بعراقتها وتأثيرها من تهديد على الأمن القومي الخليجي، كما أن “اتفاق الطائف” الذي سمح لحزب الله ببقاء سلاحه والمشاركة في حكومة توافق ما الذي يفعله لتهديد الأمن القومي الخليجي، ونظراً للإلتباس لدى من يعتقدون أن اليمن ستكون مختلفة فالمجازفة بدولة داخل شبه الجزيرة العربية يتعدى نظرية “السُخف” بمراحل عديدة ولمجاراتهم على الأقل يسحب السلاح ويفكك تنظيم الجماعة الميليشياوي ثم يتم الحديث عن مشاركتهم في الحكومة والانتخابات، كتأمين جزئي يرتبط بمنع تدفق السلاح الإيراني إلى اليمن.