بورتريه

الحبيب الجفري.. حينما تطغى السياسة والإعلام على التصوف

الحبيب الجفري داعية وصوفي يمني سطع نجمه في القنوات المصرية، وقد عرف بحضوره البارز في المؤتمرات المعنية بالوسطية وحوار الحضارات، فيما يتهمه البعض بالابتداع والضعف العلمي والوقوف إلى جانب الحكام المستبدين.

 يمن مونيتور/ بورتريه:

الحبيب الجفري داعية وصوفي يمني سطع نجمه في القنوات المصرية، وقد عرف بحضوره البارز في المؤتمرات المعنية بالوسطية وحوار الحضارات، فيما يتهمه البعض بالابتداع والضعف العلمي والوقوف إلى جانب الحكام المستبدين.

المولد والنشأة

ولد الحبيب علي زين العابدين بن عبد الرحمن الجفري في 16 أبريل/نيسان 1971 بمدينة جدة شرقي السعودية، ونشأ في الحجاز حيث كانت تقيم أسرته المطاردة آنذاك من الحزب الاشتراكي اليمني، وينتمي الجفري لأسرة ترفع نسبها إلى النبي صلى عليه وسلم.

وقد عرفت هذه الأسرة بنشاطها في الحقل السياسي حيث كان والده عبد الرحمن الجفري زعيم حركة المعارضة ورئيس حزب رابطة أبناء اليمن ونائب رئيس الوزراء باليمن الجنوبي قبل الوحدة.

الدراسة والتكوين

درس الجفري صحيحي البخاري ومسلم على المربي الحبيب عبد القادر بن أحمد السقاف في جدة، كما درس على الداعية والمربي الحبيب أحمد مشهور كتاب “إيضاح أسرار علوم المقربين”, وتلقى العلوم على أيدي مشايخ ودعاة ومربين آخرين من أمثال الحبيب أبو بكر العطاس بن عبد الله الحبشي ومحدث الحرمين السيد محمد بن علوي بن عباس المالكي الحسني.

ودرس الصوفية في منطقة تريم باليمن، وهي من الأربطة الصوفية التي تستقطب المريدين من بلدان مختلفة.

وتقول المصادر المقربة من الجفري إنه أخذ الإجازة من أكثر من ثلاثمئة شيخ في مختلف العلوم ومشارب التربية، وإنه درس على الشيخ محمد متولي الشعراوي بمصر وتأثر به، كما درس الجفري في كلية الدراسات الإسلامية بجامعة صنعاء في الفترة من عام 1991 إلى 1993.

الوظائف والمسؤوليات

تولي الجفري العديد من المناصب والمسؤوليات العلمية والدعوية، فقد شغل منصب مدير عام “مؤسسة طابة” بأبوظبي عام 2005، واختير في 2006 نائبا لعميد دار المصطفى للدراسات الإسلامية في تريم باليمن، وفي 2007 شغل منصب الأمين العام لمجلس أمناء جوائز المحبة في أبوظبي.

التجربة الدعوية والسياسية

يكتسب النهج الدعوي للجفري بعدا صوفيا يعلي من شأن التربية والأخلاق والمحبة وإحياء الصلة القلبية بالله عز وجل، فيما يقوم مساره الفكري والسياسي على الإعلاء من الوسطية ورفض الخروج على الحكام أو التشنيع عليهم.

ففي الجانب الدعوي يرى الجفري أن خدمة الدين عبر التربية وتهذيب الأخلاق وإثراء الروحانيات كفيلة بحل مشاكل المجتمع، ويعتقد أن مهمة الداعية اليوم هي أن ينشر اليقين بين الموحدين وليس التوحيد لأنه منتشر أصلا، ويرى أن التصوف يمثل روح الإسلام، وفيه صلاح القلوب والنفوس.

ويصف الحبيب الجفري مذهبه بالقول إنه سني على المعتقد الأشعري يتبع المذهب الشافعي في الجانب الفقهي، ومحب للتصوف في مسلكه.

سياسيا وفكريا، ينادي الجفري بالوسطية، ويرى أن الأمة تعيش عصر التطرف، وأن تهميش الدين أدى لغياب الوسطية وأفسح المجال أمام الغلو والتشدد.

ينتقد الجفري العلماء الذين يكفرون الحكام ويصفونهم بالعمالة، كما يعارض “تفكير العلماء في انتزاع الكراسي من الحكام للجلوس عليها”، وفي هذا الصدد يقول “باعتقادي أننا في العالم الإسلامي بحاجة إلى صنف ثالث من العلماء: صنف ينظر إلى قلوب الحكام من أجل زيادة الخير للمسلمين”.

يرى الجفري أن “مهمة العلماء الأساسية هي أن ندعو أهل الكتاب إلى ديننا الإسلامي الحنيف، ونجعله محببا إليهم بمنطق (لا إكراه في الدين)، أي أن تكون هناك أرضية من الحوار”.

وقد نال الجفري شهرته في مصر في تسعينيات القرن العشرين، وبات واحدا من ألمع الدعاة الشباب وأكثرهم حضورا في القنوات الفضائية، وعندما طرد من مصر 2001 لأسباب غير واضحة زادت شهرته حيث سلطت عليه الأضواء، واعتبر البعض أن علماء الأزهر وراء طرده كونهم يتوجسون من مذهبه الصوفي، فيما سرت شائعات بأن الوسط الفني وراء ترحيله لكونه أقنع فنانات مصريات بارتداء الحجاب.

وأيا يكن فإن النهج الفكري والدعوي للجفري باركته العديد من الأنظمة العربية والغربية، فقد اعتلى المنابر الدينية والفكرية والإعلامية في الأردن والإمارات ولبنان والولايات المتحدة وبريطانيا والعديد من الدول في مختلف القارات.

ونال الجفري عضوية عدة مجامع ثقافية وعلمية، وبرز حضوره في المؤتمرات الصوفية والفكرية المنادية بالاعتدال وإبعاد الدين عن السياسة، وأسهم بشكل بارز في الندوات المعنية بحوار الحضارات.

عارض الجفري ثورات الربيع العربي، ووقف  إلى جانب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الذي قاد انقلابا على الرئيس المنتخب محمد مرسي في 3 يوليو/تموز 2013، ونال حظوة كبيرة عند السيسي إلى حد أنه امتدحه في مناسبة وطنية وطلب منه العمل على “تصحيح مفاهيم الدين” رغم وجود شيخ الأزهر أحمد الطيب بين الحضور.

كما تقبلت العامة النهج الوعظي للداعية اليمني، لكونه يحرص في خطبه وبرامجه التلفزيونية العديدة على اللباقة وتبني خطاب التيسير والتبشير.

في المقابل، تنتقد أوساط علمية وفكرية الجفري بشدة، حيث يصفه البعض بالصوفي المبتدع، ويؤكد آخرون أنه قفز إلى الأضواء دون أن يتضلع في الفقه والحديث، كما يتهمه منتقدوه بالوقوف في صف الحكام المستبدين ورفض إبداء رأيه في القضايا السياسية الشائكة.

وبالموازاة مع موقع الجفري على الإنترنت الذي يغطي برامجه وأنشطته، تستضيف الشبكة العنكبوتية موقعا بعنوان “المجهر” يتتبع أخطاء الجفري ويعرض مقاطع مسجلة لتأكيد مزاعم ابتداعه وتواضع معرفته بالحديث النبوي الشريف.

وقد واجه الجفري انتقادات لاذعة واتهامات بالخيانة عندما زار القدس المحتلة بتأشيرة إسرائيلية عام 2016.

وفي نفس العام، حشد وشارك الجفري في مؤتمر غروزني، الذي رعته روسيا وأخرج السلفية والوهابية والإخوان المسلمين من مظلة أهل السنة والجماعة.

المؤلفات

من مؤلفاته: معالم السلوك للمرأة المسلمة، ومحبة الرسول، ومحاسبة النفس، ولا تحزن لا تغضب فلن يخزيك الله، والاقتصاد الرباني، والتوبة النصوح، والإنسانية قبل التدين.

الأوسمة والجوائز

قلده الرئيس الشيشاني 2016 وسام الشيخ الشهيد أحمد قاديروف تقديرا لدوره في الدعوة إلى المؤاخاة والمحبة في الإنسانية ونشر الإسلام الصحيح، كما منحه الأردن وسام الحسين من الدرجة الأولى.

المصدر : الجزيرة,مواقع إلكترونية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى