هل يجفف “دونالد ترامب” المستنقعات أم يغرق فيها؟ (تحليل)
ردد ترامب خلال حملته الانتخابية شعار “سنجفف المستنقع”.. أما وقد صار رئيسا، فكيف سيجفف المستنقع أم أن الشعار سيصبح كذبة كبيرة. يمن مونيتور/ وحدة التحليلات/ من فتحي أبو النصر
المراحل النهائية من السباق الانتخابي الرئاسي الأمريكي لم تنته بعد..بل إنها مازالت تنطوي على احتمالية أن تحقق مفاجآت مضادة لماحدث بالمرحلة الأولى !
ذلك أنه من الممكن أن تصير هيلاري رئيسة مثلا في حال انقلب المجمع الانتخابي يوم 19 ديسمبر على ترامب وصوت لها !!
بمعنى آخر هنالك إمكانية في أن ينتخب الناخب المنتخب للمجمع الانتخابي مرشحا آخر غير الذي انتخب له !
فالمصير النهائي للرئيس بيد مندوبي الولايات للمجمع وعددهم 538 عضوا ، وهؤلاء بشكل مباشر سيدلون بأصواتهم سريا
فتخيلوا أن تنقلب الأمور رأسا على عقب !
وبعيدا عن هذا التصور النادر الحدوث -ولكن لايبعد حدوثه.
ولعل أكبر التحولات السياسية في كل العالم بلا إستثناء، سنشهدها على مدى 70 يوما قادما، وذلك حتى 20 يناير 2017، تاريخ تأدية الرئيس الأمريكي الجديد القسم الرئاسي في البيت الأبيض.
برأيي كان فوز ترامب متوقعا، وهو يمثل أعلى تجليات حالة الصراع بين المؤسسة السياسية والمخابراتية الأمريكية الرسمية بشقيها الديمقراطي والجمهوري والسي آي إيه والأف بي آي، وبين التيار الذي داخلهم وخارجهم أيضا، وطبعا فإن لهذا التيار الترامبي مصالح غير مصالح تلك المؤسسة. بل إنه كان يدرك تماما مدى انقسامية أمريكا ديموغرافيا وثقافيا واقتصاديا، ولذلك فقد نجح في تعميق الإنقسامية ذاتها أثناء مرحلة الدعاية الإنتخابية ليستفيد منها وبكل اقتدار لصالح التصويت له.
والثابت ان ترامب هو نتاج طبيعي للفشل الاوبامي الكلنتوني الهيلري من ناحية، كما للفشل الجورج بوشي الذي سبقهم من ناحية أخرى.. وبلغة مختلفة يمكن القول إن “المحافظين الجدد +الليبراليين الجدد= ترامب “. إلا أن هذه النتيجة المربكة للجميع، تعني بأن أمريكا صارت في مأزق مزدوج، لأنها نتيجة ليست حصيلة تأثيرات داخلية عابرة فقط، وإنما تأثيرات عميقة داخلية وخارجية معا.!
فقبل ساعات من بدء التصويت، أعلن ترامب الذي لا يخلو من شبهات فساد إقتصادية وانحرافات أخلاقية، بأن فوزه سيعني نهاية “مؤسسة واشنطن السياسية الفاسدة”، وأوضح لأنصاره: “عقدي مع الناخب الأميركي يبدأ بخطة لوضع حد لفساد الحكومة وانتزاع بلادنا، وبسرعة، من مجموعات الضغط هذه التي أعرفها جيدا”، مؤكدا أن منافسته “يحميها نظام فاسد تماما”.. و قال “أريد أن تسمع كل المؤسسة السياسية في واشنطن الكلمات التي سنقولها جميعا حين نفوز غدا: سنجفف المستنقع”!
وحينها كرر أنصاره من بعده عدة مرات ذات العبارة: “سنجفف المستنقع.. سنجفف المستنقع.. سنجفف المستنقع”.
أما وقد صار ترامب رئيسا، فكيف سيجفف المستنقع.. وهل سيتضح الشعار ككذبة كبيرة لدغدغة مشاعر الناخبين؟
هل سيستطيع تحرير القرار الأمريكي من تأثير اللوبيات المختلفة ذات المصالح السياسية والعسكرية والإقتصادية والمالية داخليا وخارجيا..أم انها مرحلة الإنقسام الأمريكي الكبير.. أم أن ترامب في جوهره مجرد ترس في الماكينة الرئيسية لورشة الفساد والاحتكار والإستغلال الإمبريالي الشاسع الذي تتزعمه أمريكا، لا أكثر ولا أقل، مهما حاول التنطع بمثل تلك الشعارات؟!
رويدا رويدا بالتأكيد، ستتكشف العقلية الترامبية كما ينبغي، بل وسيتضح كل ما تنطوي عليه من حقائق ومغالطات ومغامرات ومفارقات إلخ.
فعلى عكس ما تمناه كثيرون، فاز الجمهوري المغضوب عليه جمهوريا بالرئاسة الأمريكية، بعد حملة ضارية، وهجمات متبادلة، على مدى شهور، بينه ومنافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون.. فعلها رجل الأعمال والمؤلف والنجم التلفزيوني، بعد اكتساحه لغالبية أصوات المجمع الإنتخابي، فصار الرئيس الـ45 للولايات المتحدة الأميركية، مقابل سقطة مدوية لمنافسته المعروفة كسياسية محترفة، وكسيدة أولى، وكسيناتورة، وكوزيرة خارجية “سابقا سابقا سابقا “.
وهكذا.. خالف ترامب كل استطلاعات الرأي الموجهة التي انكشفت طبيعتها التي بلا أفق.. وفيما تميزت هيلاري بخبرتها ومعرفتها بالملفات، إلا انها كانت تفتقد لعفوية وتلقائية ترامب.. ترامب المثير لريبة العالم.. اللاذع والمستهتر والأخرق والعنصري كما تم وصفه من قبل خصومه، هو نفسه ترامب الذي يقلق كل من يزعمون نشرهم للديمقراطية الأمريكية في العالم على طريقة تجار الشنطة، كما كانوا يخشون من العار الذي ينتظر البيت الأبيض حال فوزه.
والحال أن المستحيل قد أصبح حقيقة.. وهاهي الترامبية تنتصر.. ولم يكن فوز دونالد ترامب بالرئاسة الأمريكية، هو النصر الوحيد الذي حققه الحزب الجمهوري بالتزامن، حيث تمكن الجمهوريون من الاحتفاظ بسيطرتهم على أغلبية المقاعد في الكونجرس بكلا مجلسيه الشيوخ والنواب.
لكن فوز ترامب الزلزالي هذا، يحمل أبعادا لامتوقعة ضد المؤسسة، في عالم فقد الثقة كثيرا بالسياسيين الرسميين، خصوصا من الذين ترشحوا للرئاسة خلال العقدين الأخيرين، جراء تسوياتهم للملفات العالقة بوعي غير حاسم، لا ينعكس لمصلحة الناخبين. ومن جانب آخر حملت الإنتخابات الأمريكية أبعادا تاريخية فارقة، حيث تنافست فيها هيلاري التي كانت ستصبح أول إمرأة رئيسة للولايات المتحدة، وترامب الشعبوي الذي يعتز بأنه دخيل على السياسة.
الشاهد ان تصورات وسيناريوهات ومخاوف شديدة القتامة، وضعت على مستوى العالم، في حال فوز ترامب، كما حدثت الإنتخابات وسط ضجة إعلامية أمريكية وعالمية غير مسبوقة.
لقد ظهر ترامب ضد الديمقراطيين وضد الجمهوريين معا، وتحديدا ضد مهادنتهم وبيعهم لأوهام الديمقراطية ومكافحة الإرهاب والانتعاش الإقتصادي. في حين اعتبر قطب صناعة العقارات في نيويورك، هو صوت التمرد سواء اعجبنا أم لا.. وفي السياق أيضا مثلت أصوات ناخبيه مشهدية تمرد الشعب على النخب السياسية التقليدية.
ولكن هل يكمن فعلا سبب الالتفاف غير المتوقع حول ترامب من كونه غير سياسي فقط.!
من الواضح أن ثمة خوف يتغلغل في أفئدة قطاع واسع من الرجال البيض، جراء تفوق المجموعات السكانية الأخرى عليهم “والمعروفة بانحيازها للحزب الديمقراطي”، كانت على رأس الأسباب الديموغرافية التي رجحت كفة ترامب الذي لطالما استغل هذه المخاوف في مخاطبة الناخبين” أولئك الذين خطط لاستهدافهم قبل غيرهم كونهم الكتلة السكانية الأكبر.
ومنذ مسار الإنتخابات الأمريكية في مرحلتها الأولية، تجاهل ترامب النماذج التقليدية لسلوكيات المرشحين الرئاسيين من خلال استفزاز الجميع.. ثم انه لم يتملق الكثير من الشرائح وإنما اصطدم بها.
رغم ذلك اجتذب عددا قياسيا من الأصوات في الانتخابات التمهيدية التي تنافس فيها مع 16 مرشحا آخرين بالحزب الجمهوري الذي أحدث صدعا كبيرا فيه.. فاز ترامب بأغلبية الولايات التي جرت فيها الانتخابات التمهيدية في الثلاثاء الكبير لتتزايد بذلك سرعة مسيرته للفوز بترشيح الحزب الجمهوري.. كان قد نال اهتماما كبيرا لكونه مرشحا غير عادي من ناحية الأسلوب السياسي، ولكونه يتكلم بلا رقابة وبشكل صادم.
رويدا رويدا صار ترامب ظاهرة أمريكية مثيرة، وذات اهتمام عالمي فارق ،كما وسع من قاعدته الشعبية أكثر، إلى ان وصل لعدد أكبر من الناخبين.
ولكن كيف أقنع ترامب هؤلاء بأنه هو المرشح الذى سيجلب التغيير حقا؟
وهل يمكن إعتبار ترامب أصدق ظاهرة ترشحية للرئاسة في أمريكا، فيما جعل هوية أمريكا تضطرب تعبيرا عن تباينات وفجوات مجتمعية متسعة، ساهمت في توسيعها تصريحات ترامب الشوفينية والتمييزية ضد المسلمين والمهاجرين . ثم هل تحتاج أمريكا بعد نجاح ترامب إلى ثورة مفاهيم سياسية وثقافية وإجتماعية واقتصادية عميقة وجدية؟!
منذ نهاية الثمانينيات وترامب يخطط لرغبته فى الترشح للرئاسة.. وفي عام 1999 حاول الترشح عن حزب مستقل، لكنه أدرك إستحالة أن تأخذه الطبقة السياسية والشعبية جديا، ما لم يكن مرشحا عن واحد من الحزبين الكبيرين.
مرت السنوات وجاءت اللحظة “الترامبية” التي ترتبط بالمزاج العام فى امريكا والعالم.. لحظة تنامي صعود تيار يميني دولي عابر للحدود والقوميات. وكلما زاد الهجوم عليه كلما ازدادت شعبيته حتى بلوغ لحظة الفوز الصادم. والأرجح انه بفوز ترامب تصدعت الكثير من أعمدة المؤسسة النخبوية للحزبين الرئيسين في الولايات المتحدة الأمريكية على مستوى المفاهيم والتصورات .
أما بحسب مراقبين فكان الذين عقدوا الصفقات مع الديمقراطيين، خلال السنوات الماضية، هم الأكثر قلقا من قرون الثور ترامب.
ولاعزاء لهؤلاء طبعا.. ثم انها مرحلة اللاتوقعات والصفقات الجديدة “وترتيب الفوضى الخلاقة”، فبالتأكيد لن تكون مرحلة ما بعد ترامب على مستوى أمريكا والعالم كقبلها.
مراقبون يرون أيضا أن كلمة ترامب عقب إعلان الفوز نسفت كل الشطحات التي رافقت حملته الإنتخابية.
لقد ظهر في خطابه بعد إعلان النتيجة، رزينا وهادئا وهو يقول: “أخاطب هؤلاء الذين لم يدعموني أنا الآن أمد إليكم يدي لتتعانوا معي كي نعمل سويا على توحيد أمتنا العظيمة”. كما تم وصف الخطاب من قبل مراقبين بـ”التصالحي”. وفيه أكد على أنه يعتزم خدمة جميع المواطنين بغض النظر عن هوياتهم وخلفياتهم. كما أعرب عن نيته في التعامل بنزاهة مع جميع الدول المستعدة للتعاون مع الولايات المتحدة.
وأعلن ترامب فيما يسمى “خطاب النصر” أنه سيقود البلاد إلى مشروع ضخم من التنمية والتحديث وإنه سيعمل على إصلاح المدن الأميركية وبنيتها التحتية وتحديث الطرق ووسائل المواصلات. وخاطب ترامب انصاره في نيويورك قائلا “تلقيت توا مكالمة هاتفية من الوزيرة كلينتون، وقد هنأتنا على انتصارنا.” ومضى للقول: “آن الأوان لنتكاتف كشعب واحد”. وتعهد ترامب بأنه سيعالج جراح الأمة وسيكون رئيسا لكل الأميركيين.. وعن منافسته قال ترامب “لقد عملت هيلاري كلينتون لفترة طويلة لخدمة هذه الأمة وعملت بكل صدق وأمانة لذا نشعر بالامتنان لها ولخدماتها”.
وفي أول تغريدة للرجل الضاج والاشكالي، بعدما أصبح رئيس الولايات المتحدة، وعد بعدم إغفال أي شخص، مؤكدا أن الأميركيين “سيتوحدون كما لم يحصل سابقا”.
من ناحيتها قالت هيلاري كلنتون بأول خطاب لها بعد فوز ترامب بالإنتخابات: “إن مصلحة أمريكا هي العليا وسنكون معا لهذا الهدف”. وأضافت -بعد تهنئتها المؤثرة لترامب وتمنيها النجاح له في قيادة كل أمريكا- ”أن نتائج الإنتخابات كانت مؤلمة ومخيبة للأمال ويبقى الإخفاق جزء من الحياة.”
وفي خطابها عرضت هيلاري على ترامب العمل معه لوطننا.. ونوهت إلى ان “الإنتخابات أظهرت إنقساما أكثر مما كنا نعتقد”.
الملفت هو تلك السعادة الغامرة التي بدت في روسيا حيال فوز دونالد ترامب في انتخابات الرئاسة الاميركية، باعتباره مرشح الكرملين المفضل.
وسارع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ليكون من أوائل المهنئين بما سماه “الانتصار الذي حققه ترامب”، معبرا عن تطلعاته بعد وصوله للبيت الابيض إلى إعادة ترميم العلاقة الروسية الأميركية وجعلها أفضل مما كانت، بعدما وصلت إلى أسوأ مستوياتها في عهد باراك أوباما.
في السياق كان من الواضح ان إشارات التحالف القائم وتعزيزه مستقبليا بين بوتين وترامب قد افزعت أوروبا وآسيا معا.. ذلك ان ترامب وبوتين لديهما إمكانات مثيرة ومربكة للتغيير.. والأرجح أن غالبية إرث مرحلة أوباما سيذهب مع الريح.. الريح التي خلفتها هيلاري وهي تغلق خلفها باب مرحلة الإنتخابات .
ففي السياسة الدولية خصوصا لا أصدقاء دائمين ولا أعداء دائمين بل مصالح دائمة.. أما أخطر ماقد يفضي إليه تحالف ترامب مع بوتين مثلا فهو إنهيار منظمة الناتو ومنظمة شنغهاي على وقع إحتمالية دخول أمريكا وروسيا في تحالف عسكري واحد سيكون هو أهم حدث سياسي في التاريخ الحديث كله.. حينها سنشهد حقا مرحلة ما بعد الحرب الباردة.!
مرحلة الإنتقال من تصادم القوى العظمى إلى مرحلة تكامل القوى العظمى.
والواقع ان المزاج الدولي سيتغير بعد ترامب شاء العالم أم أبى.. ولكن لايمكن استبعاد تلك السيناريوهات أبدا.. وتبقى الحقيقة الكبرى مؤكدة على ان أمريكا هي الدولة الوحيدة المهمة في كل مكان بالعالم.. أما النظام العالمي الحالي القائم على القواعد الذي تأسس عليها في عام 1945 وتوسع بعد نهاية الحرب الباردة فهاهو قد صار يتعرض لهزات عميقة وجذرية غير متوقعة ولامسبوقة .
بالمقابل أعلن وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي انهم سيعقدون اجتماعا خاصا بأقرب وقت، لبحث تبعات فوز دونالد ترامب برئاسة الولايات المتحدة. كما دعا وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف الرئيس الأمريكي المنتخب، الالتزام بالاتفاق النووي الدولي مع إيران.
من هنا فإن 4 ملفات خارجية لعلها ستكون الأبرز من غيرها في سياسة رجل البيت الأبيض الجديد، وهي التوجه نحو التفاهم مع روسيا ، ومحاربة داعش والارهاب، وإعادة الإتفاق النووي مع إيران فضلا عن مستقبل أمريكا في الناتو .
ومن المواقف التي أثارت حفيظة الكثير من الدول الكبرى على حد سواء، حينما دعا ترامب حلفاء الولايات المتحدة الأغنياء مثل ألمانيا واليابان والسعودية والعراق إلى الدفع مقابل مزيد من الإجراءات الدفاعية الأمريكية.
ومن ناحيتها طالبت أكبر منظمتين حقوقيتين في العالم، وهما منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش، دونالد ترامب بأن “يعلن علانية التزامه بحقوق الإنسان” وبالابتعاد عن “خطاب الكراهية” وبأن تكون “حقوق الإنسان نواة حكمه داخليا وخارجيا”.
وفي الشأن الداخلي يمكن القول إن أمريكا تقف أمام مرآتها التي لطالما تهربت منها ..مرآة القيم الانسانية المشتركة للديمقراطيات الحرة.. مرآة الحرية و إحترام حكم القانون والكرامة الإنسانية بغض النظر عن الأصل ولون البشرة والدين والجنس والميول الجنسية أو المعتقدات السياسية.
على ان ترامب برأيي هو أكثر من يضحك اليوم على شطحاته الوعودية كونها أخرجت كل أمراض أمريكا العميقة للسطح.!
ولأول مرة في تاريخ أمريكا تشهد عدة مدن تظاهرات ضد فوزه ورفض نتائج الديمقراطية.
إلا ان ماوراء الكواليس تخفي حالة حرب إعلامية تتزعمها دول ولوبيات أوروبية وآسيوية وعربية للضغط لإلزامه ببرنامج معين أو على الأقل ليرضخ لهم وإن بحدود.
وفي تغريدتين متتابعتين ذكيتين له علق ترامب على ذلك بالقول: “كانت هناك إنتخابات رئاسية مفتوحة وناجحة جدا.. والآن يحتج محتجون محترفون يحرضهم الإعلام.. هذا ظلم جدا!”.
وأضاف: “تروق لي حقيقة أن مجموعات صغيرة من المحتجين الليلة الماضية كان لديهم الحماس من أجل بلدنا العظيم. سنتحد جميعا ونكون فخورين!”.
معروف ان هيلاري تشكل الإمتداد الأوباما في سياساته الخارجية بسلبية كبيرة.. وذلك على عكس كل آمال المعذبين في هذه الأرض به لترشيد سياسات أمريكا التي كانت قد وصلت إلى مرحلة قذرة من التوحش جراء سياسات بوش الإبن.. أوباما كشخص عبقري إنسانيا وفكريا يستحق الاحترام .ولكنه كسياسي وكرئيس لأمريكا كان مجرد خدعة.. لقد تم حصاره مبكرا من قبل المؤسسة المهيمنة، كما خضع لها بما لاينم عن شخصية فارقة في هذا المنصب إطلاقا.
كان أوباما قد ألقى بثقله دعماً لمرشحة حزبه هيلاري كلينتون، مثنيا على حماستها وروحها القتالية، ومؤكدا ثقته بها.. وقال أكثر من مرة: “أؤمن بهيلاري كلينتون”. كما شد على “القوة وحس القيادة اللذين برهنت عنهما لدى توليها الدبلوماسية الأمريكية على مدى 4 سنوات خلال ولايته الأولى”.. بل ان أوباما وصف ترامب بأنه “تهديد للولايات المتحدة وللعالم” محذرا من أن “التقدم الذي تحقق خلال سنوات حكمه الثمانية سوف يُقضى عليه ما لم تنتخب هيلاري لرئاسة أمريكا”.. وقال ذات مرة إن “ترامب سوف يقوض الحقوق المدنية لجماعات الأقلية، وأنه غير كفء ليكون قائدا عاما للقوات المسلحة الأمريكية وللبلاد”، ومعتبرا أن “مصير الجمهورية على المحك”، وأن بإمكان الأمريكيين “انتخاب أول امرأة رئيسة.. لديكم فرصة لكتابة التاريخ”.
وأثناء مرحلة الدعاية الإنتخابية ناشد أوباما أكثر من مرة الناخبين بالعمل على استمرار إرثه بمساعدة هيلاري على الوصول إلى الفوز في الانتخابات.. وامتدح أوباما شخصية هيلاري واصفا إياها بأنها “زعيمة لديها خطط حقيقية لكسر الحواجز، واختراق السقوف وتوسيع دوائر الفرص لكل أمريكي”.
ولطالما قام على هامش مهرجانات لأنصار هيلاري، بتعداد انتصاراته الأساسية في الرئاسة، راسما صورة متفائلة لمستقبل البلاد إذا فازت هيلاري.. وأمام الناخبين كان أوباما يؤكد على ان هناك “خيارين اثنين: الأمل والخوف”، مهاجما ما وصفه بـ”الغوغائية المحلية” للمرشح الجمهوري .
لكن ترامب -تعليقا على أوباما آنذاك -رفض تصويره المتفائل لأمريكا.. وقال في تغريدة على موقع تويتر “بلدنا لا يشعر بأنه عظيم بالفعل بالنسبة للملايين من الناس الرائعين الذين يعيشون في فقر، وعنف ويأس”.
كما ألقى نائب الرئيس أوباما ، جو بايدن، خطابا مليئا بالأمل، قائلا إن ترامب “يؤيد التعذيب”، و”عدم التسامح الديني”، و”يخون قيمنا”.
كما اتهمت حملة هيلاري منافسها ترامب بتشجيع دولة أجنبية على التجسس عليها. وكان أوباما قد أشار إلى أن روسيا ربما ساعدت ترامب على تسريب رسائل بريد إلكتروني وضعت قيادة الحزب الديمقراطي في موقف محرج.
والواقع انه من خلال الإتهامات والمواقف المتبادلة التي ظهرت أثناء مرحلة الدعاية الإنتخابية مابين الطرفين، يمكننا اكتشاف الكثير فضلا عن توقع حجم الشرخ في المؤسسة السياسية الأمريكية ذاتها.
ولقد كان أخطر ماصرح به ترامب، هو وصف الرئيس أوباما بأنه “مؤسس” تنظيم “الدولة الإسلامية”. كما هاجم منافسته ووصفها بأنها “شريكة في تأسيس” التنظيم. فردت عليه باتهامه بأن “كلامه بذئ”.
وأصر ترامب على تعليقاته، قائلا إن أوباما وكلينتون هما “أكثر اللاعبين قيمة” بالنسبة لتنظيم “الدولة الإسلامية”.
ترامب دأب على اتهام الرئيس الأمريكي بالسماح للمتشددين بالانتشار، متهما إياه بأنه متعاطف بالفعل مع التنظيم.
ولم يعلق البيت الأبيض على هذه التصريحات ولكن متحدثا باسم كلينتون قال :”هذه التصريحات دليل آخر على بذاءة ترامب وترديده مقولات (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين وخصوم الولايات المتحدة الذين يهاجمون قادة أمريكا ومصالحها، فيما فشل في تقديم أي خطط جادة لمكافحة الإرهاب أو جعل الولايات المتحدة أكثر أمنا.”
بل وزعم ترامب أن هيلاري هي من “خربت الشرق الأوسط برمته”وأن أوباما هو من “زرع الفوضى في الشرق الأوسط” وأن”الشريكة في التأسيس هي هذه المحتالة هيلاري كلنتون -حد وصفه.
زاد ترامب، بالقول إن “هيلاري تواجدت كوزير خارجية فى سوريا، ولكنها وضعت رأسها فى الرمال مثل النعام”. وأضاف ان” إيران وروسيا والأسد تحالفوا بسبب ضعف سياسة أوباما الخارجية”، مشيراً إلى أن” برنامج النووى الأمريكى تراجع إلى وراء رغم تقدم برنامج روسيا النووى إلى الأمام”، و”كل ما قامت به هيلارى فى الشأن الخارجى أصبح كارثيا”.
في خضم ذلك ثمة هواجس من شعبوية ترامب وصعود المزاج اليميني في معظم العالم، وعدم ارتياح أمريكي وعالمي من فوزه بالرئاسة.
والمفارقة أن وسائل صنع الرأي العام التي غالبيتها وقفت ضده ثبت فشلها بشكل لامتوقع، خصوصا مع تأكيدها ان ترامب قد تضرر بما لا يمكن إصلاحه نتيجة إساءاته المتنوعة للعديد من الشرائح الاجتماعية مثل النساء والأقليات والمسلمين وغيرهم.
لكن ترامب حقق اختراقات كبيرة حتى في معاقل الحزب الديمقراطي.
وهكذا أثبتت الديمقراطية الأمريكية بأنه نادرا ما تمكن حزب السلطة من الإستمرار رئاسيا لفترة ثالثة.
وهكذا صار المرشح الرئاسي الذي كانت النخبة تنظر إليه بسخرية وشزر هو الرئيس الخامس والأربعين للولايات المتحدة الأميركية.
ثم بغض النظر عما إذا كانت هيلاري هي الفائزة بمقابل خسارة ترامب مثلا، إلا أن ثمة جرس قد تم تعليقه على رقبة أمريكا.
أما خلاصة الخلاصة الآن فتكمن في السؤال التالي الذي يفرض نفسه حاليا: ” في حال تم إغتيال ترامب مثلا – وتحديدا قبل تسلمه المنصب رسميا – فمن هو المستفيد من ذلك؟!”.
إن هذا السؤال بلاشك، سيجعلنا ننظر بتركيز أكبر إلى نائب ترامب وتوجهاته، فهو الإحتمال الأكبر لتكملة الفترة الرئاسية حينها.. و”مايك بنس”- نائب ترامب، هو رجل الظل الأخطر في الوقت الحالي أمريكيا ودوليا حسب عديد مؤشرات؛ وتحديدا صار رجل الكواليس، التي بدأت تشتعل بالتجاذبات والتفاهمات السرية، بين كل المتناقضين والمختلفين في دهاليز مؤسسة صنع القرار الأمريكية منذ مابعد فوز ترامب بالرئاسة.!