آراء ومواقف

الجمود في ملف اليمن

صادق ناشر

التوافق الوحيد الذي أجمعت عليه أطراف الصراع في اليمن، يتمثل في رفض الأفكار الواردة في خطة مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد، فكل طرف أراد أن يرمي الكرة في ملعب الأمم المتحدة حتى لا يكون مسؤولاً عن أي نتائج قد تفضي إليها موافقته على الخطة.
التوافق الوحيد الذي أجمعت عليه أطراف الصراع في اليمن، يتمثل في رفض الأفكار الواردة في خطة مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد، فكل طرف أراد أن يرمي الكرة في ملعب الأمم المتحدة حتى لا يكون مسؤولاً عن أي نتائج قد تفضي إليها موافقته على الخطة.
مبررات كل طرف في رفضه للمبادرة واضحة، فالشرعية تتمسك بالمرجعيات الثلاث، التي يجب أن تستند إليها خطة ولد الشيخ أحمد، خاصة القرارات ذات الصلة، التي تلزم الانقلابيين بتنفيذها، وأبرزها قرار مجلس الأمن الدولي 2216 واستتباعاته، إضافة إلى مخرجات مؤتمر الحوار الوطني والمبادرة الخليجية، أما الحوثيون وصالح فإنهم يريدون الحصول على أكثر مما عرض عليهم في المبادرة وسيطالبون بالكثير في حال الحصول على مبتغاهم.
وتعبيراً عن «الحالة الرمادية للأزمة» فقد قضى ولد الشيخ أحمد ثلاثة أيام في صنعاء دون تقدم جوهري، فيما رفض الرئيس عبد ربه منصور هادي استقباله في الرياض، التي جاء إليها قادماً من صنعاء، وقد عبر المبعوث الأممي عن الجمود في تعاطي الأطراف مع المبادرة، بالقول: «إن الأطراف كافة مسؤولة عن عرقلتها».
لا شيء يمكن أن يحرك الأمور باتجاه الحلحلة، طالما بقي كل طرف متمسكاً برؤيته للحل دون تقديم تنازلات، والتنازلات المطلوبة تكمن في الوصول إلى قواسم مشتركة تجمع مطالب الأطراف المتصارعة وتراعي مصلحة اليمنيين، الذين يكابدون الأمرين، خاصة في ظل أوضاع اقتصادية صعبة، تعبر عنها عدم قدرة الدولة على الإيفاء بالتزاماتها تجاه موظفي الدولة، الذين لا يستلمون رواتب منذ أكثر من ثلاثة أشهر، ناهيك عن حال الدمار الذي حل بالبلد، والقتلى الذين يسقطون يومياً في جبهات القتال.
والخشية أن يتم تجميد الملف اليمني مع التغيرات التي طرأت على الساحة الدولية بقدوم رئيس جديد للولايات المتحدة، الذي قد تكون له نظرة مختلفة للأزمات في العالم، وهذا التجميد سيسمح للأطراف المتصارعة بضخ مقاتلين جدد إلى ساحات المعارك، واستنزاف القدرات البسيطة الباقية في البلاد، وهو ما سيدخلها في نفق مظلم أكثر، وقد ينسى العالم الصراع في اليمن، كما نسيه في الصومال في تسعينات القرن الماضي.
قد يجد العالم نفسه ذات يوم غير معني بأزمة اليمن، وستبحث أطراف الصراع غداً ما ترفضه اليوم، وقد يكون ذلك متأخراً جداً، لذلك من الأفضل للجميع ولليمن بالدرجة الأولى، البحث في القواسم المشتركة بين أطراف الصراع، للخروج بحلول تمنع تشظي البلاد، التي عانت كثيراً بفعل الممارسات التي أقدم عليها المتمردون من جماعة الحوثي والرئيس السابق علي عبد الله صالح، الذي يبحث عن نافذة جديدة يعود منها إلى الحكم، خاصة منذ ما بعد الانقلاب على الشرعية في سبتمبر/ أيلول من عام 2014.
نقلا عن الخليج الإماراتية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى