من لم يقبل الحقيقة من الصديق الودود قبلها من العدو اللدود

محمد جميح
حولت إيران اليمن وبلداناً عربية أخرى إلى حقول تجارب ومنصات إطلاق لصواريخها، في حروبها التي تهدف للهيمنة والسيطرة ومشاغلة القوى الدولية عن البرنامج النووي، بعد أن بنت طهران لها مصدات مليشاوية، تبعد الحرب عن حدودها، وتقدم بلداننا – عبر مليشياتها – قرباناً على مذبح الطموحات الامبراطورية لحكام إيران.
حروب قذرة بعناوين مطهرة، حروب هيمنة تحت عنوان مقاومة، حروب احتلال المنطقة بعنوان تحرير فلسطين.
واليوم، وبدلاً من أن تضرب الطائرات الأمريكية طهران تضرب صنعاء، لأن إيران جعلت صنعاء أحد خطوط الدفاع عن طهران.
أما بالنسبة لأولئك الذين يصفقون للقصف الأمريكي، حتى وإن كان يستهدف الحوثيين، على اعتبار أنه سيقضي على الحوثي، ويوصلهم صنعاء، هؤلاء، عليهم أن يعلموا أن الأمريكيين هم من أوقف – مع غيرهم – طرد الحوثيين من ميناء الحديدة، وأن هدف الأمريكيين مجرد تقليم أظافر الحوثي لا قطع يده، وأن الخارج لا يمكن أن يحسم حرباً داخلية.
الذي يريد استرداد بلاده من يد المليشيات لا يستردها دون أن يخوض معركته من داخل البلاد، والذي يريد خوض معركة رئيسية لا يذهب للمعارك الجانبية، والذي يسعى لغاية نبيلة لا يدخل في صراع على المال.
حوصر عبد الفتاح البرهان داخل مقر قيادة الجيش السوداني فترة طويلة من قبل قوات الدعم السريع، تماماً، كما حوصرت قيادة الشرعية في صنعاء.
استطاع البرهان الخروج من العاصمة الخرطوم وانطلق إلى بورت سودان، تماماً، كما استطاعت قيادة الشرعية الخروج من العاصمة صنعاء والوصول إلى بورت عدن، في تشابه كبير بين الحالتين!
أين يكمن الفرق؟
بقي البرهان وصمد في بورت سودان، وهاهو اليوم يطارد قوات الدعم السريع من حي لآخر، ومن مدينة لأخرى، وخرجت قيادة الشرعية من عدن وهاهي اليوم تتوسل وطنها على أبواب الأمم المتحدة والمنظمات الدولية.
وبطبيعة الحال، لن تبقى صنعاء في يد مليشيات طهران، ولن يظل مصير اليمنيين رهن مشاريع طهران التوسعية، والحوثي قبل غيره يرى بعينيه مصيره في مصير غيره من الطغاة، ولكن تخليص اليمن من شرور هذه العصابة الإجرامية لن يكون إلا من نصيب من يستحق هذا الشرف العظيم.
لن يعجب هذا الكلام كثيرين يعجبهم الوضع الحالي، لن يعجب أصحاب المعارك الصغيرة والمشاريع الصغيرة والطموحات الصغيرة والخيال العقيم.
أخيراً:
من لم يقبل الحقيقة حلوةً اليوم من الصديق الودود قبلها غداً مُرّةً من العدو اللدود.