لم يعد اليمنيّون يجدون فرقاً واضحاً بين استمرار الحرب والهدن الهشّة التي تكرّرت وأبرمتها الأطراف اليمنية تحت رعاية الأمم المتحدة بهدف وقف الأعمال القتالية. يمن مونيتور/صنعاء/العربي الجديد
لم يعد اليمنيّون يجدون فرقاً واضحاً بين استمرار الحرب والهدن الهشّة التي تكرّرت وأبرمتها الأطراف اليمنية تحت رعاية الأمم المتحدة بهدف وقف الأعمال القتالية. وعادةً ما تهدف الهدن إلى تخفيف معاناة المدنيين ومساعدة المنظمات الإنسانية على إدخال المساعدات للمتضرّرين في المناطق التي يصعب الدخول إليها، تمهيداً لاستئناف مشاورات سلام جديدة من شأنها إنهاء الحرب. إلّا أنّها لم تساهم في تحقيق السلام، ولا يعتبرها عدد كبير من اليمنيين ناجحة، لأن إطلاق النار لم يحدث أن توقف في معظم جبهات القتال، بل عادة ما تزداد وتيرة العمليات العسكرية خلال كل هدنة.
يشار إلى أن عدد الهدن التي أعلن عنها منذ اندلاع الحرب في مارس/ آذار من عام 2015 وحتى اليوم، هو ست، إلا أنّها لم تحقق أهدافها المرجوة، ما أحبط عدداً كبيراً من اليمنيين، حتّى باتوا يشعرون بالقلق مع الإعلان عن أي هدنة، خشية اشتداد المعارك أو استمرارها، عدا عن عدم دخول مساعدات إلى مواطنين في المناطق المحاصرة، والتي تشهد مواجهات مسلّحة مستمرة.
سلطان النويرة هو أحد اليمنيّين الذين يتوجّسون بمجرّد الإعلان عن أية هدنة. يعتبرها مؤشّراً على اشتداد المعارك وتزايد عدد الضحايا. يقول إن المواطن اليمني يتشاءم مع الإعلان عن هدنة، لأنّ بعض الأطراف يعتبرونها فرصة لزيادة المواجهات المسلحة والقصف. لذلك، لا يستفيد المواطنون من هذه الهدن إطلاقاً. يضيف: “أدركت من خلال الكم الكبير من الانتهاكات للهدن أن أطراف الصراع الداخليّة لا تريد إنهاء الحرب، وقد أصبحت وسيلة للمتاجرة بمعاناة اليمنيين أمام المنظمات الدولية والرأي العام الإقليمي والدولي. من هنا، أرى أنني لا أستفيد من أية هدنة، كونها لم تطبّق من الأساس منذ بدء الحرب”.
من جهته، يصف خليل العريقي كل ما يُقال عن الهدن بـ “الأكاذيب”، إذ إنّها لم تتحقق يوماً. يقول لـ “العربي الجديد”: “كلّما أعلنوا عن هدنة، أشعر بالفرح، إذ سأتمكن من التجول في شوارع وأسواق شرق مدينة تعز من دون خوف من القناصة والصواريخ والقذائف التي تسقط بشكل مفاجئ وتقتل المدنيين. لكن لم يحدث أن توقّفت الحرب إطلاقاً”. يضيف: “نجلس لأيّام في منازلنا ولا نستطيع الخروج إلا نادراً بسبب إطلاق النار المستمر والقناصة الذين لا يرحمون الأطفال أو النساء. وحين نسمع بوجود هدنة، نحاول استغلال ذلك للخروج إلى الأسواق وزيارة الأقارب. لكنّ هذا لم يحدث منذ بدأت الحرب، لأنها لم تتوقف حتى خلال الهدن”.
أما هلا باسودان، فعادة ما تتفاءل كثيراً بالعودة إلى بلدها مع إعلان كل هدنة. لكنّ عدم الثقة سرعان ما يسيطر عليها حين تسمع أخباراً عن فشل الهدنة واستمرار الحرب. كانت قد غادرت صنعاء بعد اندلاع الحرب بشهرين، واستقرت وأسرتها في القاهرة. ومع الإعلان عن أية هدنة، تفرح كونها ستتمكّن من العودة إلى منزلها ورؤية صديقاتها، لكنها حتى اليوم لم تستطع العودة.
تؤكّد لـ “العربي الجديد” أنها حيت سمعت عن إعلان توقف عمليات عاصفة الحزم، أرادت العودة إلى بلدها فوراً، قبل أن تكتشف أن الحرب لم تنته. تقول: “كلّما أعلنوا عن انتهاء مرحلة، نتوقع انتهاء الحرب، وهذا ما لا يحدث. لذلك، أشعر بالإحباط واليأس”. تضيف: “كلّما طالت فترة الحرب زاد شعوري باليأس”. تلفت إلى أن اليمنيين بحاجة إلى هدنة مستمرة وطويلة بهدف الحد من الانقسامات في المجتمع.
في هذا السياق، أعلن التحالف اليمني لرصد انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن عن توثيقه 1042 خرقاً خلال الهدنة التي أعلنت بين 19 و21 أكتوبر/ تشرين الأول في عشر محافظات، وذلك في تقرير حمل عنوان “72 ساعة حرب”.