آراء ومواقف

لهذه الأسباب.. تمنيت فوز ترامب!

سعدية مفرح

عندما ينشر هذا المقال المستعاد في القبس، ربما تكون نتائج الانتخابات الأميركية قد ظهرت فعلا وحسم الأمر، لكن هذا لا يمنع من تأكيد أمنياتي بفوز ترامب! عندما ينشر هذا المقال المستعاد في القبس، ربما تكون نتائج الانتخابات الأميركية قد ظهرت فعلا وحسم الأمر، لكن هذا لا يمنع من تأكيد أمنياتي بفوز ترامب!
لا أفهم حالة الهلع التي يعيشها كثير من العرب والمسلمين منذ أن بدأ نجم المرشح الجمهوري لانتخابات الرئاسة الأميركية في الصعود تدريجيا، صحيح أن الرجل قدم نفسه للناخبين الأميركيين وللعالم كله من خلال خطاب عنصري فج تجاه العرب والمسلمين تحديدا، وبأكثر العبارات قسوة ووضوحا، إلا أن هذا في حقيقته البعيدة عن الوضوح والمباشرة ليس بجديد على السياسة الأميركية، بغض النظر عن هوية ساكن البيت الأبيض، وطوال عقود متعاقبة من الزمن! فما الجديد؟ ما الذي سيأتي به ترامب، إن أسعده الحظ برئاسة الدولة العظمى، من العداوة لنا لم يأت به من سبقه من رؤساء أميركا؟
أكبر قضية للعرب وللمسلمين، أو هكذا يفترض، هي قضية فلسطين وبالتالي يمكننا أن نتخذ منها مقياسا لقياس درجة عداوة أو صداقة أي رئيس أو نظام سياسي لنا عموما، فإذا عرضنا كل رؤساء أميركا السابقين على هذا المقياس ستكون النتيجة واحدة، وهي طبعا نتيجة سلبية بالنسبة الينا، وهذا يعني أن لا جديد سيكون تحت شمس الولايات المتحدة الأميركية فعلا، وبالتالي فعلينا أن نكف عن مواصلة القلق من وصول ترامب إلى الرئاسة كما أتمنى. أما لماذا أتمنى ذلك فلأسباب كثيرة..
أولها؛ أن هذا الرجل واضح تماما، وليس لديه ما يخفيه لا عن ناخبيه ولا عن غيرهم، وبالتالي فسيكون التعامل من قبل الحكومات والأفراد مع رئيس مثله أسهل بكثير من التعامل مع رؤساء يقولون ما لا يفعلون ويفعلون ما لا يتوقع أحد، ثم انهم يتخذون قرارات متناقضة بعضها مع بعض للدرجة التي يلغي بعضها تأثيرها البعض الآخر!
ثانيها؛ أن ترامب سيضع أميركا كلها، كنظام سياسي وكدولة عظمى وكثقافة عالمية رائجة، على المحك الوجودي. فهذه بلاد تكونت أساسا كحلم إنساني تشارك فيه بشر كثيرون من مختلف الثقافات والجذور والأعراق والديانات، وهكذا توسعت وتطورت حتى أصبحت في القمة، وأن يأتي رجل كترامب ليصبح رئيسها المنتخب من قبل الأغلبية فهذا يعني أن أميركا تتخلى عن صورتها الحلمية وتعود إلى واقعها الإمبريالي الاستعماري، الذي ساهم في صناعة الحروب وقتل الشعوب من أجل تطلعاتها التوسعية في ما وراء البحار!
ثالثها؛ يبدو أن هذا الرجل ذو شخصية قوية قادرة على التعامل مع الجميع بوضوح، وقد ظهرت بوادر ذلك الوضوح في كل مقابلاته الصحافية والتلفزيونية التي استخدم فيها لغة مباشرة وكلمات محددة عبر فيها عن نفسه وعن طموحاته، قبل وبعد، أن يصل إلى كرسي الرئاسة في البيت الأبيض!
رابعها؛ هناك كثير من العرب والمسلمين الذين- بحسن نية أحيانا، وببلاهة أحيانا أخرى، وبسوء نية أحيانا ثالثة- ما زالوا يؤمنون بأن الولايات الأميركية المتحدة دولة عادلة تخضع سياستها الداخلية والخارجية لمنظومة من القيم الأخلاقية، وبالتالي هي وحدها القادرة على إشاعة ثقافة احترام حقوق الإنسان، ليس في أراضيها وحسب، بل في أراضينا أيضا، ولذلك علينا الاعتماد عليها في المطالبة بما ينقصنا من حقوق في بلداننا، ومن المتوقع أن وصول رجل بلغت به عنصريته أن يتباهى بها إلى البيت الأبيض، سيعيد هؤلاء العرب والمسلمين إلى أرض الواقع ويجعلهم يواجهون الحقيقة البسيطة التي تقول «ما حك ظهرك مثل ظفرك»، وما أعاد لك حقك مثل اعتمادك على جهودك الذاتية.. لعل وعسى!
خامسها؛ إذا كان الكثير من الأنظمة العربية والإسلامية الحاكمة قد اعتادت الاعتماد على علاقتها- التي غالبا ما تكون سرية- بالبيت الأبيض وسيده في محافظتها على بقاء حكمها واستمراره، والاستعانة بهما في قمع شعوبها من خلال سياسات تتعارض والقوانين الدولية، لكنها تقدم عليها بطمأنينة ما دام البيض الأبيض يغض الطرف عنها علنا ويشجعها عليها سرا، فإن هذه العلاقات ستكون غير ممكنة أو غير سهلة مع رئيس يحتقر الجميع ويساوي في احتقاره ما بين الشعوب والأنظمة، وبالتأكيد فإن هذا سيكون في مصلحة الشعوب، خاصة أن الكثير من الأوراق القديمة ستنكشف في ما يشبه تسونامي ويكيليكس وتسونامي بنما!
سادسها؛ لن ينجح ترامب إلا إذا كانت أغلبية الشعب الأميركي، أو على الأقل نسبة تقترب من الأغلبية، نظرا للنظام الانتخابي الأميركي المعقد، تؤيده، وهذا يعني أن على كثيرين هنا أن يعيدوا النظر في سياسة جلد الذات التي استمرأوها، وخصوصا بعد الحادي عشر من سبتمبر، على اعتبار أننا- كعرب ومسلمين- أساس الداء العنصري الذي أنتج التطرف وما يسمى بالارهاب عالميا، ذلك أن إقدام أغلبية الناخبين الأميركيين على تأييد مرشح معلن العنصرية بشكل غير مسبوق، تعني أن العنصرية الحقيقية المنتجة للتطرف لها عنوان جغرافي آخر بعيد عن أرض العرب!
سابعها؛ فوز ترامب سيضع قطار السياسة العالمية على سكة الأزمات الكبرى.. ولأنني مؤمنة بأن الأزمات تنفرج فعلا بعد اشتدادها الأقصى.. سأتفاءل بمستقبل البشرية ما دامت قد وصلت إلى هذا الحد من الأزمات!
وما زال في جعبة الأماني المعلقة المزيد من الأسباب التي تجعلني أدعو الله من كل قلبي أن يوفق ترامب في طريقه إلى البيت الأبيض.. لعله يساعدنا، من حيث لا يدري، على رؤية هذا البيت أخيراً بلونه الحقيقي!
نقلا عن القبس الكويتية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى