(لوب لوج): الجزائر في اليمن.. مقاتل مع التحالف أم وسيط مع إيران؟
نشر موقع (لوب لوج) الأمريكي تحليلاً عن الدور الجزائري المتوقع في اليمن خلال الفترة القادمة وعلاقته بالتقريب بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الإيرانية.
يمن مونيتور/ صنعاء/ ترجمة خاصة:
نشر موقع (لوب لوج) الأمريكي تحليلاً عن الدور الجزائري المتوقع في اليمن خلال الفترة القادمة وعلاقته بالتقريب بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الإيرانية.
وقال الموقع: ” وأطلق الحوثيون مؤخراً عددًا من صواريخ مباشرة تجاه مكة، وتمكنت قوات التحالف بقيادة السعودية تدمير واحدة منهم فقط، على بعد 40 ميلًا من مكة.. هذه الهجمات، إضافة إلى غارات من قبل الحوثيين في جنوب السعودية، أكدت أنه كان من السهل على دول الخليج العربي، أكثر من ذي قبل، بدء حملة عسكرية لتدمير الحوثيين، واعادة الحكومة اليمنية المعترف بها”.
وانتشرت تقارير عن طلب مجلس التعاون الخليجي من الجزائر المساعدة في اليمن.. في الشهر الماضي تواصل نواب وزرتي الدفاع لدول السعودية وقطر، مع نظيرهم الجزائري، لنشر قوات “حفظ السلام” في اليمن، وقال دبلوماسي يمني إن حكومته ردت بأنها ستنظر في هذا الاقتراح، لكن في الوقت الحالي فإن هناك رفضًا.
وقال الموقع: “على الرغم من رفض المقترح، بشأن مشاركة القوات المسلحة الجزائرية في عمليات عسكرية في اليمن، فإن وزير الخارجية الجزائري، رمطان لعمامرة، قال إنه من الممكن أن تقدم الجزائر دعمًا لوجيتسيًا”.
وباعتبارها دولة غنية بالنفط والغاز، ولديها جيش مدرب ذو خبرة، فإنه على الورق تظهر الجزائر دولة مثالية لمساعدة الرياض والدوحة لتحقيق أهدافهما في اليمن، لكن بعد فشلهما في إقناع الجزائر بالمشاركة في مارس العام الماضي، فإن على الحكومات الملكية الخليجية، بذل مجهود أكبر لإقناع الجزائر للانضمام إلى تحالفهم في اليمن.
ثلاثة أسباب لعزوف الجزائريين
ويتابع الموقع في التقرير الذي كتبه جورجيو كافييرو “ما يعد عمودًا أساسيًا في نهج الجزائر، بشأن الشؤون الدولية، انطلاقا في نضالها للاستقلال عن فرنسا، هو عدم التدخل في شؤون الدول الأجنبية، وهذا ما ميّز الجزائر عن الدول العربية الأخرى، ووضعها في مواقف صعبة مع الغرب”.
ففي مارس العام الماضي، اختارت الجزائر عدم المشاركة في الحرب المدعومة من الولايات المتحدة في اليمن، كان مثالًا لكسر الصف مع الدول العربية وحلفائهم الغرب، خلال أوقات الأزمات.
وفي 2013، كانت الجزائر مترددة في دعم الحملة العسكرية الفرنسية في شمال مالي “عملية سرفال”، بدلا من اختيار حماية حدودها، في حين عرضت خدماتها كوسيط بين الفصائل المتحاربة في البلاد.
وخلال الربيع العربي في 2011، عارضت الجزائر قرار الناتو ومركز التعاون الخليجي بالتدخل في ليبيا، خلال الثورة ضد القذافي، وحاولت جعل الاتحاد الإفريقي يتفاوض على حل دبلوماسي للأزمة، لكن هذه المحاولات باءت بالفشل.
وعلى الرغم من معارضتها بقوة لغزو صدام للكويت في 1990، فإن الجزائر دعمت بغداد في حرب الخليج الأولى، عندما دعمت عدد من الدول العربية لعملية تحرير الكويت، تقودها الولايات المتحدة.
وتابع جورجيو كافييرو من وجهة نظر الجزائر، فإن الأزمة اليمنية الجارية، واحدة من مشاكل البلد الداخلية، ولا يجب على أي دول أخرى التدخل، فبعد بداية السعودية حملتها في اليمن، قال لعمامرة إن استعادة الاستقرار والأمن في اليمن، لن يحدث سوى من خلال الالتزام بحوار وطني.
إضافة إلى ذلك، فإنه منذ منتصف 2014 اضطر انخفاض أسعار النفط، الحكومة لإعلان العجز التجاري وخفض الدعم الحكومي.
وتابع الموقع الأمريكي القول: “ذكريات الازمة الاقتصادية لسنة 1986-1988، وتداعيات احداث الشغب في العاصمة وعدة مراكز أخرى، التي سبقت الحرب الأهلية في البلاد في التسعينيات- محفورة في ذاكرة الجزائريين، وهو ما أدى لتزايد القلق، بشأن قدرة الحكومة للتعامل مع التحديات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية”.
وتركز الجزائر، عضو منظمة الدول المصدرة للبترول، على استقرارها المحلي مع ارتفاع حالة الاحتقان المحلي، بسبب سياسة التقشف، التي جعلت حياة الشعب الجزائري في الطبقة المتوسطة، أكثر صعوبة، ما يجعل الشؤون الخارجية أقل أهمية.
وتابع: “علاوة على ذلك، فإنه بسبب الأزمة المالية الكبيرة في عصر رخص البترول، فإن ليس لدى الجزائر الرغبة في الاستثمار في حرب جنوب غرب المملكة العربية، بالتأكيد فإن تأمين التدفق الحر للتجارة من خلال مضيق باب المندب، هو أمر مهم للدول الغنية بالغاز والنفط في المنطقة، لكن التهديدات الأخرى في المنطقة، مثل اضطرابات ليبيا ومالي والنيجر، حثت المسؤولين في الجزائر للتصدي لهذه الأزمات الأمنية عبر المغرب ومنطقة الساحل، التي يخشون أنها ستؤثر سلباً على انتقال الجزائر لعصر ما بعد بوتفليقه”.
ويقول الموقع ونقله للعربية شبكة يمن مونيتور: “على الرغم من اعتباراها مثالًا للاستقرار منذ انتهاء العقد السيء لها في التسعينات، فإن هجوم الغاز المصنع في يناير 2013، بمنطقة ان ايمناس الجزائرية، أكد تعرضها لمتطرفين، الذين اكتسبوا تأثير في فشل الدول المحيطة بالجزائر، وطوروا شبكات دولية متطورة تعمل عبر الحدود غير المحكمة، فاصلة بعض الدول الأكثر فقرا وقلة للمياه في العالم”.
ويلخص الموقع سبب آخر للرفض بالقول: “في النهاية، فإنه من المهم معرفة أن العلاقات الجزائرية الإيرانية، التي زادت في التعمق، ربما أدت إلى رفض الجزائر التزامها بالحرب، التي تقودها السعودية في اليمن، نظراً لتغير النغمات الجيو سياسية والطائفية، ودورها في الصراع بين إيران والسعودية للهيمنة على المنطقة”.
أفضل صديق لإيران في المغرب
وأضاف: “منذ عام 1979 حتى 1991، فإن العلاقات الإيرانية الجزائرية كانت إيجابية. حيث رحبت القيادة الجزائرية بوصول روح الله الخميني للسلطة، ومن الناحية الأيدلوجية، فإن الثورة الإيرانية في 1979، التي تشكلت بشكل كبير من المقاومة للتدخل الأجنبي في الشرق الأوسط، ناشدت نظام ما بعد الاستقلال الجزائري، التي دعمت الحركات الاشتراكية المناهضة للإمبريالية والثورية خلال الحرب الباردة، من كوبا وفلسطين والكونغو وفيتنام والصحراء الغربية”.
في يناير 1981، ساعدت الجزائر في تأمين دبلوماسيين أمريكيين رهائن في إيران، وخلال حرب العراق وإيران من 1980 حتى 1988، بقت الجزائر في وضع حياد، وعرضت التوسط من أجل الوصول لاتفاق، وخلال التسعينيات مرت العلاقات الإيرانية الجزائرية، بمرحلة توتر بسبب شكوك من المسؤولين الجزائريين بدعم إيران الموجه القاسية من الإرهاب الجهادي السلفي، الذي انتشر في مناطق شمال إفريقيا خلال هذا العقد، وهذا أدى إلى قطع العلاقات من 1992 حتى عام 2000.
لكن منذ تأسيس العلاقات بين الدولتين منذ 16 عامًا، فإنهما عملا على تحسين شراكتهما، فعندما زار الرئيس السابق أحمدي نجاد الجزائر في 2007، أعلن تصميم إيران على إزالة العراقيل لإعادة تقوية العلاقات الجزائرية الإيرانية. وفي السنة التالية تضاعف حجم التجارة الثنائية ووصل إلى 50 مليون دولار، وأعلنت الدولتان نيتهما تطوير مصنع الاسمنت المشترك في الجزائر بقيمة 300 مليون دولار.
وفي العام 2009، فإن المسؤولين في الجزائر وطهران ناقشوا توسيع التعاون إلى قطاع البنوك وزيادة الاستثمارات المشتركة، وفي مايو اجتمع الوزراء من كلا الدولتين للحديث عن تعميق التعاون في مختلف المجالات، ومنها الزراعة والسيارات والبناء والطاقة والبتروكيماويات، وذلك قبل توقيع 15 اتفاقية للقيام بذلك. وقالت صحيفة إيرانية إن وزير التجارة الإيراني أعلن عدم وجود قيود للتعاون بين الشركات الإيرانية والجزائرية.
وقال الموقع: “تزايد العلاقات الثنائية له أبعاد اقتصادية وجيوسياسية، ففي السنوات الأخيرة فإن الجزائريين قالوا إن الأزمة بينهم وبين دول الخليج العربي، كانت بسبب القضايا الرئيسية المتعلقة بطهران، وفي نهاية المطاف، فإن استقلال الجزائر النسبي من المدار الجيوسياسي لدول التعاون الخليجي، ينبع بشكل كبير من تاريخ الدولة الفريد وثروتها الطبيعية”.
كعضو في منظمة الدول المصدرة للبترول، التي تعد ثالث أكبر دولة في إفريقيا في إنتاج النفط الخام وتصديره، كذلك أكبر دولة منتجة ومصدرة للغاز في القارة، فإن الجزائر نجحت في مقاومة الضغط المالي، الذي تعرضت له من دول الخليج العربي. فعلى عكس الدول الإفريقية الفقيرة، التي طلبت من السعودية مساعدات اقتصادية في مقابل تحالفها مع الرياض لمواجهة الدولة الإسلامية، فإن الجزائر لم تكن في ذات الضغط الاقتصادي للتحالف معهم.. مثلما فعلت ليبيا في عهد القذافي، التي رفضت السير على نهج دول الخليج، وحافظت على علاقتها بطهران، على الرغم من بعض المشاكل بينهما، وأدت احيانا هذه الديناميكية إلى درجة من التوتر بين الجزائر والدول العربية السنية.
فعلى سبيل المثال، خلال مؤتمر منظمة التعاون الإسلامي في 2012، الذي استضافته السعودية، فإن إيران والجزائر فقط عارضوا استثناء سوريا من هذا المؤتمر، وكانت دولة الجزائر هي الدولة العربية السنية الوحيدة، التي انسحبت من تحالف الجيش الإسلامي السعودي، الذي أنشئ لمحاربة الإرهاب، وأعلنه نائب ولي العهد محمد بن سلمان في ديسمبر، لمحاربة انتشار التأثير الإيراني الشيعي، وظهور جماعات إرهابية مثل القاعدة وداعش، وعلى الرغم من تعاون الجزائر مع دول عربية سنية أخرى لمواجهة داعش، فإنها رفضت الانضمام للتحالف السعودي ضد إيران.
وقال الموقع الأمريكي ونقله للعربية شبكة يمن مونيتور: “هذا العام، عندما زار وزير الصناعة الجزائري العاصمة الإيرانية، فإنه رحب بخطة العمل المشتركة، فمنذ عشرة أشهر، فإن الجزائر كسرت صفوفها مع السعودية والبحرين، واتخذ مثل نهجها عدد من الدول السنية في إفريقيا، مثل الصومال والسودان، من خلال الحفاظ على علاقتهم مع إيران، بعد نهب السفارة السعودية في طهران، كرد على إعدام الشيخ نمر باقر النمر في يناير”.
وأضاف: “في حالة سوريا، فإن القيادة في الجزائر تنظر للصراع بنظرة فريدة، فمثل مصر وليبيا وسوريا، فإن الجزائر لديها تاريخ من حبس وقتل وتعذيب أعضاء من الجماعات الإسلامية، خوفاً من ظهور جماعات سنية مشابهة للتي تسببت في مشهد دموي في الجزائر في التسعينات، فإن الجزائر ليس لديها أي اهتمام لدعم جهود الرياض والدوحة في محاربة النظام الحالي، أما اليوم فإن الجزائر والتي ليس لديها مواطنين من الشيعة، لكنها تتمتع بعلاقات إيجابية مع إيران، تنتظر تهديدًا عظيمًا من الجماعات الإسلامية السنية المتطرفة، أكثر من إيران وحلفائها في العالم العربي، ولم تعتبر الجزائر مثل العديد من الدول العربية، حزب الله اللبناني كمنظمة إرهابية”.
جسر دبلوماسي
وقال الموقع ونقله للعربية شبكة يمن مونيتور: “على الرغم من عدم احتمالية انضمامها للحملة العسكرية ضد متمردي الحوثيين، فإن الجزائر يمكنها إثبات فائدتها من خلال التوسط بين مجلس التعاون الخليجي وإيران، كلما ارتفعت التوترات بين الرياض وطهران، فإنهما لن يغيرا مجرى الأحداث في اليمن أو العراق أو سوريا.. استمرار شن السعودية وإيران الحروب نيابة عن أطراف أخرى، سيتيح للجماعات المتطرفة الاستمرار في استغلال هذه التوترات”.
وتابع: “الخوف المشترك بين الجزائر ومجلس التعاون الخليجي وإيران من تهديدات الجماعات الإرهابية، سيتيح للسعودية وقطر الوصول للجزائر بطرق مختلفة، لعلمهما أن هذا من مصلحتهما، فبدلا من وجود عسكري للجزائر في اليمن، فإن دول الخليج يمكنها اعتبار الجزائر كوسيط في المنطقة”.
في يناير2015م، بعد اندلاع خلاف دبلوماسي سعودي إيراني، فان وزير الخارجية الجزائري قال” تحث الجزائر القيادة السياسية في كلا البلدين على ضبط النفس، لتجنب المزيد من تدهور الوضع والذي سيكون له عواقب سلبية خطيرة على المستويات الثنائية وعلى مستوى المنطقة”.
كعضو في جامعة الدول العربية، وشريك لإيران، فإن الجزائر يمكنها استخدام حيادها في الصراع الجيوطائفي ن السعودي، لمساعده إيران والسعودية لبدء حوار ضروري، بهدف خفض التوتر بين البلدين وبين السنة والشيعة، وإيجاد حل لأزمات المنطقة.
واختتم الموقع بالقول: “من المستبعد اشتراك الجزائر في عمليات عسكرية دموية لا نهاية لها، والتى توجد في الجزء الجنوبي الغربي من شبه الجزيرة العربية، لذلك فإنه من الأفضل للسعوديين والقطريين، التعامل مع الجزائر كجسر دبلوماسي، بين مجلس التعاون الخليجي وإيران”.
المصدر الرئيس
Algeria in Yemen: Combatant or Mediator?