ليس هناك أخطر في المعركة التي تدور رحاها في اليمن، من هذا التباين الفادح في مواقف التحالف العربي إزاء الخطة التي طرحها المبعوث الأممي إلى اليمن على الحكومة اليمنية وعلى أطراف طهران في صنعاء. ليس هناك أخطر في المعركة التي تدور رحاها في اليمن، من هذا التباين الفادح في مواقف التحالف العربي إزاء الخطة التي طرحها المبعوث الأممي إلى اليمن على الحكومة اليمنية وعلى أطراف طهران في صنعاء.
لا يمكن القول إنه من السابق لأوانه الحديث عن تآكل الكتلة الصلبة في التحالف، والتي تتكون المملكة العربية السعودية قائدة التحالف والإمارات العربية المتحدة القوة الثانية فيه.
وهو تآكل ليس ناجماً عن ضعف وإنما عن الأيديولوجيا، التي دفعت بأحد طرفي التحالف إلى مباركة الخطة التي ستطيح أول من تطيح بالحكومة الشرعية نفسها، التي دعت التحالف إلى التدخل في الشأن اليمني.
لا يمكن للإمارات أن تضع يدها بثقة على الجنوب، إذا كانت قد قررت بالفعل أن تجري ترتيبات مستقلة لوضع هذا الجزء من اليمن، وهي مطمئنة إلى أن الحوثيين ومعهم المخلوع صالح يمكن أن يتوقفا عند حدود الجمهورية العربية اليمنية، ولن يتطلعا للعودة إلى المحافظات الجنوبية، لأن إيران لا يحد طموحها الجيوسياسي طموح وهؤلاء أصبحوا اليوم أدوات رخيصة بيد إيران.
إن نقاط الالتقاء بين الحراك الذي تعتمد عليه الإمارات وبين الحوثيين وحليفهم صالح أكبر بكثير من نقاط الالتقاء بين أنصار الشرعية والحراك داخل المحافظات الجنوبية نفسها.
فالخلاف بين أنصار الشرعية والحراك عميقة جداً وقد تأسست بذور الصراع بينهما هناك في الضاحية الجنوبية حيث جرى تدريب جيوش من العسكريين والإعلاميين والناشطين والسياسيين الجنوبيين، ومع هذه التدريب تم بناء عقيدة سياسية مشوهة تتضمن تكريس فكرة الهوية الشوفينية الجديدة للجنوب باعتبارها فكرة نقيضة لليمن، ولكن ليس كل اليمن بل مكونات سياسية وجغرافية بعينها في ذلك اليمن الذي أصبح بعيداً أبعد بكثير من طهران والضاحية الجنوبية ومران.
ليس الجنوب فقط هو الذي سيُستهدف إذا تمكن الحوثيون وحليفهم صالح من تصفية التجمع اليمني للإصلاح وكتلة المقاومة الوطنية، وهو هدف يتقاطع مع ما تريده الإمارات في هذه المرحلة، ولكن أيضاً الإمارات نفسها ستكون هي الهدف المقبل، لأن إيران هي التي تصيغ الأهداف وهي التي تنظر إلى بلدان الخليج على أنها تجمعات لـ”العربان”، كما يردد العرب الموالون لإيران للأسف الشديد.
حتى هذه اللحظة لا تستطيع الخطة الأممية أن تضمن ولو بنسبة 1 بالمائة قيام دولة المواطنة في اليمن، لأن هذه الخطة تقوم على مبدأ معاقبة الدولة ومكافأة الميلشيا.
هذه المكافأة تعني بوضوح استمرار نفوذ الميلشيا كعصابة مسلحة مطلقة الصلاحيات، وصاحبة نصيب وافر من الهيمنة على القرار السياسي والاقتصادي.
يمكن لهذا السيناريو الأسود ألا يرى النور إذا أجرى التحالف العربي مراجعة حقيقية لمواقفه ودوره في اليمن وتساءل بهدوء عما إذا كان تدخله في اليمن قد جاء أصلاً للإطاحة بالسلطة الشرعية أم لمنع خطر الميلشيا وإنهاء سيطرتها على الدولة ومنع إيران من السيطرة على اليمن.
مشكلتنا اليوم ليس مع الحوثيين وصالح، بل مع التحالف نفسه الذي يتصرف ضد مصالحه قبل مصالح اليمن.
أقول ذلك وأنا أشاهد بأم العين كل الإمكانيات اللازمة لهزيمة الانقلابيين متاحة ولكن لا يراد أن تصل هذه الإمكانيات إلى أيدي الرجال المقاتلين، بل أن جزء من هذه القوة تتبرص، للأسف الشديد، بالمقاومة وبالجيش الوطني وبمشروع الدولة الاتحادية.