انطلق الصاروخ “البالستي” باتجاه منطقة مكة وكان يَعرف الحوثيون حتمية تدميره في الجو، إذ أن فارق الحداثة في السلاح تفرض هذا الحقيقة، لكن ما هو غير واضح الهدف من إطلاق صاروخ من هذا النوع منذ بداية الحرب.
انطلق الصاروخ “البالستي” باتجاه منطقة مكة وكان يَعرف الحوثيون حتمية تدميره في الجو، إذ أن فارق الحداثة في السلاح تفرض هذا الحقيقة، لكن ما هو غير واضح الهدف من إطلاق صاروخ من هذا النوع منذ بداية الحرب.
المعروف أنها هذا الصاروخ ليس أول مرة ولكن سبق وأن سقط صاروخ في مدينة الطائف قبل أسابيع التي لا تبعد عن مكة سوى 70 كيلو وهو ضمن 35 صاروخاً بالستياً سقط في مناطق حدودية منذ بداية الحرب بحسب تقارير رسمية سعودية.
من الواضح أن الحوثيين لم يكونوا عن قصد يريدون استهداف مكة المكرمة لأن هذا ضرب من الجنون، إذ سيقلب العالم الإسلامي عليهم ودفنهم أحياء في جبال مران، وهذا تدركه حتى طهران نفسها، ولكن لأن الطائف وجدة قريبه من مكة وتقع في نطاقها فهو ما دفع بثورة استنكار إسلامي وعربي.
لكن ما هو عملي، أن استخدام هذه الصواريخ ليس للدفع بالحل السياسي كما يتجه البعض والضغط على المملكة.هذه نظرية واقعية لمن يبحث في عقلية طهران، إذ لا مصلحة لها بقاء اليمن صفرية المشاكل مع السعودية ما دام وهي قد فقدت سوريا كدولة ما قبل الثورة.
هذه الحقيقة العملية، ربما هي ما جعل السعودية تتعامل بارتخاء مع خارطة ولد الشيخ الأخيرة، وإنهاء الحرب في اليمن حتى لا تكون “برمودا” لاستنزافها كما تُريد إيران وإشغالها عن التحديق في سوريا.
أما الإمارات فقد بدى واضحاً أنها تدفع بقوة مع هذه الخارطة كما جاء في أول تعليق لوزير الدولة أنور قرقاش.
بقية دول الخليج يبدو أنها لا يهمها كثيراً الحرب في اليمن لأنها قد تبدو بينها وبين اليمن مسافات شاسعة جغرافياً،ولا يوجد حدود كالسعودية، ولذلك تدفع بأي تسوية مع الحوثيين.
هذه النظرة تأتي مدركة بلؤم أمريكيا والغرب والروس على المشروع السُني في العراق وسوريا ومصر الأمر الذي دفعهم للقبول بحلول في اليمن حتى وإن كانت ترقيعية،لا سيما بعد مرور تسعة عشر شهراً من الحرب دون تقدم متسارع بالتزامن مع زيادة تدفق الأسلحة من إيران للحوثيين واستهدافها للبواخر في باب المندب وقطعها، مؤخراً، 170 كيلو باتجاه مناطق مكة.
الخطير في الأمر، أن تقتنع بعض دول التحالف بأن الحوثيين ستفضي معهم المعاهدات والاتفاقيات إلى نتيجة مفادها عدم اقتراب الحوثيين نحو الجنوب باعتبار أن تواجدهم ومصلحتهم فيه أكثر أهمية من المناطق الشمالية، وأما السعودية فستنهي مع الحوثيين المشاكل بمعاهدات دولية تنهي خطر الصواريخ الباليستية فيما تترك المناطق الشمالية تواجه مصير النزاعات الأهلية التي لا تتشضى إلى ما بعد الحدود.
على هذا النحو من التفكير،كان سيتناسب مع الحوثيين إذا ما كانوا كعقلية الإمامة التي اقتصرت على التسلط الداخلي وعدم التفكير بالتوسع إلى ما بعد الحدود ولكنهم مزيج من الإمامة كمنهج ومن ثقافة فكرية خمينية توسعية ستقاتل إلى يوم القيامة ضد خصومهم كما أعلن عبدالملك الحوثي.
ومن الصعب أن تتخلى الجماعة بعلاقتها مع إيران بعد أن زرع مؤسسها حسين الحوثي ثقافة الانشداه لثورة الخميني. الخميني الذي قال في اتفاقية إنهاء حرب العراق قال قبلناها كمن يتجرع سُماَ، لكن بعد أربعة عشر عاماً من التخطيط دخلوا بغداد.
وفضلاً عن ذلك، أياً تكن خارطة الاتفاق مع الحوثيين لغرض وقف الحرب إلاّ أن السعودية عليها أن تدرك أن “البالستي” الذي انطلق من صعدة إلى مكة أو جدة لم يحمل باروداً ولكن حمل مشروعاً إيرانياً ورغبتها في الوصول إلى مكة والمدينة، وهذا لا يستوجب من العالم الإسلامي والعربي التنديد فقط بل يتوجب الاستنفار ومن السعودية التخطيط من جديد.