السينما اليمنية: لا شيء مستحيل
لأول مرة في تاريخ البلاد، يشارك فيلم يمني في مسابقة جوائز الأوسكار على جائزة أفضل فيلم بلغة أجنبية، وقد تم الإعلان الأسبوع الماضي بأن هذا الفيلم الدرامي “أنا نجوم، مطلقة بعمر 10 سنوات”، من ضمن 85 فيلمًا آخر يتنافسون على الجائزة.
كتبته: أفراح ناصر لـالجزيرة الإنجليزية، وترجمة نون بوست
لأول مرة في تاريخ البلاد، يشارك فيلم يمني في مسابقة جوائز الأوسكار على جائزة أفضل فيلم بلغة أجنبية، وقد تم الإعلان الأسبوع الماضي بأن هذا الفيلم الدرامي “أنا نجوم، مطلقة بعمر 10 سنوات”، من ضمن 85 فيلمًا آخر يتنافسون على الجائزة.
وفي مكالمة هاتفية لقناة الجزيرة مع خديجة السلامي مخرجة الفيلم، قالت “أنا سعيدة جدًا لسماع ذلك، رغم أنني ليس لدي أي توقعات على الإطلاق، إنها منافسة قوية، لكن دعونا نأمل أن تلك الأخبار على الأقل تعطي بعض الإيجابية لليمن الذي مزقته الحرب، وتشجع صناع السينما من الشباب على الأحلام الكبيرة”.
بدأ تصوير الفيلم عام 2013 قبل الحرب الجارية في اليمن، وتم الانتهاء منه وعرضه عام 2014، ويعد الفيلم أول فيلم روائي طويل لسلامي، وكانت قد قدمت سابقًًا 25 فيلمًا وثائقيًا عن اليمن، مع التركيز الشديد على قضايا المرأة.
كتبت سلامي الفيلم وأخرجته، وهو مستوحى من تجربتها الشخصية، حيث تم إجبارها على الزواج بعمر 11 عامًا، الأمر الذي أدى إلى محاولتها الانتحار ثم انتهى بالطلاق، ومستوحى أيضًا من قصة أصغر مطلقة في اليمن: نجود علي.
تقول سلامي عن فيلمها – الذي حصل على 18 جائزة عالمية -: “إيماني بأهمية تمكين المرأة وتطبيق قانون يجرم تلك الممارسات، هو ما قادني لكتابة هذا الفيلم، لكن بالأساس كان مهمًا لي أن أروي قصة تقوم على خليط من قصتي وقصة نجود والعديد من قصص الفتيات الأخريات اللاتي عانين من هذا الأمر، عندما كنت في جولة حول العالم لترويج الفيلم، كان فهمي الأساسي لقضية زواج الأطفال كمشكلة عالمية تتأكد لدي باستمرار”.
تشير أحدث الإحصاءات الرسمية إلى أن أكثر من 50% من الفتيات في اليمن يتزوجن قبل عمر الـ 18، ولا يوجد قانون يمنع ذلك، كما أن المشكلة تتجاوز الحدود اليمنية، حيث تقول سلامي “هناك 15 مليون طفلة يتزوجن كل عام في جميع أنحاء العالم، وهذا الفيلم موجه للفتيات من جميع أنحاء العالم”.
من المفارقات أن الفيلم يتصدر عناوين الصحف الرئيسية في وقت تلاشت فيه السينما اليمنية إلى حد كبير.
مرت الثقافة السينمائية في البلاد بعدة مراحل منذ أوائل القرن العشرين، ففي عام 1910 بدأ رواد السينما يتوافدون على العروض السينمائية المتنقلة في عدن، وبعدها بسنوات بدأ عرض أفلام بوليوود في قاعات السينما بالمدينة، وفي السبعينات أصبح المشهد السينمائي أكثر قوة مع ظهور 50 قاعة سينما جديدة في عدن، مع وجود قاعات في صنعاء، وجميعهم يعرضون الأفلام العربية والغربية.
تقول الناقدة الفنية أحلام محمد: “في منتصف السبعينات، كان لرئيس شمال اليمن رؤية لتطوير المشهد الفني كجزء من استراتيجية بناء الأمة”، وقد بلغ المشهد السينمائي ذروته بعد إعادة توحيد شمال اليمن وجنوبها عام 1990، وفي الأعوام التي تلت ذلك، تم افتتاح العديد من صالات السينما في المدن الكبرى، وكانت تعرض الأفلام الأجنبية والمحلية أيضًا.
وتضيف أحلام “بالرغم من أن بداية التسعينات كانت تتميز بالصراعات، إلا أن توحيد الشمال والجنوب ساهم في ترسيخ الثقافة السينمائية في السنوات المقبلة”، وأشارت إلى أن وزارة الثقافة اليمنية قدمت الدعم لصناع السينما، خاصة لهؤلاء الذين يوجهون رسالة لمكافحة الإرهاب.
لكن هذا النمو لم يدم لفترة طويلة، فقد أدت المشاكل الاقتصادية إلى تراجع السينما في قائمة أولويات الحكومة، كما أدى صعود القوى المحافظة إلى كبح المزيد من نمو السينما.
يقول الممثل عدنان الخضر، أحد أعضاء طاقم فيلم أنا نجوم: “عندما كنا نطلب – نحن الممثلين وصناع الأفلام – دعمًا من الحكومة، كان مسؤولو الحكومة يقولون بوضوح إن الوقت ليس مناسبًا لدعم الأفلام، وإن لديهم قضايا أهم من ذلك، إننا نواجه مشكلة رهيبة في دعم السينما سواء في الشمال أو الجنوب”.
في وسط هذه الأجواء، اندلعت ثورة اليمن عام 2011، لتقدم بارقة أمل لصناع السينما، تقول المخرجة سارة إسحاق “تمثل الثورة لحظة من الشجاعة للعديد من صناع السينما اليمنيين، حيث أصبح لأصواتهم قيمة، فقد حازت اليمن على اهتمام كبير خلال الربيع العربي، وقد كنت وما زلت معجبة بصعود الفن والسينما في أعقاب الثورة”.
كانت سارة قد قامت بإخراج أول فيلم يمني يحوز على ترشيح لجائزة الأوسكار، وهو الفيلم الوثائقي “ليس للكرامة جدران”، والذي تمت صناعته في أثناء الثورة.
في الوقت نفسه، تقول سلامي إنها بذلت جهودًا كبيرة لضمان مشاهدة جميع سكان اليمن للفيلم، وذلك بتنظيم عروض في المنتديات المحلية والمراكز المجتمعية، وقد واجه الفيلم انتقادات كثيرة، بأنه يقدم صورة نمطية عن اليمن ويستغل قضية زواج الأطفال لإرضاء الجمهور الغربي، وهو ما نفته سلامي بشدة.
وتقول سلامي “إن النقاش ليس فقط عن عدم وجود قانون ضد زواج الأطفال حتى الآن، لكنه يعكس أيضًا وضع حقوق المرأة في المجتمع اليمني”، وبينما تبدأ سلامي في التفكير في مشروعها القادم – قصة حب تأمل أن يتم تصويرها في اليمن بمجرد أن تنهي الحرب – فهي تقول إنها متفائلة بشأن المستقبل، وأضافت “لا شيء مستحيل، إذا وضعت قلبك في شيء ما، فحدودك السماء”.
المصدر الرئيس
Cinema in Yemen: Nothing is impossible