الجوع.. من كنا ندلل أصحابه بلفظ الفقراء والمحتاجين ونضع حول اللفظ قوسين كحماية مما يلحق بنا من خزي وحرج, الجوع من يزحف كالظلام ولكن بصمت دون ضجيج احتجاج. الجوع.. من كنا ندلل أصحابه بلفظ الفقراء والمحتاجين ونضع حول اللفظ قوسين كحماية مما يلحق بنا من خزي وحرج, الجوع من يزحف كالظلام ولكن بصمت دون ضجيج احتجاج.
يعري البطون الخاوية كما يعري الضمائر المرتخية.
يتسلل تدريجياً حتى يقيم مملكة المجاعة على انقاض الكرامة والحرية، فالجوع أيسر الطرق للاستعباد والخذلان.
الشيء المثير للدهشة هي تلك السكرة من الذهول التي تغشى وجوه الناس لوصولنا لهذه الحالة السريرية؛ كأن الحرب هي الموت الذي جعل حمى الجوع مقبولة مسكوت عنها.
نظرات الناس تلهث بصوت مسموع تصدم الجماد والأحياء، ولا تصل لأموات السياسة ذوي الكروش المستديرة والطاولات المستديرة وحلقة مشاكلنا المستديرة بلا خط نهاية.
الساسة الذين لا يعرفون الحاجة أو العجز أمام متطلبات الحياة لأسر أفقدها غياب فتات المرتبات حسها الثوري وغيرتها المكبوتة, وتطلعت بعيون الرجاء لحل سلمي لإنقاذ ما يمكن انقاذه في حين يماطل هؤلاء الساسة في منع أبسط حق لهذا الشعب الذي تنازعته سلطتان كل تبحث لها عن موطئ قدم على ظهر الشعب المثقل.
ذل الحاجة يغزو كل بيت ويهتك ستر الكفاف الذي يعيشه غالبية الشعب بصبر واحتساب، تقديراً من المواطن لأزمة الوطن.
يتساءل الناس عما يجول في أذهان هؤلاء الذين نصبوا أنفسهم حكام واستولوا على دولة بكل مواردها ولم يكتفوا بل سعوا لما في جيوب البسطاء من ريالات قليلة !
ماذا تقول لهم عقولهم المتعفنة عن معاناة هذا الشعب الذي هم مسؤول عنه كحكام، وإلى متى تجتمع الحرب والجوع كمحراثِ من معاناة على ظهر اليمنيين.
الآن وبكل أسف ومع انقطاع المرتبات لأكثر من شهر انكفأت عائلات على بؤسها لا تشكو فاقتها إلا إلى الله، قد سدت السبل في وجهها فهناك من لا دخل له سوى راتبه.
والدولتان الراعيتان لمأساة هذا الشعب تتفرجان ما دامت البطون ممتلئة والعقول فارغة من محتواها.
لكننا لا نظن أن صبر الشعب يطول فأعظم الثورات وأصدقها ما كانت ثورة جياع تكتسح الظلم والفساد واللصوص.