مركز دراسات.. تهديدات الحوثيين للسعودية تشكل واقعًا دائمًا بطابع استراتيجي
يمن مونيتور/ إسطنبول/ خاص:
اعتبرت دراسة حديثة أن جماعة الحوثي، التي تسيطر على أجزاء من اليمن، واحدة من أبرز التهديدات الأمنية الاستراتيجية للمملكة العربية السعودية. يتجلى هذا التهديد في شكل هجمات عسكرية متكررة، تستند إلى خلفيات تاريخية ودينية معقدة.
وخلصت الدراسة كتبها الباحث أنور بن قاسم الخضري، ونشرها مركز المخا للدراسات الاستراتيجية يوم الاثنين، إلى أن تهديدات الحوثيين للسعودية تشكل واقعًا دائمًا، يمتاز بطابع إستراتيجي. تحتاج المملكة إلى تعزيز قدراتها الأمنية لمواجهة هذه التهديدات، خاصة في ظل التوترات الإقليمية المستمرة. إن فهم هذه الديناميكيات أمر حيوي لضمان استقرار المنطقة وأمنها.
وتشير إلى أن جماعة الحوثي نشأت في سياق تاريخي مليء بالصراعات المذهبية، حيث يمثل الحوثيون المذهب الزيدي، الذي يعتقد الحوثيون أنه تعرض للتهميش في ظل دعم السعودية للأنظمة السنية. هذا الخلاف المذهبي، بالإضافة إلى التنافس الإقليمي بين السعودية وإيران، شكل أساسًا للصراع القائم.
وتقدم الدراسة رؤية تاريخية لطبيعة الصراع والتهديد الحوثي للمملكة العربية السعودية، فمنذ عام 1990، شهدت التهديدات الحوثية للسعودية تصاعدًا ملحوظًا، خاصة بعد الحرب التي اندلعت في اليمن عام 2015. استغل الحوثيون هذه الحرب لتعزيز قدراتهم العسكرية، بدعم إيراني مستمر، مما زاد من مخاطر الهجمات على الأراضي السعودية.
ولفت إلى أن هناك عدة عوامل تساهم في تنفيذ الحوثيين لهجماتهم، من بينها: الموقع الجغرافي مع قرب مناطق سيطرة الحوثيين من الحدود السعودية يسهل تنفيذ الهجمات. والمخزون العسكري حيث استولى الحوثيون على أسلحة ضخمة خلال النزاع اليمني بينها مخزونات السلاح في عهد علي عبدالله صالح.
وتشير إلى العامل المرتبط بالدعم الإيراني المستمر لجماعة الحوثي “بالأسلحة المختلفة، منذ عام 2014م، عبر خطوط تهريب بحرية واسعة، ومِن منافذ مختلفة”. كما أنها تساند الحوثيين بالخبرات والكفاءات العسكرية التي تساعدهم في إطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة وفي تحديد الأهداف والمصالح السعودية المستهدفة. ومعلوم أن لإيران صلاتها وتحالفاتها مع المعسكر الشرقي، على مستوى روسيا والصين، وهذا يمنحها قدرات عسكرية وتقنية مختلفة.
ولفتت الدراسة إلى أن السعودية باتت المليشيات الشيعية والجماعات الطائفية المسلحة في الشمال (العراق) والجنوب (اليمن)، وهذا يشتت قدراتها في الاستجابة للتهديدات التي يمكن أن تطلقها تلك الكيانات على أراضيها ومصالحها الإستراتيجية ومجمعاتها السكنية ومنشآتها المدنية. وهناك تبادل في الأدوار بين هذه الكيانات والمليشيا في تبني الهجمات بما يتوه الانتباه السعودي عن الفاعل الحقيق ومصدر الخطر.
كما أن تعد جماعة الحوثي فاعلًا دون الدولة، ومِن ثم فهي متحررة بالالتزامات الدستورية والقانونية والمعاهدات الموقعة بين اليمن والسعودية، أو اليمن والإقليم عمومًا، بشكل ثنائي أو جمعي. هذا الواقع يمنحها القيام بعمليات خارج القانون والإضرار بالمصالح السعودية، خصوصًا في ظل اعتبار هذه العمليات “دفاعًا عن النفس”-كما تشير الدراسة.
ولفتت الدراسة إلى أنه لم يتم تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية، حيث لا تزال الحكومات الغربية تتعامل مع جماعة الحوثي كمكون اجتماعي يمني، وطرف سياسي، وأقلية دينية مضطهدة، وتصنيفها كجماعة “إرهابية” جرى في الإطار الإقليمي فقط، أما أمريكيا فقد تراجعت إدارة الرئيس “جو بايدن” عن تصنيف إدارة الرئيس السابق “دونالد ترامب” آخر أيامها للجماعة بأنها “إرهابية” ، وعادت لتصنيفها “إرهابية” عندما انخرطت في حرب غزة، دعمًا لحركات المقاومة الفلسطينية، عبر الهجوم على إسرائيل وتهديد الملاحة الدولية ؛ في حين لم تقم بهذا الإجراء رغم تهديد وإضرار الجماعة لدول الإقليم والشعب اليمني ذاته.
وخلصت الدراسة إلى أن “تهديد جماعة الحوثي للسعودية تهديد دائم وإستراتيجي، فالجماعة محملة بالأحقاد المذهبية والطائفية والتاريخية، ومنخرطة في تحالف إقليمي وتوظيفات دولية تمنحها القوة والقدرة على البقاء كقوة عسكرية مهيمنة على شمال اليمن، معززة بموارد الدولة والمجتمع، وبالمخزون البشري الضخم الذي يتيح لها في ظل استفرادها بالسلطة توظيفه في حروبها المذهبية والسياسية؛ فضلًا عن المجالات المفتوحة -البرية والبحرية والجوية- التي قد تمكنها مِن بناء ترسانة أسلحة خطرة يمكن لها تهديد العمق الخليجي في مصالحه الإستراتيجية والاقتصادية، وفي بناه الخدمية والسكنية”.
واختتمت بالقول إذا “أغفلت السعودية ودول الخليج خطر جماعة الحوثي على وجودها ومصالحها، تحت ضغوط دولية، أو اغترارًا بالسلوك البراغماتي الذي تبديه الجماعة في التعامل مع السعودية، في ظل تنامي الرفض الشعبي والحزبي والسياسي لها داخليا، فإنه قد تصطدم بمخاطر أعظم مِن تلك التي بدت عام 2014م، خصوصًا إذا تمكنت إيران مِن تجاوز العقوبات الدولية، وقطعت شوطًا مغايرًا في برنامجها النووي بحيث تفاجئ العالم بامتلاكها سلاحًا نوويا؛ لذا فعلى صانع القرار السعودي أن يعيد قراءته للمشهد اليمني وتقييمه لخطورة جماعة الحوثي في ضوء معطيات الواقع والخبرة والتجربة اليمنية والسعودية، وأن يشرك الأطراف اليمنية المعنية بالقضية الوطنية في أي خطة متبعة تجاه السلام في اليمن، خصوصًا إذا تجاوز مقررات مجلس الأمن، والمرجعيات الثلاث، وإرادة الشعب اليمني”.