الصراع في البحر الأحمر كبعد آخر لحرب اليمن
يتخوف مراقبون من نقل الصراع إلى البحر وتوسيع دائرته، في بلد ترزح تحت وطأة الحرب منذ عامين. يمن مونيتور/ صنعاء/ وحدة التقارير:
للمرة الثالثة، في غضون أسبوع، تعرضت مدمرة أمريكية قرب المياه الاقليمية اليمنية لاستهداف صاروخي جديد، بعد استهدافين سابقين من مناطق يمنية واقعة تحت سيطرة مسلحي الحوثي، ردت عليهما القوات الأمريكية بقصف مواقع للرادارات في السواحل اليمنية الغربية.
في حين يزيد الاعتداء الأخير من حدة التوتر في المياه الإقليمية اليمنية، التي تشهد تحشيداً متعدداً، كما يضع الحوثيين في مواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة الأمريكية، التي حرصت منذ البداية تجنيب نفسها الحرب مع الحوثيين الذين لم تر فيهم أي خطورة عليها، معتبرةً إياهم قوة محلية، مقللةً من شأن تواصلهم مع إيران.
وقالت قناة NBC الأمريكية، في وقت متأخر من مساء أمس السبت، نقلاً عن مسؤولين أمريكيين، إن المدمرة الأمريكية “يو إس إس ميسون” تعرضت لاستهداف صاروخي جديد قرب المياه الاقليمية اليمنية.
ونقلت الشبكة عن مسؤولين أمريكيين إن المدمرة الأمريكية المذكورة تعرضت لإطلاق صاروخ واحد على الأقل إلا أن المضادات التي أطلقتها المدمرة اعترضتها ولم تصب بأذى، مشيرةً إلى أن المدمرة نفسها كانت تعرضت إلى الاستهداف بالصواريخ من مناطق واقعة تحت سيطرة المتمردين الحوثيين لمرتين سابقتين (8 و 12 أكتوبر)، الأمر الذي دفع بقوات البحرية الأمريكية إلى الرد، الخميس الماضي، بإطلاق صواريخ كروز حطمت ثلاثة مواقع رادارات.
ودخلت المدمرة “مايسون” الخدمة في القوات البحرية الأمريكية لأول مرة عام 2001، وهي مزودة بنظام دفاعي من نوع “إيدجيس”، ويمكنها حمل 74 صاروخا، بما فيها الصواريخ المجنحة.
وكانت أمريكا قد اتهمت جماعة الحوثي بالوقوف وراء استهداف المدمرة إلا أن الجماعة نفت بشكل متكرر مسؤوليتها عن الاستهداف، ومع ذلك فقد وجهت القوات العسكرية الأمريكية ضربةً استهدفت فيها رادارات في السواحل الغربية اليمنية، تابعة للحوثيين وقوات صالح.
وأعلنت الولايات المتحدة، مساء الخميس الفائت، أعلنت أنها مستعدة لتوجيه ضربات جديدة ضد الحوثيين في اليمن، اذا واصلوا هجماتهم ضد السفن الأميركية قبالة سواحل البلاد، وفقا لمسؤولين أميركيين، في حين قال مسؤول في وزارة الدفاع “يجب أن يتوقفوا، لن نتردد في توجيه ضربات جديدة” إذا لزم الامر.
وكان الحوثيون قد وصفوا الهجوم على الرد الأمريكي بـ”الاستفزاز الذي لن يكون في صالح أمن واستقرار الملاحة الدولية”، كما حمّلوا التحالف وأمريكا أي توتر قد يحدث في المنطقة، وتحويلها إلى “منطقة عسكرية”. متهمينها باتخاذ الذرائع للتدخل المباشر والسيطرة على باب المندب، وساحل الحديدة.
وتضع هذه التطورات الحوثيين في مواجهة مباشرة مع أمريكا، كما يشير تكرار الاستهداف الصاروخي للمدمرة الأمريكية، إلى إصرار الحوثيين على استفزاز الولايات المتحدة الأمريكية، وهو ما يمكن قراءته على خلفية تهديدات الحوثيين للسفن التي تعبر البحر الأحمر، بأخذ الإذن منها، وهو التهديد الذي عقبه استهداف الحوثيين للسفينة الإماراتية، ومن ثم الاستهدافيين التاليين للمدمرة الأمريكية.
وتزيد التطورات المتسارعة في البحر الأحمر من حدة التوتر في المياه الإقليمية اليمنية، وخطوط الملاحة الدولية في باب المندب. خصوصاً مع وجود اتهامات أمريكية للنظام الإيراني بأنه من وفر على الأرجح” الصواريخ للحوثيين لمهاجمة المدمرة الأمريكية “يو إس إس ميسون” في البحر الأحمر. كما جاء على لسان السيناتور الجمهوري جون ماكين رئيس لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ الأمريكي.
وعقب الهجمات الأمريكية على المواقع الرادارية في السواحل اليمنية الغربية، قالت طهران إنها أرسلت سفينتين حربيتين (وهما المدمرة “ألوند” وسفينة الإسناد “بوشهر”)، إلى خليج عدن لحماية السفن التجارية، وذلك بعد التصعيد الأخير بالمنطقة إثر تعرض مدمرة أمريكية للقصف والغارات الأمريكية على الحوثيين.
ويشكل ذلك، بحسب مراقبين، منعطفا خطيرا في تطورات الحرب الدائرة في اليمن؛ خصوصاً مع تراجع فرص الحل السياسي، ما يؤهل الوضع في جنوب البحر الأحمر، لفرض نفسه كبعد آخر للحرب ومؤشرا على خطورة استمرارها.
ويحتل باب المندب أهمية استراتيجية كبرى للدول المصدرة للنفط والبضائع، التي تتدفق من دول شرق اسيا وإليها، ومن شأن التوتر فيه أن يضاعف تكلفة نقل النفط اليومية، ويكبد الاقتصاد العالمي خسائر فادحة، وقد ينقل الحرب في اليمن إلى التدويل. خصوصاً مع وجود صراع نفوذ أمريكي، روسي_صيني، حول كل من سوريا وأوكرانيا وجنوب بحر الصين، ومضيق هرمز، ما يرشح باب المندب الانضمام إلى خارطة صراع النفوذ.