لأول مرة تُعلن أمريكا استهداف مناطق للحوثيين، وهو فعلاً كان سابقة من نوعه، إذ أن الطيران الامريكي طيلة ما يقارب العامين من الحرب لم يكن يتواجد إلا بجانبهم وفي الجبهات التي يكون الحوثيون فيها بحالة ضعف. لأول مرة تُعلن أمريكا استهداف مناطق للحوثيين، وهو فعلاً كان سابقة من نوعه، إذ أن الطيران الامريكي طيلة ما يقارب العامين من الحرب لم يكن يتواجد إلا بجانبهم وفي الجبهات التي يكون الحوثيون فيها بحالة ضعف.
قالت أمريكا إن بارجة تابعة لها في خليج عدن تعرضت لمحاولة استهداف في وقت نفى الحوثيون صلتهم بالحدث، ومرة أخرى تعلن الدفاع الأمريكية عن محاولة استهداف ثم ينفي الحوثيون مرة ثانية بأكثر سرعة في تأريخ سياسة الجماعة.
ولأن أمريكا والحوثيين ما بين تأكيد ونفي فإن الأمر لا يخرج عن مجرد رسائل سياسية في الدرجة الأولى وغرضها كالتي:
في حال أن استهداف البارجتين كان صحيحاً فلا يمكن للحوثيين أن يتجهوا نحو استفزاز أمريكا إلا في حال سبقه تنسيق مع إيران وقبلها روسيا، فروسيا هي الدولة التي تقع على خط تماس مع أمريكا في سوريا وفي قضايا الهيمنة.
وغرض روسيا وإيران هو استفزاز أمريكا، وحين ترد أمريكا بشكل مباشر على الأراضي اليمنية فهذا يعني أنها فتحت ثقباً في جدار الرغبة الروسية الايرانية لتدويل الملف اليمني من جهة الساحل الغربي والذي يمر عبره أكثر من أربعة ملايين برميل نفطي يومياً.
السؤال كيف يتم تدويل الملف اليمني؟
أطلق الحوثيون صواريخ نحو البارجة الأمريكية وربما كان الغرض ليس استهدافها بقدر ما تصل تلك الصواريخ إلى محيط تلك السفينة. من جانبها ردت البوارج الأمريكية على مناطق جنوب الحديدة، فأعقبه تحرك إيران ودفعها ببارجتين إلى خليج عدن لحماية سفنها.
كان تحركات إيران سريعة، وقبلها كانت تحشد أكثر من أربعين سفينة تتواجد منذ مطلع هذا الشهر في المياه اليمنية في اختراق واضح لحدودها كما أكد ذلك الوزير فهد كافين.
وحين يصبح خليج عدن مليء بالقطع الحربية والحديث عن مصالح دول يتجه الحديث عن الحلول، وهو ما يجعل المساومات تطرح بقوة بين سوريا واليمن، لا سيما بعد أن شهد توافق الروس والأمريكان في سوريا تصدعاً خلال الفترة الاخيرة.
وفي حال أنه لم يحدث أي استهداف للبارجة الامريكية فهذا معناه أن الحدث اختلقته أمريكا لغرض وتوجه جديد في علاقتها بالحرب في اليمن.
أمريكا تعيش حالة توتر في علاقتها مع السعودية، لكنها بالطبع لا تنتهي إلى فكاك علاقة البلدين كما يضخم ذلك خصوم السعودية والمراهنة عليه.
هذا المعطى يقود إلى نتيجة وهي أن أمريكا تريد أن تتخفف من دعمها لعمليات التحالف باليمن.
وحين تقول أمريكا أنها تعرضت سفنها لصواريخ الحوثيين معناه أن التحالف عجز عن حماية الملاحة الدولية بعد عام ونصف العام من الحرب والتي تكفل التحالف بحماية باب المندب وهذا ما يستدعي الاجهاز على هذه الحرب والقبول بالحل السياسي.
أمريكا بعلاقتها مع السعودية في حرب اليمن لا تخرج عن إطار حماية المملكة لأراضيها، وليس لقضاء التحالف على الحوثيين، فهي جماعة فاعلة في الحرب على الارهاب وأقلية تصنع توازن مع مشروع سني في جنوب الجزيرة العربية، هذه عقيدة سياسية أمريكا لا يمكن فصلها عن سياق الحرب.
أمريكا لا تحتاج إلى مبرر للتدخل في اليمن، فهي متواجدة عبر الطيران بدون طيار ودعمها المحدود للتحالف العربي، ولكن تحتاج إلى مبرر لترك السعودية وإيقافها عن الحرب الذي تقضي كل يوم على جزء من قوة الحوثيين.
على هذا النحو من الرغبة، تدفع أمريكا للضغط السعودية للقبول بأي اتفاق مع الحوثيين وهو ما يتزامن مع مساعي اقتراب استئناف المشاورات من جديد بين الحكومة ووفد تحالف صنعاء.
وأياً يكن وراء التطورات المتسارعة في تحركات واشنطن العسكرية باليمن واحتشاد إيران والترقب عن أي موقف روسي قد يطرأ أو من تحت الطاولة فإن دخول أمريكا في الخط مباشرة هو إجهاض لمدفعية المقاومة في “البُقع” وحرض ونهم والبيضاء، وفتح مُتنفس إلى رئة صالح والحوثيين.