التدخل الجديد لأمريكا في عمق المياه الإقليمية هو إما لخلط الأوراق، وإما إلى هدف إفشال التحالف المصري الجديد مع روسيا وإيران. يمن مونيتور/ خاص/ من عمار زعبل
أثار التدخل المفاجئ للإدارة الأمريكية في اليمن مع صمت روسي – إلى اللحظة على الأقل – الكثير من الجدل في أوساط المحللين والمتابعين للأزمة اليمنية، التي تشعبت خيوطها هذه المرة، لتصل إلى الشُعب المرجانية بمحاذاة أهم خط ملاحة يربط قارتي آسيا وأفريقيا.
وفي 26 مارس/ آذار من العام الماضي بدأ التحالف العربي بقيادة السعودية عملياته في اليمن بتأييد بسيط من الولايات المتحدة، التي لم تتدخل على الأرض إلا لوجستياً، كما ظهرت في تصريحات متكررة من مسؤولين مختلفين تابعين للإدارة الأمريكية، لتفاجئ الجميع بقصف صاروخي من بارجاتها في البحر الأحمر على مواقع تابعة للرئيس السابق صالح وحليفه الحوثيين، بعد استهداف ثلاث سفن بشكل متكرر، نفت جماعة الحوثي أي استهداف لها.
الصمت الروسي كما يرى متابعون تحدثوا لـ”يمن مونتيور” له أبعاده، وأن هناك صفقات تدار من خلف الكواليس وبعيداً عن عدسات الإعلام، تفصح عنه تحركات إقليمية أو حتى داخلية منها دعوة الحوثيين ومن قبل صالح الدب الروسي إلى التدخل لحل الأزمة وإيقاف العدوان حسب تعبيرهم، وهي دعوة تحمل الكثير من الحقائق التي تجري برعاية إيرانية، الحليف الرئيس للانقلابيين في جنوب الجزيرة العربية، البقعة الرابطة بين عالم التجارة القديم والجديد، من باب المندب حتى البحر المتوسط عبر قناة السويس التي تشرف عليها حكومة السيسي التي قلبت ظهر المجن مؤخراً لحليفتها السابقة، المملكة العربية السعودية، وهو ما يعزز أن تحضيراً كبيراً يتم التحضير له، للتزلج على سطح مياه حارة وليست متجمدة، أو على اليابسة هذه المرة.
السفن الإيرانية
وهو المارثون أو السباق البحري، الذي تحضر فيه “إيران” بقوة ومنذ زمن، فقط تحدثت الحكومة اليمنية وفي رسالة للتحالف العربي في الأيام السابقة لمجلس الأمن بأن إيران تزود الانقلابيين بالأسلحة والصواريخ، وهو ما يهدد المملكة العربية السعودية بالشكل الأكبر.
ووفقاً لوكالة الأنباء اليمنية (سبأ) التابعة للشرعية، “الأربعاء”، جدد مجلس الوزراء اليمني اتهامه لإيران بـ”التدخل في الشؤون اليمنية، واختراق سفنها للمياه الإقليمية، وتهريب الأسلحة، عبر سفن الصيد التابعة لمليشيا الحوثي-صالح، إضافة إلى قيامها بأعمال تجسسية، وتهريب مقاتلين مرتزقة من بعض دول القرن الإفريقي”.
حضور مصري
أعلنت مصر انضمامها للتحالف العربي، لإعادة الشرعية في اليمن، ولكنه حضور ليس في المستوى التي كانت تطمح إليه السعودية، بقي متأرجحاً في كثير من القضايا التي تخص الأزمة اليمنية، ومنها المياه الإقليمية وخط الملاحة الدولي، الذي يضمن للقاهرة مساحة كبيرة للعب فيه، ويسمح لها بأن تكون مؤثرة في كثير من قضايا الشرق الأوسط، ليس اليمن فقط، فالملف السوري، مرتبط جداً بما يحصل.
الدكتور علي مهيوب العسلي المحاضر في جامعة صنعاء يرى أن باب المندب نقطة ساخنة بالفعل في التوترات والصراعات القائم مثلها مثل الموصل في العراق وحلب السورية، فالقوى المتصارعة في باب المندب هم من يتصارعون في العراق وسوريا، فهناك تحالفات جديدة قد تتشكل حسب قوله، وهي تنط برأسها وتلوح في الافق، فمصر لو اتجهت كما يقال الى حلف سوريا وايران، بسبب الازمة الحاصلة بينها وبين السعودية؛ والتي وإن لم تطفو على السطح بعد إلا أن مؤشراتها قد ظهرت، فإن الأمور ربما قد تتعقد أكثر في باب المندب فيما لو اتجهت وغردت بعيدا عن التحالف العربي بمحيطها وعمقها المعروف في الذاكرة والجغرافيا العربية، لأن آمنها القومي مرتبط ارتباطا وثيقاً بالبحر الأحمر وبالتحديد في باب المندب، وقد تكون سبباً لبداية حرب إقليمية إن لم نقل عالمية.
ويواصل العسلي حديثه لـ”يمن مونتيور” أن التدخل الجديد لأمريكا في عمق المياه الإقليمية هو إما لخلط الأوراق، فالصبر قد نفد، إذ ستحتل المناطق الساحلية كلها وستحرم من يحكم صنعاء من كل الامتيازات التي كانت تأتيهم من هذا الساحل الممتد إلى أكثر من ألفي كيلو متر، وإما إلى هدف إفشال التحالف المصري الجديد مع روسيا وإيران، وهو نوع من السباق والبحث عن نصيب في باب المندب، التي تريد روسيا الاستئثار به عبر جمهورية مصر العربية.
خطوة تسبق التدخل
الكثير من اليمنيين ينظرون إلى الولايات المتحدة بكثير من الريبة، وأن حضورها في اليمن كما دللت أحداث سابقة، أنها لا تحضر إلا لإنقاذ الانقلابيين، وهو ما يؤكده الصحفي فهد سلطان الذي قال في حديث خاص لـ”يمن مونتيور” “إن نظرة كثير من المراقبين للولايات المتحدة باتت نظرة متوجسة، فهذه الدولة لها مواقف مخزية في كثير من القضايا، فهي التي دعمت علي عبدالله صالح وما زلت تقدم له الدعم حتى اللحظة، وهي التي وقفت أمام الحوثيين وتصعيدهم وفتح كثير من المجالات أمامهم، وعلى الاقل التغطية على كثير من الجرائم التي ارتكبتها المليشيات الحوثية وغض الطرف عنها.
ويرى سلطان أن التحرك الأخير للأمريكان في اليمن هو لفرض أجندتها الخاصة مستغلة حادثة استهداف سفنها في البحر، فهي قد تكون مفتعلة، وأن حديث سفيرها الأخير مع نائب رئيس الجمهورية عن إمكانية دعمها بناء جيش يمني قوي، فهي وجدت أن الجيش الوطني اليوم كيان مستقل وبدأ يتماسك من يوم لآخر ويحقق انتصارات متتالية، لذا تشعر أنها تأخرت كثيراً في دعمه والوقوف معه، كونه يمثل وطناً، ويحظى باحترام الشارع اليمني، والحديث أنها ستدعمه وتقف الى جانبه لا استبعد أن يكون الخطوة التي تسبق التدخل وفرض اجندات عليه بعد أن وجدت أن حادثة استهداف البارجة مفتعلة وفرصة لذلك.