أخبار محليةالأخبار الرئيسيةتقاريرحصري

حصري- الحوثيون يتحفزون لمواجهة زلزال سقوط الأسد السوري بتقديم التنازلات للخارج

يمن مونيتور/ وحدة التقارير/ خاص:

سقط حكم عائلة الأسد في سوريا بعد نصف قرن، لكن تداعيات زلزال انتصار الثورة والدولة العربية الوحيدة في محور المقاومة الإيراني يمتد من دمشق إلى صنعاء، حيث يخشى حلفاؤه الحوثيون من مصير مشابه.

في صنعاء لا يبدو قادة الحوثيين قادرين على استيعاب الصدمة بَعد، والتعامل معها، على الرغم من القدرة على التكيف والمرونة الذي أبدته الجماعة خلال العام الماضي خلال تحولها من فاعل وطني محلي إلى فاعل إقليمي، وشن هجمات في البحر الأحمر إلى الهجمات الأمريكية والبريطانية في مناطق سيطرة الجماعة.

وقال مسؤول سياسي بارز في صنعاء لـ”يمن مونيتور” إن النقاشات والتوتر ليس على سقوط الأسد، لكن من المخاوف من استلهام تجربة السوريين والتحرك نحو صنعاء بدعم دولي سريع مستغلين الوضع الاقتصادي السيء وحالة الغضب التي تختمر منذ سنوات في مناطق حكومة صنعاء.

التخلي عن المحور

فشل الحوثيون خلال سنوات حكمهم في الإدارة والحوكمة. أعلن الحوثيون في يوليو/تموز عن حكومة جديدة بعد عام من تبني زعيمها رؤية “التغيير الجذري”، لمواجهة الفشل والفساد المتفشي في مؤسسات الدولة الخاضعة لسيطرة الجماعة لكن لم يحدث شيء ترتفع الجبايات ويزداد القمع بشكل مفرط. اعتقل الآلاف خلال سبتمبر/أيلول الماضي بسبب محاولتهم الاحتفاء بذكرى ثورة 26 سبتمبر التي أسقطت حكم الإمامة في اليمن وأعلنت الجمهورية.

عندما سيطرت المعارضة السورية على حلب في 27 نوفمبر/تشرين الثاني تحدث مسؤول حوثي يعمل في العلاقات الخارجية للجماعة “يمن مونيتور” قال: أخشى أن كل ما حققناه في محور المقاومة خلال العام الماضي يسقط مع سقوط بشار الأسد وتكشف الفظائع التي يقوم بها، وتُلهم الجماهير للتحرك ضد كل ما هو مرتبط بإيران.

يوم الثلاثاء، قال المسؤول ذاته: إن هناك مخاوف بالفعل من تفكك المحور وانتهائه، وأن وحدة الساحات لم يعد خياراً قائماً إلا من اليمن وحدها.

يخشى الحوثيون الدور الذي يمكن أن يلعبه دونالد ترامب-جرافيك يمن مونيتور

يذهب عبدالملك العجري وهو عضو الفريق المفاوض للجماعة إلى ذات المضمون، وقال: وعلى كل أعتقد -وهذا رأي شخصي – أنه آن الأوان للمحور أن يرتاح و أن يفكروا في مصلحتهم أيضا مع التمسك بالقضية الفلسطينية كقضية في ذمة الأمة.

وهو تراجع كبير في موقف الجماعة والعجري-بشكل شخصي- حيث قبل ساعات كان دعا أنصار الجماعة بأن هجماتهم البحرية “إسنادا لغزة” لله وفي سبيل أعدل قضية لا يترتب عليها أي استحقاقات تنشدها جماعته. وهو يناقض بذلك تصريحا له مع مجلة ذا أتلانتك الأمريكية مطلع العام الجاري بأن جماعته سعيدة بانطلاق طوفان الأقصى، لأن ذلك ترتب عليه أن يكون الحوثي قائدا بلا منازع بتسوية أو بدون تسوية في اليمن، وفي الإقليم أيضا.

حذف العجري بعد مرور 24 ساعة منشوره عقب كلمة المرشد الأعلى في إيران آية الله خامنئي “جبهة المقاومة ليست جهازًا يمكن كسره أو انهياره أو تدميره”.

لكن الخروج من المحور أو البقاء فيه هو تفكير مشترك بالنسبة للإيرانيين وأعضاء المحور الآخرين الميليشيات الشيعية في العراق، والحوثيين في اليمن. بينما يفكر الإيرانيون في جدوى استمرار استراتيجية “الدفاع الأمامي” وفق مبدأ “الحرب خارج الحدود” يدرس حلفاؤها: هل القفز من سفينة المحور يكفي لتنجو الجماعة من الغرق على الجماعة من الغرق؟! وصانع القرار في كِلا الطرفين يدرس أدواته ومحفزاته لأجل ذلك.

جرافيك-يمن مونيتور

الخيارات الجديدة

يثير حذف العجري لتغريدة هي إشارة واضحة إلى التردد وحالة الارتباك والصدمة التي تعتري الحوثيين منذ سقوط بشار الأسد. يقول الحوثيون على شبكات التواصل الاجتماعي إن حلب ليست تعز، ودمشق ليست صنعاء، وحماة لن تكون إب، واللاذقية ليست ذمار، وحمص لن تكون عمران. في 2017 عندما تمكن النظام السوي من السيطرة على حلب قال الحوثيون إن المدينة السورية تشبه تعز متوعدين القوات الحكومية بالطرد.

قال مسؤولون في صنعاء مطلعون على التفاصيل لـ”يمن مونيتور” إن اجتماعات عقدتها قادة الجماعة في صنعاء تثير حالة من الارتباك ومناقشة الخيارات الجديدة: الأول، عدم الانحناء أو إظهار مظاهر الضعف وستمر الأزمة السورية، كما تمر الأزمات السابقة التي تعرض لها المحور. الثاني، ترى التواصل مع سلطنة عُمان والسعودية لفتح خط مع الولايات المتحدة لبحث كيف يمكن الوصول إلى اتفاق. الثالث، الاندفاع نحو اتفاقات تمهيدية برعاية الأمم المتحدة.

يبدو أن الحوثيين يعملون من أجل الخيارات الثلاثة بشكل متساوي. فما تزال هجماتهم البحرية والتي تستهدف الاحتلال الإسرائيلي مستمرة بعد يومين من سقوط الأسد.

ويوم الثلاثاء، أعلنت جماعة الحوثي المسلحة موافقتها على اتفاق اقتصادي مع الحكومة المعترف بها دولياً تحت رعاية الأمم المتحدة يضمن تسليم رواتب الموظفين الحكوميين بانتظام وحل المشكلات الاقتصادية والمالية في البنك المركزي المنقسم في البلاد، وتشكيل لجنة تسوية لرفع الحظر عن تصدير النفط والغاز.

وكشف المسؤول في علاقة الحوثيين الخارجية أن الجماعة تواصلت مع العُمانيين بالفعل خلال الأيام الثلاثة الماضية، لفتح خط مع الولايات المتحدة. دون أن يقدم تفاصيل عما يمكن أن تقدمه الجماعة المسلحة للأمريكيين، خاصة مع وجود إدارة أمريكية جديدة بعد 20 يناير/كانون الثاني القادم.

في الأيام الأخيرة لبشار الأسد قدم مبادرة للأمريكيين بالضغط لوقف المعارضة السورية مقابل التخلي عن العلاقة مع الإيرانيين- كانت المبادرة متأخرة ولم تكن إدارة بايدن على تواصل مع المعارضة السورية سوى عبر تركيا.

تحدثت المصادر في صنعاء لـ”يمن مونيتور” شريطة عدم الكشف عن هويتها لأنها غير مخولة بالحديث لوسائل الإعلام.

On the right is Rashad al-Alimi, head of the Presidential Leadership Council – on the left is Abdulmalik al-Houthi, leader of the Houthis (Graphic by Yemen Monitor)

مخاوف عملية عسكرية

في مؤتمر المنامة للأمن هذا الأسبوع ناقش الأمنيون والعسكريون الأمريكيون والغربيون مع نظرائهم الخليجيين، الوضع في البحر الأحمر بعد سقوط بشار الأسد، وهي نقاشات غير سارة للحوثيين الذين يتوجسون من عمل عسكري يخرجهم من محافظة الحديدة الاستراتيجية.

وسبق أن كشفت مصادر لـ”يمن مونيتور” أن السعوديين والإماراتيين يعكفون على بناء استراتيجية موحدة في اليمن ومناقشتها مع إدارة دونالد ترامب. وقدمت الرياض شروطاً للانخراط مع أي استراتيجية أمريكية.

ويوم الأربعاء، قال طارق صالح عضو مجلس القيادة الرئاسي وخصم الحوثيين الذي يقاتل في الساحل الغربي قرب محافظة الحديدة إن على قواته “الاستعداد لليوم الذي لا بد أن تشهد فيه صنعاء ما شهدته دمشق، التي عادت إلى حاضنتها العربية بعد أن أسقط الشعب السوري وصاية النظام الإيراني إلى الأبد”.

يرى الحوثيون أن تقديم تنازلات للأمريكيين والسعوديين وربما الإماراتيين كافية للنجاة والبقاء كطرف مؤثر في مستقبل اليمن. لكن إمكانية ذلك ما تزال مرتبطة بأولويات صانع القرار في هذه البلدان، ويبدو أن ترامب الأكثر تطرفاً إلى جانب إسرائيل لن يكون بعيداً عن التأثير في تلك القرارات.

بالتزامن قال المبعوث الأممي إلى اليمن إن خريطة الطريق التي توصلت إليها الحكومة والحوثيين برعايته لم تعد قابلة للتنفيذ. خريطة الطريق صيغت بالأساس بناء على تفاهمات حوثية سعودية عمانية، كانت معظم بنودها تصب في صالح مليشيا الحوثي بما فيها مسألة المرتبات وعائدات النفط والغاز.

على أن الموقف الأممي المتغير من خريطة الطريق قد لا يكون جديا إلى تلك الدرجة إذ يريد المبعوث هانز غروندبيرغ الاستمرار في مهامه والضغط على الحوثيين للعمل معه بعد تجاهله فترات طويلة.

وقال المبعوث إن الشعب لم يعد يطيق الانتظار أكثر للشروع في مفاوضات جديدة.

 أدى التغير الهائل في سوريا وانتصار الثورة إلى تجريد إيران من محورها القوي، بعد أسابيع قليلة من اغتيال نصر الله زعيم حزب الله الذي كان يقود المحور الإيراني في المنطقة العربية، يبدو الحوثيين وحدهم في وحدة الساحات، فالنظام في طهران يخشى أيضاً من متغيرات تجر بلادهم إلى حرب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى