بلغ السيل الزباء
اقفلت تلفوني وانا محرج من دعوات الزملاء، من يدعوك لمنتدى حواري، ومن يدعوك للقاء تشاوري حول قضية ما، ومن يدعوك من الزملاء للقاء ودي وشوق لزمن صار مرجعنا لتخفيف عن ما حل بنا اليوم من كوارث.
حتى في البيت محرج من الاولاد والاحفاد، ام الزوجة رفيقة الزمن بكل سعاداته وحزنه، تحاول ان تخفف من ازمات الواقع الاليم.
لقد نالوا منا الحقراء وقيدونا واهانونا امام احبابنا وذوينا، اقعدونا في البيوت نتجرع الحزن والالم، ونندم على ما فات وما هو ات.
لم نتصور ان تأتي يوم سلطة تجردنا من رواتبنا ليتحول شعب عزيز كريم لمجموعة من الفقراء والمحتاجين، في وقت هم يزدادون ثراء فاحش، لم نتصور ان نهان بهذه الطريقة، لتتحول بيوتنا لسجن مقيدين فيه بتعفف دون حركة وغابت فيها البركة.
لا تجتمع السعادة في فقر مدقع في صراع مع الجوع والحاجة، المال وسيلة هامة لتوفير الاحتياجات الضرورية، وسيلة هامة تصون الكرامة والشرف، وتعيننا في اداء ادوارنا المختلفة في الحياة، والراتب هو مصدرنا الوحيد، رغم حقارته الا انه يوفر الشيء اليسير من الحاجة، ويسمح لك بالحركة لمواصلة دورك في المجتمع واستمرار العلاقات بين الناس.
لا احتاج ان اناشد واطالب، نحن نخاطب من لا يكترث، واذن من طين واذن من عجين، هل نتوسل ونستجدي؟ وهم يأكلون بشراهة وبطونهم منتفخة، وحالهم عال العال، لا ينظرون للناس ولا يهتمون لحالهم، وجدوا مجموعة رعاع ترتعي في مرتعهم، يرمون لهم فتات البقايا، وهذا كافي للتطبيل والتغرير.
لو كان هناك مجتمع حي وحيوي لما قبل هذا الوضع، لكان بصق على صورهم المنتشرة في الشوارع وشعاراتهم الخاوية، واجتماعاتهم التافهة التي تحرض للمزيد من الصراع دون أي مراعاة لوضع الناس، ومع الاسف خطابهم السمج هي مجرد مزايدة على الناس، ويدعوهم للالتفاف لمزيد من الوجع والالم.
في زمن لا نقابات ولا سلطة، كلها مركبة بتركيب ادوات رثة ودمى على كراسي لا تعي ما هي المسؤولية وما هو الحق وما هو الباطل، وما هي المهنية، اختيرت بعناية من ارث الماضي العفن.
“بَلَغَ السَّيْلُ الزُّبَى” اشتدّ الأمر حتى جاوز الحدّ، ولا مجال للصبر والتحمل، والسكوت هنا عار وجريمة، حقوقنا تنتهك، اموالنا تسرق، حياتنا تدمر، تصوروا كم أسرة ستتفكك بسبب هذا الوضع، وكم اب و ولي امر سيفقد عقله ورشده ويمكن ينتحر، عشر سنوات كفاية من الفساد والنهب واللصوصية والانتهاكات والحرمان، كلهم لصوص وابتاعوا وباعوا واليوم ثرواتنا تنهب اراضينا تستباح، هنا يتجسد هذا البيت الشعري بكل معانيه
وباعوا الاصابع خلو الجسم للديدان
هبوا ايها الشعب للدفاع عن حقوقكم ومستحقاتهم ثورة الجياع ان كنتم احرارا.
وان غدا لناظره لقريب!