التحيتا.. بلدة يمنية تموت جوعاً ويفقد سكانها القدرة على النطق (صور+فيديو)
تعيش بلدة “التحيتا” التابعة لمحافظة الحديدة، غربي اليمن، كارثة إنسانية غير مسبوقة بسبب سوء التغذية التي تضربها.
يمن مونيتور/ وحدة التقارير/ خاص
تعيش بلدة “التحيتا” التابعة لمحافظة الحديدة، غربي اليمن، كارثة إنسانية غير مسبوقة بسبب سوء التغذية التي تضربها.
وعلى الرغم من تعالي الأصوات المنادية بانقاذها، إلا أن البلدة النائية ما زالت تئن بمفردها وتتلقى بين يوم وآخر، فتات من منظمات إغاثية.
مراسل “يمن مونيتور” نفذ نزولاً ميدانياً إلى البلدة الخاضعة لسيطرة الحوثيين، لتقصي الأوضاع الانسانية فيها، وعلى الرغم من أزمة الغذاء الحادة، إلا أن دوريات المسلحين الحوثيين، كانت هي المهيمنة على الطريق الساحلي للمنطقة، بدلاً من قوافل الإغاثة التي ينتظرها السكان القابعون في منازل مبنية من القش والطين، لا تقي من حر الصيف ولا من برد الشتاء وتفتقر لأدنى مقومات الحياة الطبيعية.
ترك الحوثيون البلدة الخاضعة لسيطرتهم تعاني الجوع لأشهر طويلة، وبعد وصول معاناتها إلى الواجهة، قامت الجماعة بتعيين أحد المشرفين الأمنيين على عملية توزيع المواد الإغاثية التي تصل المنطقة، ويدعى”أبو أحمد”.
وفي قرية “الفازة” التابعة لبلدة “التحيتا”، تنتشر أعلى معدلات سوء التغذية، وعند وصول السيارة التي تحمل مواد إغاثية، يهرع السكان إليها للظفر بما يسدون به مجاعتهم.
ويقول سكان منطقة الفازة إن غالبية الاسر أصبحت لا تمتلك من المال ما يمكنهم من شراء نصف كيلو جرام من الأرز، وإن غالبيتها اعتمدت في الفترة الأخيرة بشكل كبير على وجبة واحدة في اليوم، غالباً ما تكون سمك الباغة التي يصطادها الصيادون من شواطى البحر الأحمر.
تقول الحاجة “أم محمد”، من يوم يا ابني ما اجا الحرب هذا متنا جوع والتعب تعبنا وخفنا وخليها تبقى لها على الله ما يعلم بحالنا الا ربي”.
وتابعت في مقطع فيديو خاص بـ”يمن مونيتور”،: “إحنا معذبين وجياع، وبقينا في حالة أخس (اسوأ) حالة، من يوم ما اجت (جاءت) الحرب هذه.. خافوا من الله”.
وعلاوة على سوء التغذية الحاد، فتكت الأمراض بالأجساد الناحلة لسكان المنطقة. كان أحد الأطفال ينادي والدته التي هرعت صوب شاحنة الإغاثة بلهجته التهامية المعروفة: “أما يان بكني، أنا جايعو”، لكن ولدته لم تلتفت له وظلت تركض نحو الشاحنة.
في وسط القرية، كان هناك شاب معاق في الـ17 من عمره، يجلس وحيداً تحت شجرة، وعند سؤاله عن أهله، تأكد بأنه لم يعد يقوى على النطق، بسبب شبح المجاعة البادي عليه.
وتدخلت عدة منظمات وجمعيات خيرية لانقاذ البلدة، ووفقا للسكان، فان جميع المعونات المقدمة “إسعافية” فيما لا تزال الكثير من المناطق بحاجة لإغاثات أولية عاجلة.
وقال عاقل قرية “الفازه”، أحمد شروخه لـ”يمن مونيتور”، إن انتشار الفقر وسوء التغذية سببه توقف الناس عن العمل، بعد فقدان الصيادين، الذين يشكلون 70% من سكان المنطقة، لمصادر دخلهم جراء الحرب وضربات التحالف الجوية على الشريط الساحلي الخاضع للحوثيين.
وأضاف، “المجاعة منتشرة وهناك أمراض كثيرة، منها أمراض تصيب العين بالرمد المؤبد والعمى وخصوصا لدى الأطفال”.
ويشكو السكان المحليون من الحالة المزرية التي يعيشونها، وقالت امرأة مسنة تدعى سالمة باللهجة العامية التهامية: “متنا جوع ارحمونا مادخلنا بتا امحرب “، بهذه الحرب”.
وأضافت، “عيالنا ممنوعين من امبحر”، (مهنة الصيد) من بعدم اتو لنا ذيلا الجن، لا طيران رحمنا ولاهم باكو لهم من عندنا (خرجوا من بلادنا، في إشارة للحوثيين).
وأمام تلك المرأة، كان أحد احفادها المصابين بسوء التغذية يجلس بجوارها، قالت إن والده منذ عام يعيش البطالة في منزله، ولم يجد أي فرصة عمل لكسب رزق يسد به رمق أطفاله من الجوع.
وفي ختام حديثها لمراسل “يمن مونيتور” ناشدت تلك المرأة المتحاربين بأن يتقوا الله في الغلابى والفقراء، ودعتهم إلى إيقاف الحرب.
ويبلغ عدد سكان مديرية “التحيتا” نحو 67 ألف نسمة، ووفقا لتقارير طبية حديثة، فإن العشرات منهم مصابون بسوء تغدية حاد في ظل أوضاع إنسانية وصحية متردية للغاية.
ووفقا للتقارير ذاتها، فإن من بين الحالات المصابة أطفال وحوامل وكبار في السن، يتطلب علاجهم خلال 92 يوما، مالم فإنهم سيفارقون الحياة.
وذكرت التقارير أن 80% من المصابين بالمجاعه يعانون من أمراض جلدية وفطريات منتشرة بكثافة في قرى الفازه والمتينه والبقعة بمديرية “التحيتا”.
فيديو..