مستشفى وحيد في الجوف اليمنية.. من خارج التاريخ إلى حاضر “العمل” و”الإنجاز”
تحتاج للوصول إلى محافظة الجوف شمالي اليمن أن تسافر عبر التاريخ قبل الجغرافيا؛ فهي منسية من ذاكرة الحكومات المتعاقبة، ومن خطط البناء والتنمية، لا يصلها إلا النزر اليسير من خدمات الصحة والتعليم والاتصال.
يمن مونيتور/ وحدة التقارير/ خاص:
تحتاج للوصول إلى محافظة الجوف شمالي اليمن أن تسافر عبر التاريخ قبل الجغرافيا؛ فهي منسية من ذاكرة الحكومات المتعاقبة، ومن خطط البناء والتنمية، لا يصلها إلا النزر اليسير من خدمات الصحة والتعليم والاتصال.
أنشئ المستشفى الأول والوحيد هذه المحافظة النائية زماناً ومكاناً عن محيطها، في مركز المحافظة عام 1985، ويفترض بهذا المستشفى أن يقدم الخدمات الصحية لكافة مديريات ومناطق محافظة مترامية الأطراف، والتي تتميز بتجمعات سكانية متفرقة على شكل قرى ومخيمات البدو الرحل، حيث تُقدّر الكثافة السكانية للمحافظة بـ11 شخص لكل كيلومتر مربع، وبقي هذا المستشفى لفترة زمنية طويلة كمبنى دون خدمة ولا صحة.
يعمل حيناً ويتوقف أكثر، نظراً لغياب الكادر الطبي والتجهيزات اللازمة لتشغيله، وكانت أخر خدمة طبية قدمها المستشفى في 2013م، أغلق بعدها لعدم وجود ميزانية خاصة وعزوف الكادر الطبي عن العمل في هذه المحافظة النائية.
استعـــادة العافيـــــة
قبل هذا التاريخ بعامين كانت قد أصبحت محافظة الجوف واحدة من ساحات الصراع المسلح بين المسلحين الحوثيين ورجال القبائل الرافضين دخول الجماعة إلى المحافظة بقوة السلاح، وهو ما عنى الحاجة ملحّة لوجود وحدات صحية لاستقبال المصابين وجرحى الحرب، ناهيك عن الأمراض المنتشرة في المحافظة والناتجة في أغلبها عن سوء التغذية وانعدام الوعي الصحي لدى السكان.
مع مطلع العام 2016، وبعد تحرير مدينة الحزم مركز المحافظة من المسلحين الحوثيين والقوات الموالية للرئيس السابق، عمل مكتب الصحة في المحافظة على إعادة تأهيل المستشفى الأول والوحيد في المحافظة من خلال ترميم المباني التي تعرضت للتصدّع والقصف، وتوفير ما أمكن توفيره لاستعادة الخدمة الطبية داخل المستشفى، حتى تم الافتتاح الأولي في فبراير 2016 وانطلاق العمل فيه من خلال غرفة صغيره ب 4 أسرّه للطوارئ ومختبر صغير لا يحتوي إلا على ميكروسكوب مجهري وذلك لتقديم الحد الأدنى من مهامه.
وفي هذا الصدد يقول الدكتور مياز اليوسفي مدير مكتب الصحة بالمحافظة لـ”يمن مونيتور”: “كانت المسؤولية والاحتياج الكبير في الجانب الصحي دافعاً كبيراً لنبدأ بتشغيل المستشفى من جديد مهما تكن الإمكانات الشحيحة والمحدودة، ولا يمكن أن ننظر إليها كعائق لبداية جادة ومسؤولة”.
تحسن الخدمات الطبية.. يكشف حجم الاحتياج
وحسب أطباء ومرضى ومواطنين يتلقون علاجهم في المستشفى فقد تحسنت خدماته لأبناء المحافظة وإن بخطوات متأنية وتدريجية، لكنها واثقة ومثمرة، إلا أن هذا التحسّن يكشف مع الأيام مدى الفجوة الكبيرة في الجانب الصحي ومدى الاحتياج القائم لمزيد من التحسين والتطوير لهذا المستشفى ولافتتاح وحدات صحية أخرى داخل المحافظة، يدلل على ذلك مستوى الإقبال على المستشفى الذي بلغ معدله مستوى كبيراً مقارنة بالإمكانات وتجهيزات المستشفى، حيث بلغ متوسط العمليات في اليوم الواحد 13 عملية بين صغرى كبرى بالإضافة إلى متوسط الحالات التي تصل إلى قسم الطوارئ بمعدل 130 حالة يومياً، مع أن قسم الطوارئ لا يحتوي على أكثر من 3 أسِرّة لملاحظة الرجال، وسريرين لملاحظة النساء.
قســــــــــــم العمليـــــــــات
وكان مستشفى محافظة مأرب المجاورة وجهة الحالات المستعصية لإجراء العمليات المختلفة، أما بالغة الخطر فربما كان الموت بانتظارها قبل أن تصل، نظراً لبعد المسافة ومخاطر الطريق التي لا تخلو من مواجهات مسلّحة أو مناطق مغلقة.
ويشير الدكتور مياز إلى أن استئناف العمل في غرفة العمليات بمستشفى الجوف “كان تحدّياً للطاقم الإداري والطبي، لكن بالاجتهاد والاستمرار استطعنا افتتاح القسم بتاريخ 8 أغسطس 2016 بطاقة استيعابية تضم غرفة للعمليات الكبرى وأخرى للعمليات الصغرى بالإضافة إلى غرفة للعناية المركزة بثلاثة أسرة” مضيفاً: “وحتى هذه اللحظة استطاع القسم أن يجري 56 عملية جراحية كبرى، جميعها حالفها النجاح بفضل الله ثم بجهود الطاقم الطبي”.
عوائق تحتاج لتذليل.. وجهود تستحق الدعم
الكثير من التحديات والعوائق، ما زالت تقف حجر عثرة أمام تحسين الخدمات الطبية في المستشفى الوحيد في محافظة مترامية الأطراف، أبرزها صغر المبنى الذي لا يفي بعدد المرضى والحالات الوافدة إليه، وندرة الأدوية وانعدام وسائل النقل والاسعاف، وقلة الرواتب التي أدت لعزوف الكادر الطبي عن العمل في المحافظة، بالإضافة إلى الإهمال والتوقف الذي تعرض له المستشفى لأكثر من ثلاث سنوات. ومع ذلك فالجهود مستمرة وتعمل وسط أرتال التحديات بإصرار يحتاج إلى مزيد اهتمام، ودعم من قبل السلطة المحلية والمنظمات التنموية والصحية والجهات ذات العلاقة.