سوء التغذية يفتك بحياة أطفال مديرية الخوخة غربي اليمن
نظرات غائرة، عظام ناتئة، وبطون منتفخة… هي بعض عوارض سوء تغذية يصيب عددا كبيرا من الاطفال في مديرية الخوخة بمحافظة الحديدة اليمنية، في انعكاس لنزاع دام يضرب البلاد منذ عامين.
يمن مونيتور/ الحديدة/ الفرنسية:
نظرات غائرة، عظام ناتئة، وبطون منتفخة… هي بعض عوارض سوء تغذية يصيب عددا كبيرا من الاطفال في مديرية الخوخة بمحافظة الحديدة اليمنية، في انعكاس لنزاع دام يضرب البلاد منذ عامين.
على سرير خشبي بدائي تحل الحبال بدلا من فرشته، يتمدد طفل نحيل يرتدي سروالا قصيرا اصفر اللون، باكيا، تحت الانظار القلقة لوالدته حياة احمد التي تحاول بما تيسر لها، ان تهدىء من روعه.
وتقول احمد لوكالة فرانس برس “لا نملك ما نأكل. كان لرجالنا عادة الذهاب للصيد قبالة المخا وفي باب المندب، الا انهم لا يخرجون الى البحر بسبب الحرب والغارات”.
تضيف السيدة المحجبة “نحن فقراء وليس لدينا شيء”.
اما عائشة علي، فتبدي قلقا على حفيدها الذي يعاني سوء التغذية.
وتقول وهي تحمله “هو هادىء الآن، الا انه لم يتوقف عن البكاء طوال الليل. يعاني من سوء تغذية حاد ولا امكانات لدينا” لمساعدته.
ولا يعد سوء التغذية حالة طارئة على اليمن الذي كان من افقر الدول العربية حتى قبل اندلاع النزاع بين حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي المدعوم من التحالف العربي بقيادة السعودية، والحوثيين وحلفائهم الموالين للرئيس السابق علي عبدالله صالح في العام 2014.
الا ان النزاع المتواصل، والذي يشمل غارات جوية يشنها التحالف ضد المتمردين منذ 2015، ومعارك بين هؤلاء والقوات الحكومية على جبهات عدة، فاقم من سوء التغذية الذي يصيب خصوصا الاطفال.
ويقول المتحدث باسم منظمة الامم المتحدة للطفولة “يونيسيف” في صنعاء محمد الاسعدي “سوء التغذية لدى الاطفال مزمن في اليمن”.
ويشير الى ان سوء التغذية لدى الاطفال في المحافظات الغربية (تعز والحديدة وحجة) كان يناهز 30 بالمئة في العام 2011، الا ان البرامج التي عملت المنظمة على تنفيذها “استطاعت تخفيض النسبة إلى أقل من 18 في المائة مطلع العام 2015”.
اضاف “لكن بسبب الأزمة الحالية تدهورت الأوضاع مجددا”، لترتفع النسبة الى زهاء 31 بالمئة في المناطق المطلة على البحر الاحمر.
وعلى المستوى الوطني، تعتبر اليونيسيف الاطفال اول ضحايا الحرب.
وتوضح في بيان ان “زهاء ثلاثة ملايين شخص يحتاجون الى مساعدة غذائية عاجلة، و1,5 مليون طفل يعانون من سوء التغذية، بينهم 370 الفا يعانون من سوء التغذية الحاد الذي يضعف نظامهم المناعي ويزيد بعشرة اضعاف من خطر الموت”.
– خوف من الصيد –
ويعزو الاسعدي سوء التغذية الذي يعانيه الاطفال الى “النقص الحاد في الغذاء والدواء، وانعدام المياه الصالحة للشرب، وتدهور النظام الصحي” اضافة الى البطالة التي تطاول جزءا واسعا من اليمنيين.
وفي الخوخة التي يقطنها زهاء خمسة آلاف شخص، والواقعة بين الحديدة شمالا والمخا جنوبا، الوضع أسوأ، بحسب المسؤولين.
ويقول مدير المركز الصحي في البلدة الطبيب فؤاد النهري “حوالى 50 بالمئة (من الاطفال يعانون) من سوء تغذية حاد”، مشيرا الى ان هذه النسبة قد تصل الى 60 بالمئة في المناطق البعيدة عن المركز.
اما المسؤول في الادارة المحلية عبدالله جبلان، فيشير الى ان سوء التغذية ادى الى “حالات وفاة كثيرة” بين الاطفال.
واشار الى ان بعض المنظمات الانسانية “كانت تمارس (…) عملها في التغذية” قبل عامين، الا ان الامر حاليا يقتصر على بعض الجهات الحكومية التي تبذل جهدا “لكن ليس بالمعهود” في الفترات السابقة.
وتقع الخوخة في منطقة يسيطر عليها المتمردون الذين سيطروا على صنعاء في ايلول/سبتمبر 2014، وتابعوا التقدم نحو مناطق في الوسط والجنوب. وبدأ التحالف عملياته نهاية آذار/مارس 2015 دعما للقوات الحكومية، ما مكنها من استعادة خمس محافظات جنوبية.
ويقول سكان البلدة التي كانت تعتمد بشكل اساسي على صيد السمك، ان هذا النشاط بات شبه معدوم حاليا، اذ ادت الغارات الجوية الى تدمير العديد من المراكب، في حين ان الحصار البحري الذي يفرضه التحالف على مناطق المتمردين يعيق حرية الحركة للصيادين.
ويتحدث الصياد احمد عمر عن “الخوف من الطيران” التابع للتحالف، مشيرا الى ان الصيادين يلجأون الى الاحتماء كلما سمعت هدير المقاتلات الحربية، ما يدفعهم احيانا الى ترك غلتهم من الاسماك.
اما زميله سليمان زخيم، فيشير الى ان الصيادين اعتادوا الابحار في عرض البحر للصيد “الا اننا نخاف من ذلك حاليا” بسبب الحرب.
وانعكس ذلك تراجعا في الكمية المصطادة التي باتت حاليا “لا تكفي القوت اليومي”.