آراء ومواقفغير مصنف

شبكات إيرانية لتهريب الأسلحة إلى اليمن

عدنان هاشم

أسقطت إيران صنعاء لتكون عاصمتها الرابعة بعد (دمشق – بغداد – بيروت) في سبتمبر/ أيلول2014م، لتضع أمنَ شبه الجزيرة العربية في خطر محدق، مستهدفةً بلاد الحرمين، وعندما تحرك التحالف العربي، تساقط الحوثيون بشكل عجيب أمام ضربات التحالف، ومعه يهويّ المشروع الإيراني في سحيق عاجل.
أسقطت إيران صنعاء لتكون عاصمتها الرابعة بعد (دمشق – بغداد – بيروت) في سبتمبر/ أيلول2014م، لتضع أمنَ شبه الجزيرة العربية في خطر محدق، مستهدفةً بلاد الحرمين، وعندما تحرك التحالف العربي، تساقط الحوثيون بشكل عجيب أمام ضربات التحالف، ومعه يهويّ المشروع الإيراني في سحيق عاجل.
لكن الأكثر مرارةً أنَّ إيران تمكنت من تهريب الأسلحة للحوثيين مراراً حتى مع الحظر المفروض بقرار مجلس الأمن (2216)، وجد الحرس الثوري طرقه المعتادة لإيصال السلاح إلى مقاتليه في اليمن. الرياض قدمت لمجلس الأمن تقريراً في سبتمبر/ أيلول عن انتهاك إيران للقرار الدولي وتهريب الأسلحة للحوثيين؛ كان هذا التقرير من دولة محورية في الشرق الأوسط (المملكة العربية السعودية) ذا تأثير كبير. بنفيٍ أشبه بالإثبات قالت إيران إن حالات التقرير الموجودة ليست موثقة!
الكثير من العجب وراء كلمة “ليست موثقة”. تقرير سري لـ “مجلس الأمن” قدمته لجنة العقوبات الأممية الخاصة باليمن، أشار بشكل واضح إلى أسلحة إيرانية كانت في طريقها إلى الحوثيين تم الإمساك بها في البحر العربي. وفي تقرير مصور لتلك الأسلحة التي تحمل أسماءً إيرانية وكتابات فارسية، جاء فيه: قام الفريق بعملية تفتيش شملت الصواريخ والمعدات المرتبطة بها، الموجودة حالياً تحت عهدة الولايات المتحدة الأمريكية، ولاحظ أن منشأها هو جمهورية إيران وأن لها خصائصَ مماثلةً لتلك التي بدأت تظهر بحوزة الحوثيين عبر وسائط الإعلام في أغسطس/ آب2015م.
التقرير الذي قدمته السعودية لمجلس الأمن يتحدث أن أراضيها الحدودية مع اليمن، تُقصف بأسلحة إيرانية، وذلك صحيح فعلاً، فالصواريخ الباليستية الإيرانية هي ما يطلقها الحوثيون وإن تغيرت الأسماء، فببحث عما تصنعه إيران ويطلقه الحوثيون سنجد أنها الصواريخ ذاتها، فمثلاً أطلق الحوثيون في نوفمبر/ تشرين الثاني 2015م صواريخ “النجم الثاقب” وهي صواريخ إيرانية يطلق عليها “فجر3” ويمتلكها أيضاً حزب الله، ثم “زلزال3” وهو الاسم نفسه لصاروخ إيراني مشابه، إلى جانب صواريخ “قاهر1” وهو من  نوع صاروخ “صياد” نفسه الذي أعلنت عنه إيران مطلع عام 2014م. فإيران إلى جانب تهريبها للأسلحة تصدِّر تكنولوجيا السلاح لميليشياتها (كما سبق أن حدث ذلك مع حزب الله)، وبالتأكيد لا يمكن أن يتم استخدام هذه التكنولوجيا لولا وجود خبراء (إيرانيين) أو من (حزب الله اللبناني).
استطاعت إيران استخدام شبكة تهريب كبيرة، كان يملكها علي عبدالله صالح للتهريب عبر البحر الأحمر للأسلحة القادمة من “أمريكا اللاتينية”. فارس مناع محافظ صعدة المعيَّن من قبل الحوثيين بين عامَي (2012 – 2014) والمشمول بعقوبات أممية لتهريب الأسلحة إلى الصومال، كان أحد الأسماء التي ذكرها تحقيق لرويترز عن القضاء البرازيلي حول قضية شحنة أسلحة ودخول الدولة اللاتينية بوثائق مزورة. والمعروف في أمريكا اللاتينية أن شبكة مخدرات حزب الله وإيران تعطي وثائقَ وهوياتٍ مزورةً، كما تحدثت كثير من وسائل الإعلام الدولية منذ 2009م وحتى اليوم. وتمر تلك الأسلحة من البلد المنشأ عبر إفريقيا (حيث تكرس طهران نفسها هناك) إلى البحر الأحمر، ومنه تنقل الأسلحة عبر شبكات تجارية منها شركات الأسماك، عبر قوارب شراعية.
الشبكة الثانية التي تمر عبر البحر العربي، تمر عبر سلطنة عُمان، الدولة الغامضة في تحالفها مع طهران على حساب أمنها وأمن الجزيرة العربية. نشرة مخابراتية فرنسية “أنتلجنس أون لاين” نشرت في سبتمبر/ أيلول تقريراً عن وجود “لوبي إيراني” في مسقط إلى جانب تحويل محافظة ظفار على الحدود اليمنية إلى مكانٍ لتهريب الأسلحة إلى اليمن، تشير النشرة إلى أن مسؤولين محليين في ظفار (التي دخلت مؤخراً في سلطنة بعد ثورات عديدة) يملكون علاقات ممتازة مع إيران، “وأحد أولئك الذين يميلون إلى توثيق التنسيق مع إيران، هو الجنرال سلطان بن محمد النعماني، وزير مكتب قصر السلطان. وادعت النشرة أن النعماني ينتمي إلى إحدى أبرز الأسر العُمانية، يشرف بشكل رسمي على جهاز أمن الدولة، وهو جهاز المخابرات الداخلية العمانية”، حسب النشرة. وتمر تلك الشبكة بشكل سهل عبر الحدود اليمنية – العمانية لتصل إلى يد الحوثيين متبعة خط (المهرة – حضرموت – شبوة ثم البيضاء حتى صعدة). محافظ مأرب سلطان العرادة تحدث عن الإمساك بأسلحة على متن ثلاث شاحنات تحمل لوحات معدنية عُمانية.
القلق الإيراني من انهزام الحوثيين بدأ يتصاعد؛ فتكثيف الحملات لمنع إيصال السلاح للحوثيين ومحاصراتها، إضافة إلى كون الحوثيين الآن في معركة خاسرة مع تقدُّم المقاومة الشعبية والجيش على صنعاء، هو السبب وراء الحمى الإيرانية في موسم الحج هذا العام، ومهاجمة بلاد الحرمين بأبشع الطرق التي لا ترتقي إلى خطاب دبلوماسي ولا سياسي ولا حتى خطاب العقلاء، علاوة على افتقار ذلك الخطاب إلى منطقٍ وحججٍ مقنعة. ما يجعل حاجة السياسيين الإيرانيين إلى تعلم “الأدب” و “الأخلاق” ضرورياً إن كانوا سيتعاملون مع الآخرين وليس فقط في المشرق حتى الغرب، فلغة البذاءة لا تمثل إلا أشخاصهم ونواياهم الشريرة والغضب المكتوم في نفوسهم من خسارة حلفائهم دون أدنى شك.
إيران لا تنتهك القرار الدولي (2216) وحسب، بل انتهكت قراراً صادراً عن الأمم المتحدة في 2007 يحظر إيران من بيع الأسلحة، ويلزم جميع البلدان بمنع جميع شحنات الأسلحة الإيرانية (بما فيها سلطنة عمان). وتم تشكيل لجنة للعقوبات يشرف عليها خبراء، لمتابعة تنفيذ هذا الحظر. وحتى مع الاتفاق النووي استمر ذلك الحظر بقرار مجلس الأمن رقم (2231) في 2015م لكن إيران انتهكت القرار عدة مرات من خلال تصدير الصواريخ إلى اليمن وسوريا وحزب الله اللبناني وكذلك بإجراء اختبارات باليستية.
لذلك بعد الاحتجاج السعودي وتقريره الأخير إلى مجلس الأمن الدولي مع كثير من الغضب الدولي تجاه تنفيذ إيران للاتفاق النووي، ستُحدث الرياض ردة فعل قوية وستجد سنداً إقليمياً ودولياً قد يعيد فرض العقوبات على طهران مجدداً، وإن استمر التخاذل الدولي تجاه إيران، وارتباط معظم الدول الأوروبية بالقيادة القادمة للولايات المتحدة الأمريكية، فالمملكة قد استطاعت فعلاً قيادة شرق أوسط جديد يهدف لمنع الملالي من إعادة أمجاد دولتهم الساسانية مجدداً.
*نشر أولاً في مجلة البيان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى