أخبار محليةاخترنا لكمالأخبار الرئيسيةتراجم وتحليلاتتقارير

الحوثيون بين طموح إقليمي وعبء ثقيل: هل ينجحون في خلافة حزب الله؟

يمن مونيتور/ وحدة التقارير/ من سلمان حميد:

اكتسب الحوثيون خلال سنوات الحرب الماضية أسلحة جديدة مكنتهم من تهديد دول الخليج العربي والملاحة الدولية في البحر الأحمر، وخلال العام تمكنت الجماعة المسلحة من التقدم خطوة أخرى نحو تقديم نفسها قوة إقليمية للمرة الأولى بعد أن كانت سياساتها مقتصرة على الشؤون اليمنية، لكن ذلك قد يصبح عبءً ثقيلاً عليها.

أعلن زعيم الحوثيين استهداف 195 سفينة تجارية خلال عام، غرقت سفينتان واختطفت ثالثة، وقُتل 4 بحارة على الأقل، وشنوا هجمات بأكثر من 1000 صاروخ وطائرة مسيّرة حسب إعلانات الجماعة الرسمية. منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول2023 يشن الحوثيون هجماتهم فيما يقولون إنه دعم لفلسطين التي تواجه عدواناً وحشياً من الاحتلال الإسرائيلي، على الرغم من أن الخبراء يقولون إن أهدافهم في مكان آخر.

في سبتمبر/أيلول ظهر متغيّر جديد ساهم في اقتراب طموح الحوثيين بقيادة المحور الإيراني، أدت الاختراقات الواسعة للاحتلال الإسرائيلي لبنية حزب الله السياسية والعسكرية والصفوف العليا فيه، واغتيال حسن نصر الله وقياداته العسكرية الأولى والثانية إلى تقديم فرصة ثمينة للجماعة اليمنية بقيادة المحور الإيراني ووراثته من حزب الله، لكن عبء شديد سيلقى على الحوثيين واليمن.

وتشير صحيفة الجارديان البريطانية في تقرير لها إلى أن عشرات من أجهزة الاتصال انفجرت في اليمن بينما كانت في يدي مسؤولين حوثيين بالتزامن مع انفجاره بآلاف من عناصر حزب الله وسوريا. كما شنت الولايات المتحدة غارات باستخدام قاذفات بي 2 التي استهدفت مخازن تحت الأرض للجماعة في خمسة مواقع في صنعاء وصعدة.

ويبدو أن القصف الأمريكي بطائرات الشبح لمخازن الحوثي المحصنة تحت الأرض، إلى رسالة جدية من الولايات المتحدة للحوثي، تطلب منه تماما التوقف عن الهجمات البحرية في البحر الأحمر وخليج عدن، وأن خروجه عن “دوره الوظيفي المحلي” سيعرضه لعواقب. وتؤكد ما قاله قائد القيادة المركزية الأمريكية السابق الجنرال كينث ماكينزي قبل أيام قليلة من الهجمات بأن الولايات المتحدة ليس لديها إرادة لمنع الهجمات الحوثية لأن واشنطن تمتلك القدرة على وقفها.

يدفع نتنياهو المنطقة إلى حرب إقليمية واسعة،

رسائل الهجمات الأمريكية

قال سليم الجلال وهو باحث في الشأن اليمني في تصريح لـ”يمن مونيتور” إن الغارات رسالة أمريكية تلتزم فيها أمام إيران بأنها لن تفعل اي شيء ضد مصالحها في اليمن، إذا لم تخرج إيران عما تفاهمت بشأنه مع واشنطن والتزمت به”.

ويضيف الجلال: الغارات على مخازن محصنة تحت الأرض تثبت أن الولايات المتحدة كان لديها علم بكل تحركات الحوثي وشبكاته وتغض الطرف عنه وتواطئوا مع إيران لتسليح الحوثيين.

ويشير إلى أن خروج الحوثيين وإيران عن التفاهم مع واشنطن ومحاولة إيران فرض سيطرة على باب المندب والبحر الأحمر وتقويض الوضع الجيوسياسي في المنطقة أدى بالولايات المتحدة إلى ضرب القدرات البحرية الحوثية لإعادة الوضع إلى طبيعته ليصب في صالح الولايات المتحدة.

يشير هشام المسوري إلى تصريحات جديدة للمبعوث الأمريكي إلى اليمن تيم ليندركينغ، الخميس، يقول فيها إن واشنطن لم تغير استراتيجيتها أيضا تجاه الوضع في اليمن.

ويقول المسوري إن تصريحات المبعوث بشأن عدم انهيار الهدنة في اليمن، رغم العدوان الإسرائيلي على غزة وبدء الاجتياح البري مؤخرا على لبنان، إشارة منه تعطي الحوثيين دعما ولكن على المستوى المحلي اليمني فقط.

محاولات نزع نفوذ الحوثيين الإقليمي

ويضيف المسوري: قال المبعوث الأمريكي أن الحوثي لا يستطيع الحكم وإدارة الخدمات ولكنه يفعل ذلك بالقوة، بمعنى أنه يقول لهم لا نمانع حكمكم العسكري بالقوة في اليمن، ولكن بشرط ألا يكون لكم نفوذ إقليمي لا نرضى عنه، أو خارج ما هو مسموح لكم.

رغم وعيد الحوثيين بالرد على الهجمات الأمريكية وقبلها الإسرائيلية التي دمرت مينائي الحديدة ورأس عيسى النفطيين وأخرجتهما عن الخدمة، فإنه لم تسجل أي هجمات حوثية منذ العاشر من أكتوبر، ومنذ مقتل نصر الله في 27 سبتمبر/أيلول أعلن الحوثيون قرابة 10 هجمات ضد الشحن البحري لكن “لم تكن فعالة، ولا مؤثرة”. لكنهم يذهبون نحو الاعتماد أكثر على إيران لمواجهة تداعيات هجماتهم البحرية طوال عام.

وتقول الباحثة ألكسندرا نيكوبولو “تحول الحوثيون بشكل أساسي من مجرد طرف معترف به كجهة فاعلة يمنية محلية إلى جهة فاعلة إقليمية قوية ضمن محور المقاومة بقيادة إيران”.

وأشارت الباحثة في تقرير نشره مركز صنعاء للدراسات إلى أن الحوثيين نجحوا “في التموضع كلاعبين بارزين في المحور الموالي لإيران، وعززوا تنسيقهم مع أعضاء المحور الآخرين، وخاصة الفصائل الشيعية العراقية. حيث منحت حرب غزة الحوثيين ذريعة لإظهار قدراتهم المتزايدة والاضطلاع بدور إقليمي أكبر”.

لوحة في صنعاء لزعيم الحوثيين الذي يقدم خطاباته من شاشة متلفزة بشكل أسبوعي منذ 07 أكتوبر/تشرين الأول 2023

تغيير في الاستراتيجية

وطوال عقود كان حزب الله اللبناني وأمينه العام حسن نصر الله هو الذي يتزعم محور المقاومة في الوطن العربي، باغتياله في سبتمبر/أيلول وتعرض الجماعة اللبنانية لضربة موجعة لقيادات الصف الأول والثاني من الاحتلال الإسرائيلي، بينهم “صالح سرور” قائد منظومة الطيران المسيّر في الحزب والذي كان موجوداً في اليمن لمساعدة الحوثيين خلال سنوات الحرب العشر الماضية، وعقب أكتوبر/تشرين الأول عاد إلى بيروت. وكانت القيادة في حزب الله تشكل حجر الزاوية لدفع السياسات الإيرانية في المنطقة، ويبدو أن الخارطة الإيرانية داخل المحور تتعرض لتغيّرات جذرية.

ويقول فراس إلياس الباحث العراقي المتخصص بإيران بأن طهران بعد الضربة التي تعرض لها حزب الله تغيرت كليا من مبدأ “وحدة الساحات” بين مليشياتها في العراق وسوريا ولبنان واليمن، إلى مبدأ “عزل الساحات” خشية تكرار ما حدث لحزب الله لبقية المجموعات.

ويشير إلياس إلى أن التحول الإيراني يهدف إلى ضبط التصعيد ورفض الحرب وتسكين الساحات في سوريا والعراق واليمن.

من جهتها ترى الباحثة ميساء شجاع الدين، إن “إيران ترى أن استثمارها في الحوثيين كان جيدًا، حيث أثبتوا قدرتهم على أن يكونوا عنصرًا فعالاً وأن يضطلعوا بدور في محور المقاومة، مما دفع طهران إلى إسناد دور أكبر لهم”. لم تستبعد شجاع الدين إمكانية تقديم إيران المزيد من الدعم للحوثيين وكذلك اعتماد الجماعة بشكل متزايد على إيران.

وقال عبد الغني الإرياني الباحث الأول في مركز صنعاء للدراسات إن عمليات الحوثيين في البحر الأحمر كان لها تأثير مزدوج على علاقتهم بإيران ومكانتهم كلاعبين في الإقليم.

وأضاف إن “هجماتهم في البحر الأحمر جعلت منهم أعداء جدد، وبالتالي فإن الوسيلة الوحيدة للتمتع بالحماية هي التحالف الكامل مع إيران والمحور الموالي لها”، مشيراً إلى أن الحوثيين “لا يتخذون القرارات فيما يتعلق بالداخل اليمني فحسب، بل يشاركون في مناقشات حول العمل التنسيقي للمحور، وأصبح نشاطهم في العراق أكثر وضوحا”.

تغيّر الموقف الدولي

يؤثر موقف الحوثيين على عملية السلام، وبقاءهم كقوة في اليمن، حيث يرى الإرياني من مركز صنعاء للدراسات أن الحوثيين أصبحوا معضلة دولية بالنسبة للولايات المتحدة، قائلاً: “لن يسمح الأميركيون باستمرار عملية السلام. ولن يمكّنوا السعوديين من تسليم السلطة في اليمن للحوثيين”. لذا، حتى لو انحازت الرياض إلى مطالب الحوثيين، أصبح يُنظر للجماعة الآن باعتبارها تهديدًا للأمن الدولي، وبالتالي أضعفت موقفها في المفاوضات ولو نسبياً على الأقل.

وقال الإرياني: “أدرك السعوديون أنه على الرغم من الصفقة التي عرضوها على الحوثيين، فقد تحالفت الجماعة بشكل أقوى مع إيران”.

سيواصل الحوثيون استغلال الزخم الذي اكتسبوه منذ بدء العدوان الوحشي الإسرائيلي على قطاع غزة، بغض النظر عن نتائج الحرب، والتي أدت إلى تعزيز دورهم الإقليمي داخل محور إيران، لكنه يخلق الكثير من التحديات للجماعة في السياسة الداخلية لليمن، حيث سيعارض المجتمع الدولي الموقف السعودي المرن مع الجماعة مع غضب متصاعد في مناطق سيطرتهم مع تفشي القمع ما يهدد بقاءهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى