أخبار محليةالأخبار الرئيسيةتقارير

الحرب الباردة في الجنوب تتصاعد.. المجلس الانتقالي والحكومة اليمنية على حافة المواجهة

يمن مونيتور/ وحدة التقارير/ من عابد عبدالله

قال مسؤولون يمنيون إن هناك مخاوف من انقسامات داخل مجلس القيادة الرئاسي اليمني وحدوث اضطرابات في العاصمة المؤقتة عدن وبقية المحافظات الجنوبية مع تصعيد المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات من تظاهراته في مناطق نفوذه وخارجها.

يأتي ذلك بعد أكثر من عامين على إعلان مجلس القيادة الرئاسي والذي شُكل من ثمانية أعضاء بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي بهدف توحيد القوات تجاه جماعة الحوثي المسلحة. لكن لا يبدو أن الطرفين تمكنا من تطوير حل لعدم الاستقرار الداخلي في مناطق سيطرتهم، فيما يعزز الحوثيون هيمنتهم بشن المزيد من الهجمات في البحر الأحمر ويحظرون تصدير النفط والغاز.

وقال مسؤول كبير في رئاسة الجمهورية مطلع على التفاصيل لـ”يمن مونيتور” إن “احتمال حدوث اضطرابات في مناطق سيطرة الحكومة أبرز الملفات التي تخشى الحكومة حدوثها، مع استمرار رفض المجلس الانتقالي الجنوبي تنفيذ اتفاق الرياض 2022 وتوحيد القوات”.

ويبدو أن الوضع يتصاعد بالفعل داخل مجلس القيادة-حسب ما أفاد المسؤول، مع رفض المجلس الانتقالي التحركات الشعبية في محافظة حضرموت الاستراتيجية الغنية بالنفط بإعلان هيئة قيادة مجلس المحافظة الوطني، وتوسيع قوات درع الوطن المدعوم من السعودية لانتشار قواتها من منفذ الوديعة الحدودي البري مع المملكة إلى محافظة شبوة الخاضعة للمجلس الانتقالي.

وثارت الخلافات بين الحكومة والمجلس الانتقالي الجنوبي، المدعوم من الإمارات، منذ تأسيسه عام 2017 بهدف انفصال جنوب اليمن، ويملك قوات شبه عسكرية دربتها وتنفق عليها أبوظبي يصل عددها إلى أكثر من مائة ألف مقاتل. وتصاعد الخلافات بين الطرفين منذ سيطرة المجلس الانتقالي الجنوبي في أغسطس/ آب 2019 على عدن التي كانت تتخذها الحكومة مقرا مؤقتا لها لكن جرى التوصل لاتفاقين الأول في 2019 والثاني 2022م.

توحيد القوات

ويوم السبت كشفت منصة متخصصة بالدفاع والأمن في اليمن أن مجلس القيادة أقرَّ “هيكل تنظيمي جديد للقوات المسلحة والأمن” الخاضعة لوزارتي الدفاع والداخلية، بموجب مقترح تقدمت به اللجنة الأمنية والعسكرية المشتركة المكلفة بهيكلة ودمج القوات والتشكيلات وإعادة تنظيمها ضمن هياكل الدفاع والداخلية.

وحسب مسؤول في وزارة الدفاع تحدث لـ”يمن مونيتور” فإن المجلس الانتقالي الجنوبي وقوات العمالقة رفضت خطط الإدماج وإعادة التنظيم في هياكل وزارة الدفاع والداخلية، ما يجعل تلك القوات جماعات مسلحة خارج لا تمتثل للحكومة اليمنية ومجلس القيادة الرئاسي.

ففي حين وقع المجلس الانتقالي الجنوبي والمجلس الرئاسي اتفاقاً في 2022 يتضمن توحيد القوات مقابل حصول المجلس الانتقالي على مشاركة في الحكومة اليمنية والتخلي عن الانفصال. مع ذلك يستمر المجلس في فرض هيمنته العسكرية والأمنية على معظم المحافظات الجنوبية، ويسعى لتوسيعها باتجاه محافظتي حضرموت والمهرة. ومطلع الأسبوع سيطر على مبنى السلطة المحلية في “الحوطة” محافظة لحج بعد رفض المحافظ رفع علم الانفصال وكاد يتسبب بمعركة مع قبائل المحافظة التي احتشدت من القرى لمحاصرة المبنى.

كما أنه مستمر في مطالبه بانفصال جنوبي اليمن، وخرجت تظاهرات الأيام الماضية في سيئون والغيضة تحمل أعلام الانفصال شدد فيها المجلس الانتقالي أنه الممثل الوحيد للمحافظات الجنوبية اليمنية، مهاجماً الكيانات الوطنية الجديدة. في مارس/آذار الماضي منح زعيم المجلس الانتقالي الجنوبي أجهزته الضوء الأخضر “دون رجعة فيه لتطهير الجنوب من الخونة والجواسيس” ما أثار مخاوف من اغتيالات لمعارضي المجلس المنتمين للمحافظات الجنوبية.

ويأتي ذلك فيما يعاني معسكر الحكومة المعترف بها دولياً اقتصادياً، وظهرت تقارير في سبتمبر/أيلول تقول إن مجلس القيادة الرئاسي فشل في إعداد ميزانية جديدة. وطلبت الحكومة دعماً مالياً من المجتمع الدولي لكن معظم الدول رفضت تقديم التزام علني بتقديم الدعم المالي دون وجود خطة متماسكة لتوحيد مجلس القيادة الرئاسي في مواجهة الحوثيين.

تنفق الحكومة اليمنية 55 مليون دولار شهرياً للكهرباء في عدن-جرافيك يمن مونيتور

مضاربة سياسية

وقال مسؤول ثالث في الحكومة المعترف بها دولياً لـ”يمن مونيتور”: إن المجلس الانتقالي الجنوبي يستمر في السيطرة على المؤسسات الإيرادية ويحولها إلى حسابات خارج الحكومة، كما أن الجبايات في نقاط التفتيش منذ سنوات تمنح تعزيز الأوعية.

وتحدث المصادر لـ”يمن مونيتور” شريطة عدم الكشف عن هويتها لحساسية الموضوع.

فشلت الحكومة في القيام بواجبتها من توفي الخدمات العامة لمواطنيها، ومعالجة انهيار قيمة العملة. ووصلت قيمة الدولار الواحد، يوم الاثنين إلى 1998 ريال يمني للشراء و2010 للبيع من 1681 ريال للدولار في ابريل/نيسان الماضي وهي أدنى قيمة للعملة على الإطلاق.

ويوم الأحد كشف البنك المركزي عن نتائج مزاد سبق أن أعلن عنه بـ 50 مليون دولار لكن لم يتمكن إلا من بيع نصف المبلغ.

وقال وفيق صالح وهو صحافي متخصص في الاقتصاد إن “ضعف الإقبال على المزاد الأخير للبنك، يشير إلى عوامل أخرى ماتزال تؤثر بسوق الصرف، منها أن كثير من الطلب على العملة الصعبة في السوق المحلية، ليس طلب حقيقي بغرض الاستيراد، وإنما هناك هامش كبير للتلاعب بغرض المضاربة وتحقيق الأرباح، وتحقيق أهداف وأجندات سياسية”.

جانب من احتجاجات ضد انقطاع الكهرباء بعدن في أغسطس/آب 2023

اضطراب الشارع

وقال المسؤول في الحكومة اليمنية: علاوة على الأجندة السياسية، فإن انهيار العملة يشعل المجتمع ويدفع الموظفين الحكوميين للتمرد للمطالبة بزيادة كبيرة رواتبهم بما يتناسب والعملة، وهو عبء كبير على الحكومة التي لا تملك إيرادات كافية مع وقف تصدير النفط.

مضيفاً: ترجيح اضطرابات كبيرة في الشارع.

ومطلع الأسبوع خرجت تظاهرات في المدن الكبرى تنديداً بانهيار العملة، وأغلقت عشرات المحلات في مدينة تعز وسط اليمن أبوابها في إضراب نادر عن العمل بسبب الانهيار.

وتواجه الحكومة اليمنية أزمة مالية خانقة مع استمرار توقف تصدير النفط نتيجة استهداف الحوثيين لموانئ التصدير منذ عامين، إضافة إلى تراجع عائدات ميناء عدن بنسبة تجاوزت 60 في المائة مع تحويل السفن وجهتها نحو ميناء الحديدة، وهو ما تسبب في تأخير تسليم رواتب الموظفين الحكوميين خلال الأشهر الماضية، والتأخر في توفير الوقود لمحطات توليد الكهرباء في مدينة عدن العاصمة المؤقتة للبلاد.

وكبد توقف تصدير النفط الخزينة العامة خسائر بنحو 3 مليارات دولار إذ تمثل 70% من الموازنة العامة للدولة في فترة ما قبل الحرب واستمرت الحكومة في الاعتماد الكلي على عائدات النفط خلال سنوات الحرب على الرغم من تراجع الإنتاج من نحو 300 ألف برميل الى 70 ألف برميل يومياً، وفقا لبيانات حكومية.

المجلس القلق الذي فشل في مهمته  

بالمقابل، يقول المسؤولون في المجلس الانتقالي إنه ما يزال مهمش تماماً عن صناعة القرار في الحكومة ولا يستطيع المضي قدماً في خيارات الانفصال، وكان رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس الزبيدي قال أمام مجلس الأمن في سبتمبر/أيلول الماضي أن اتفاق الرياض 2022 سيمهد الطريق “لتطوير إطار تفاوضي” يمنح الجنوب الانفصال.

لكنه الآن يرى نفسه بعيداً عن المشاركة في أي إطار تفاوضي بما في ذلك في “خارطة طريق” للسلام تقودها الأمم المتحدة. ووسط انعدام الثقة مع الحكومة المعترف بها دولياً وعدم القدرة على توحيد القوات لن يكون من الصعب توقع حدوث خلافات واسعة.

يخشى كثيرون أن تصبح تلك الخلافات والتوترات وقود للمجلس الانتقالي الجنوبي لإشعال اضطرابات وصراع جديد يفوق الاشتباكات التي حدثت في 2019، مع فشل في مهمته في السيطرة على قرارات الحكومة المعترف بها دولياً منذ 2022م واستخدام الحكومة كأداة لتحقيق خطوات في تقسيم البلاد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى