فجرُ السادسِ والعشرين من سبتمبر من العامِ 1962، يومٌ من الدهرِ لم تصنع أنوارَه شمسُ السماء، ولكن أيدي الأحرار. فجرُ السادسِ والعشرين من سبتمبر من العامِ 1962، يومٌ من الدهرِ لم تصنع أنوارَه شمسُ السماء، ولكن أيدي الأحرار هي من أشعلت شمسه الساطعة، وأضاءت أنواره البهية، وأشعلت قناديله في كل أرجاء الوطن، يومٌ تهاوت فيه أركان الإمامة ونظامها البائد، سقط فيها عرشُ الطغيان الكهنوتي، الذي أحال اليمن إلى مملكة مغلقة وتبنى سياسة انعزالية، جعلت الشعب اليمني في معزل عن العالم الخارجي ولا يدرك ما يدور حوله من تقدم على كافة المجالات والأصعدة.
ففي هذا اليوم التاريخي العظيم كان شعبنا اليمني على موعد مع النصر الأعظم، بعد سنين من النضال والكفاح الوطني الذي خاضه الثوار الأحرار، وبعد أن ذاق شعبنا اليمني مرارة القهر والتسلط، ومات من مات جوعاً وعطشاً جراء المجاعة التي كانت سائدة، ونتيجة لانتشار الأمراض والأوبئة التي فتكت بآلاف اليمنيين.
إن ذكرى السادس والعشرين من سبتمبر ليست مجرد ذكرى عابرة، بل إنها ذكرى خالدة ويوم تاريخي يذكرنا بأولئك الأبطال المغاوير من بذلوا أرواحهم رخيصة في سبيل تحررِ الوطن من النظام الامامي الجائر، ومن سطروا أروع الملاحم الوطنية، ومضوا رافضين كل من جاء ليدجي ضحاءَ وطنهم، فارضين بعزيمتهم وإرادتهم الفولاذية أهداف ومبادئ الثورة اليمنية الخالدة ، فمنهم من ضحى في سبيل ذلك الانتصار بماله وروحه، ومنهم من لم يجد غير قلبه الدامي هبة يحبوها لوطنه.
فهذه الذكرى السبتمبرية تأتي تتويجاً لأولئك الأبطال لما قدموه من تضحيات جسيمة في سبيل الخلاص والتحرر من كهنوت الإمامة، وفي الوقت نفسه تأتي هذه الذكرى برسالة سامية إلى أولئك الحالمين بعودة النظام الملكي، من يَحِنون لماضيهم المقيت، ويسعون إلى الالتفاف على الثورة السبتمبرية واهدافها النبيلة، أولئك هم من يكيدون للوطن ويأبون إلا أن يفرضوا على شعبنا اليمني العظيم سياستهم التي تتعارض مع كل المبادئ والثوابت الوطنية، ويريدون الالتفاف على النظام الجمهوري تحت مسميات وشعارات وهمية لا تمت بصلة للواقع اليمني، غير أن هذه الأهداف والشعارات جاءت وفق أجندة خارجية تُملى عليهم، ويسعون من خلالها للنيلِ من وطنِ السادسِ والعشرين من سبتمبر، ومن منجزه التاريخي العظيم الذي سيظل شاهداً على عظمة اليمنيين، لكن شعبنا اليمني يعي جيدا حجم هذه المؤامرة التي تحدق بالوطن ،فليكن في الحسبان أن الشعب الذي قهر ليل الإمامة هو اليوم قادر على صد ومواجهة كل المشاريع الظلامية التي تحاول العودة بالوطن إلى ما قبل السادس والعشرين من سبتمبر، لقد كُشِفَ الستارُ أمامَ شعبنا اليمني ، وهو اليوم يدرك جيداً منهم أعداء الثورة والجمهورية، فلن يقبل بأي جماعة ظلامية متسلطة مهما كلفه الأمر.
إن ثمن التضحيات التي دفعها شعبنا اليمني في سبيل التحرر كان باهضاً، لذك لن تعود الإمامة وأزلامها في ليلة وضحاها، لأن شعبنا الأبي بالمرصاد ولن يفرط في منجزه التاريخي الخالد.