“الصالون الثقافي” مساحة حوارية شبابية في عدن.. المشاركة السياسة وفرص تأهيل الشباب اليمني
يمن مونيتور/ وحدة التقارير/ من آدم الحريبي
يوما بعد يوم، تلقي الحرب في اليمن ومعها الأزمة المتواصلة للعام التاسع بضلالها على واقع الشباب وصل معه معدل البطالة بين الشباب إلى الـ 90بالمئة، في ضل استمرار توقف إجراءات التوظيف في المصالح والمؤسسات الرسمية وانحسار مشاركة الشباب في العمل السياسي.
ومع تفاقم الأزمة السياسية واتسعت سوق البطالة وتزايدت تحديات الحصول على عمل أمام الشباب خصوصا، يبرز سؤال حول مدى تأثير الانتماء السياسي لدى الشباب على فرص حصولهم على وظيفة.
حضر سؤال التأثير بين الانتماء السياسي الحزبي للشباب وفرص التعليم والعمل، كموضوع أساسي في جلسة نقاشية أقمتها منظمة ثري تراكس شراكة مع مؤسسة فريدرش ايبرت الألمانية، جمعت شباب في مدينة عدن نهاية مايو المنصرم
تضمنت الجلسة تبادل وجهات نظر المشاركين الشباب حول التحديات التي يواجها الشباب المستقل في المجال التعليمي والمهني في ضوء تأثير الانتماء السياسي الحزبي ودور الأحزاب السياسية في تمكين الشباب ضمن قواعدها وإعطاءهم مسار مهني، إلى جانب استعراض اقتراحات الشباب حلولا للمشاكل التي يواجهونها في هذا الإطار.
مساحة آمنة
تقول ميادة البيضاني، مديرة مشاريع مؤسسة فريدرش ايبرت الالمانية، راعية برنامج الصالون الثقافي الشبابي، إن الصالون محاولة لترسيخ قيم الحوار لدى الشباب وتقبل اختلافات الرأي والرأي الآخر القائمة على الانتماءات السياسية والاجتماعية، وإكساب الشباب القدرة على الحوار.
وتذكر البيضاني أن نقاشات سابقة أجرتها ضمن عملها في إدارة مشاريع مؤسسة فريدرش ايبرت الألمانية خلصت الى أن ما يزعزع الاستقرار السياسي والاقتصادي هو بالدرجة الأولى اختلاف الرأي بين القوى المتنازعة على أرض الواقع، وأن عدم تقارب رؤاهم السياسية، وهو الدافع الأساسي لتركيز المؤسسة على خلق مساحات للحوار تجمع المكونات والشباب، الحوار الذي يقدم للمصلحة العامة على المصلحة الشخصية أو الحزبية.
الحوار مدخل للحلول
وتشير البيضاني إلى أن أهداف الصالون الثقافي الشبابي الذي تنفذه منظمة ثري تراكس في عدن توافق مع أهداف مؤسسة فريدرش ايبرت الألمانية التي مثلت من خلال البرامج التي تنفذها جهة حاضنة تمكن الشباب من التحدث عن همومهم واهتماماتهم بحرية دون خوف أو ضغوطات مع عدم الاكتراث بالخلفية السياسية والاجتماعية ، تأكيدا على أهمية التعبير عن الاحتياجات كمدخل إلى بحث الحلول والمعالجات، حد وصفها.
“ترفع منظمة ثري تراكس الجهة المنفذة للصالون، تقارير دورية تتضمن أهم آراء و توصيات الشباب، يجري رفعها للجهات ذات الاختصاص وهو ما دفعنا للاستمرار في دعم الصالون للعام الثاني علي التوالي”، تضيف البيضاني.
تقول البيضاني مخاطبة الشباب: دائما شجعوا على الحوار والمناقشة وتقبل الرأي والرأي الآخر، وتأكدوا بأن هناك مساحة تسمع أصواتكم وتعبر عن اهتماماتكم وتعزز وجودكم في المجتمع، ما ضمن مشاركتكم السياسية كمقدمة لوصولكم إلى مراكز صنع القرار.
وتختتم حديثها “مؤسسة فردرش ايبرت و الشركاء المحليين في ثري تراكس أكثر حرص على استمرار هذه الجلسات لتستوعب معظم الشباب، ومن لم يحالفهم الحظ في حضور الجلسات يمكنهم مشاركة آراءهم عبر منصاتنا في مواقع التواصل الاجتماعي، مشددة على ضرورة أن يكون للشباب صوت وتأثير في خضم الأوضاع التي تعيشها البلاد.
من جانبه يعتقد عبدالرؤوف السقاف وكيل محافظة عدن لشؤون الشباب، أن مشروع الصالون الثقافي الشبابي يمثل حاجة ملحة، مؤكدا أن الشباب بكل فئاته السياسية تحتاج لمساحات حوارية آمنة من أجل النقاش والوصول لمقاربات و حلول تعنى بواقعهم الذي لا يتجزأ عن واقع المجتمع اليمني عموما.
ثقافة الصالونات في ضل الحرب
في السياق، تقول سلمى الأصبحي المدير التنفيذي لمنظمة ثري تراكس “تأتي أهمية الصالون من افتقار البلاد إلى مساحات نقاشية آمنة، واختفاء فكرة الصالونات الشبابية والنقاشية في عدن خلال فترة ما بعد الحرب.
تضيف الأصبحي، في خضم جلسة الصالون ” الحرب المستمرة زادت من الحاجة إلى ثقافة الصالونات المتمثلة بالحوار المنظم، كما هو الأمر في مناقشة المواضيع التي تمس الشباب في المرحلة الحالية”.
تسعى المنظمة من خلال الصالون إلى ضمان وصول صوت الشباب ورؤاهم عن المشاكل التي يواجهونها أو يلاحظونها والحلول والمعالجات من وجهة نظرهم، بطريقة ملائمة في توصيات ومقترحات ترفع للجهات ذات الاختصاص، تشير سلمى.
المنصات قد لا تكفي
من جانبها تقول ريم الصوفي مديرة مشروع الصالون الشبابي الثقافي، المنابر الالكترونية لا تأخذ الطابع الحواري القائم على الاستماع لوجهات النظر الأخرى والاخذ والرد.
“يبني الصالون قدرة عند الشباب على التحدث وتوصيل الأفكار وتبادلها إلى جانب بناء شخصيات وهويات شخصية جديدة قائمة على الثقافة ومعرفة الطرف الآخر والنظر للأمور من منظورات متعددة بعيد عن الاعتقاد الشخصي” تقول ريم.
وتضيف الصوفي “الصالون يعزز ثقة الشباب بأنفسهم، باعتباره مساحة خاصة بهم وحلقة وصل تربطهم بالسلطات والمجتمع عموما.
تنمية الحوار وتعزيز الوعي
يعتقد عبدالعزيز المحوري وهو متخرج من كلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة عدن ان الجلسات النقاشية للشباب تعزز العلاقات بينهم وتنمّي مهارة الحوار وروح النقد، وتسهم في إيجابا في مستوى الوعي لديهم سواء ببناء مفاهيم جديدة أو تصحيح أخرى مغلوطة من خلال الحوار. معلقًا “وجود مثل هذه الجلسات في عدن أمر بالغ الأهمية بالنسبة لنا” حد تعبيره.
ويضيف المحوري، “حوار مجموعة من الشباب في صالون معين قد يكون بذرة وعي تغير مجرى حياة شاب، وقد يسهم بتغيير قناعات شاب آخر ليغير مجرى حياته كلياًّ، وبالتالي لا يمكن الاستهانة بمثل هذه الجلسات التي لها دور كبير بناء الشخصية والمعرفة لدى الشاب”.
أولوية الولاء في التوظيف
يتحدث المحوري تعليقا على دوافع انتماء الشباب إلى جهة أو توجه ساسي، وتأثير ذلك الانتماء على حياته المهنية، يقول” ينتمي الشباب مثل غيرهم لجهات سياسية أو أحزاب معينة لأسباب معينة مثل الحصول على مصلحة معينة أو نتيجة للتأثير العاطفي، أو بفعل تبنيهم عقيدة سياسية معينة وهي المرحلة الأعمق، سرعان ما تتلاشى الانتماءات القائمة على المصلحة والعاطفة بزوال المصلحة أو ببلوغ الشاب الوعي السياسي الكافي”.
ويواصل حديثه ” هذا الوضع الذي ينتهي بالشاب بين مطرقة المحسوبية على جهة سياسية معينة وبين سندان وعيه الذي قد يجعله لا يرغب في السير قدماً في هذا الاتجاه، وهو ما يؤثر سلبا على حياته المهنية، إذ أن التوظيف أو التعيين يعتمد على أساس الولاء القائم على الانتماء السياسي وليس الكفاءة”.
حلول من وجهة نظر الشباب
ويشدد السياسي الشاب “المحوري” على أهمية الفصل الحقيقي بين الجهاز السياسي والجهاز المؤسسي المهني، باعتبار مهمة الجهاز المهني قائمة على التوظيف حسب الكفاءات والخبرات، فيما يقوم الجهاز السياسي بوظائف تطوعية لا يشترط أن تستند الى خلفية مهنية لأدائها ويقوم بها الجهاز السياسي مثل رئيس الدولة والمسؤولين السياسيين.
ويعلل المحوري، إن تداخل الأدوار بين الجهازين المهني والسياسي يجعل المسؤولين السياسيين يقومون بتعيين الأشخاص ومن بينهم الشباب في وظائف الجهاز المهني على أساس الولاء وليس الكفاءة، قائلا “إن منع التداخل في الأدوار بين الجهازين هو الحل “.
يقول المحوري، أن البطالة تتقدم كل المشكلات التي تواجه السواد الأعظم من الشباب وحلها بشكل عام بيد الدولة، مستدركا أن” الشباب يواجهون مشاكل كثيرة ولا نستطيع تحديد أكثرها أولوية نتيجة لأن ما يعتبر أولوية لشاب معين لا يعتبر كذلك لآخر”.
التأهل قبل التصدر
وعن تأثير الانتماء الساسي على فرص الشباب في التأهيل والتوظيف، يقول المحوري إن المشكلة ذات أولوية قصوى لدى الشباب عموما وعلى وجه الخصوص المبتدئين في خوض غمار السياسة تحت تأثير الحماس دون وعي سياسي كامل يمكنهم من التريث والسير بخطوات مدروسة بحيث تتشكل قناعاتهم السياسية تدريجياً.
يخاطب المحوري أقرانه الشباب المتطلعين للعمل السياسي، ” لا تتسرعوا في الانتماء السياسي تحت تأثير العاطفة فقط، ادرسوا الفروقات السياسية واللوائح التنظيمية للأحزاب تسلحوا بوعي سياسي يمكنكم من المشاركة السياسية بفاعلية أكبر، إذ أن التأهل قبل التصدر أمر مهم للغاية”.