النووي الإيراني.. فصل جديد
منذ اغتيال حسن نصر الله في لبنان. تخلى السياسيون والاستراتيجيون في إيران عن الحديث حول أدبيات السياسة والدبلوماسية، يتعاظم الحديث عن الأمة الإيرانية وواجب “الدفاع المقدس” عن الأمة. تصاعد الخطاب العسكري ودعوات السياسيين لمراجعة العقيدة النووية بصناعة القنبلة بأسرع وقت ممكن.
نُشر أن الرئيس الإيراني قبل توجهه إلى قطر (في زيارته الأخيرة) تلقى تحذيراً، عن احتمال استهداف الطائرة من الاحتلال الإسرائيلي فرد أنه مستعد للتضحية في سبيل الأمة الإيرانية. كلمات وعبارات مثل التضحية واسترداد الكرامة وحماية الأمة وإيران العظيمة تتردد في أفواه السياسيين والبرلمانيين والصحفيين في إيران، لاشك أنهم يستعدون لأسوأ السيناريوهات، حالة حرب جديدة في وقت ما زالت الحروب السابقة قريبة من الحرب الثمان سنوات مع العراق، إلى احتلال العراق وأفغانستان في بداية الألفية. لذلك فالأمة الإيرانية ليست مستعدة لحرب، وهو ما دأب القادة في طهران للحديث عنه.
يشعر المحافظون والإصلاحيون أنهم تعرضوا للخديعة من الغرب وأن الهدف الرئيسي للحرب في لبنان واغتيال محور المقاومة اتباعاً هو إنهاء النظام في إيران وتدميره. كانت تصريحات نتنياهو حول تغيير الشرق الأوسط واضحة بتدمير إيران. كان اغتيال حسن نصر الله ومعظم قيادات الصف الأول في حزب الله رسالة واضحة أنهم التالين، لذلك يستعدون؛ يعتبره العسكريون في إيران استهدافاً لكينونة الأمن القومي للبلاد، وأنهم الهدف التالي.
كان حصول إيران على القنبلة النووية محرماً بموجب فتوى من المرشد الأعلى-بغض النظر عن صحة هذا الادعاء إلا أنها لم تطور قنبلة نووية حتى الآن- لذلك اهتمت بتطوير الصواريخ بعيدة المدى وزيادة قدرتها التدميرية وإنشاء محور المقاومة: مجموعة الميليشيات المنتشرة في العالم العربي. لكن يبدو أن ذلك سيتغير إذا ما قُصفت منشآت حساسة في إيران. يفكرون جدياً الآن في صناعة القنبلة النووية مع وجود الصواريخ القادرة على حملها. ولأن إسرائيل غير قادرة على مواجهة إيران فإن الولايات المتحدة ستندفع للقتال بشكل مباشر مع الإيرانيين، وهذا هو السيناريو السيء الذي يجري البناء عليه في قصر “سعد أباد”؛ وإذا ما حدث ذلك فستقوم بصناعة القنبلة يحتاج الأمر لأسابيع، أشهر في حال تباطأت.
يعتبر الاستراتيجيون الإيرانيون أن منشآت الطاقة حساسة لاقتصاد بلادهم المتدهور، ومعها يتعاظم الخطر في المنطقة؛ لذلك ليست المنشآت النووية وحدها التي تخشى أن تتعرض للضربات والتي يمكن أن تشعل حرباً في الإقليم.
غيّرت 6 أكتوبر/تشرين الأول ديناميكيات القضايا والسياسة الدولية، وحركات التحرر الوطني، وقدرتها على إحداث هزّة كبيرة -كانت القضية الفلسطينية بحاجتها- وعلى الرغم من أن ما يحدث اليوم بين “إسرائيل” وإيران تداعيات لذلك الحديث الكبير إلا أن العالم العربي سيدفع ثمن ذلك، ومنطقة شبه الجزيرة العربية بوجه خاص فأممنا القومي ليس محصناً، مع كل هذا الاحتشاد الغربي قرب مياهنا في عالم لم يعد قائماً على القواعد، وفيما نأخذ طابع الحياد في الوقت الحالي سيأتي الوقت الذي يجب أن نختار فيه طرفاً.