نهج هاريس وترامب تجاه الحوثيين في اليوم الأول للبيت الأبيض
يمن مونيتور/ واشنطن/ ترجمة خاصة:
بغض النظر عن نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية في تشرين الثاني/ نوفمبر، ستحتاج الولايات المتحدة إلى استراتيجية تسمح لها بحماية التجارة الحرة والمفتوحة في البحر الأحمر ضد الحوثيين دون التورط في صراع مفتوح في اليمن. ومع ذلك، فإن تحقيق هذه الأهداف أصعب بكثير من تحديد الوسائل اللازمة لتحقيقها.
جاء ذلك في ورقة بحثية جديدة لمعهد دول الخليج العربية في واشنطن، كتبها جريجوري جونسن الباحث غير المقيم في المعهد والذي يكتب بشكل منتظم عن اليمن.
ووفقا لخدمة أبحاث الكونغرس، نفذ الحوثيون ما يقرب من 160 هجوما هددوا السفن التجارية والبحرية، مما أدى إلى انخفاض بنسبة تزيد عن 50٪ في السفن التي تسافر عبر البحر الأحمر وزيادة بنسبة 50٪ تقريبا في أسعار التأمين على السفن التي تستمر في المرور عبر قناة السويس. تضطر سفن الحاويات التي تتجنب البحر الأحمر إلى السفر حول القرن الأفريقي، مما يضيف الوقت والمسافة والتكلفة. كل هذه التكاليف الإضافية – سواء في الوقت أو المال – يتم تمريرها ببطء إلى المستهلكين ومعظمهم في أوروبا.
- هل سيلعب الحوثيون دورا أكبر في صراع الشرق الأوسط؟
- الحوثيون يخوضون مفاوضات مع روسيا للحصول على صواريخ
- مجلة أمريكية تابعة لإسرائيل تنشر قائمة ب25 قيادياً حوثياً تدعو لاغتيالهم
ويشير المعهد الأمريكي إلى أن إدارة بايدن ردت على هجمات الحوثيين باستراتيجية الدفاع والردع التي فشلت. أولا، تريد الولايات المتحدة الدفاع عن الشحن التجاري والبحري في البحر الأحمر. من الناحية العملياتية، كانت الولايات المتحدة وحلفاؤها ناجحين إلى حد كبير، حيث نجح الحوثيون في إغراق سفينتين فقط، على الرغم من أنهم ألحقوا أضرارا بعدة سفن أخرى. لكن تواتر هجمات الحوثيين ساهم في المخاوف التجارية بشأن استخدام البحر الأحمر. أما الشق الثاني من استراتيجية إدارة بايدن، وهو ردع الحوثيين عن تنفيذ هجمات في المستقبل، فقد فشل هذا الردع. وذلك لأن الحوثيين يريدون هذا الصراع مع الولايات المتحدة لأسباب سياسية داخلية خاصة بهم. وبالمثل، لم تتمكن الولايات المتحدة، على الرغم من الضربات الجوية المتعددة، من إضعاف الحوثيين لدرجة أنهم غير قادرين على تنفيذ هجمات في المستقبل.
لذلك -يقول المعهد الأمريكي- ستحتاج الإدارة القادمة – سواء إدارة هاريس أو ترامب – إلى رسم مسار جديد للتغلب على أوجه القصور في النهج الأمريكي الحالي.
ويقدم المعهد توقعاته لشكل الاستراتيجيات الأمريكية في حال فوز أحد المرشحين.
- حرب شاملة في الشرق الأوسط تقترب وجهود التهدئة محكومة بالفشل
- القيادة الحوثية.. هدف إسرائيلي أم أمريكي محتمل؟
- هل تقصف إسرائيل صنعاء؟!
نهج هاريس
من المرجح أن تحاول إدارة هاريس المستقبلية تنفيذ ما يمكن تسميته “بايدن بلس”. في البداية، من المرجح أن تحاول إدارة هاريس حل مشكلة الحوثيين من خلال التعامل مع ما تعتقد أنه السبب الجذري: أي الحرب بين إسرائيل وحماس. ونتيجة لذلك، ستحاول هاريس التوسط في وقف إطلاق النار كخطوة أولى نحو التوصل إلى اتفاق سلام.
ويقول معهد دول الخليج العربية في واشنطن: ومع ذلك، مثل إدارة بايدن، ستجد إدارة هاريس بسرعة أنها لا تملك نفوذا كبيرا مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو كما كانت تعتقد.
في حال لم تتمكن إدارة هاريس من إنهاء دورة العنف في فلسطين، فإنها ستحتاج إلى إجابة حول ما يجب فعله مع الحوثيين. ومن المرجح أن يؤدي ذلك إلى اتباع نهج من خطوتين. أولا، ستحاول الولايات المتحدة إغلاق طرق التهريب التي تجلب الأسلحة الإيرانية إلى اليمن. ثانيا، عندما تجد الإدارة الجديدة نفسها محاصرة في الزاوية مع استمرار الحوثيين في مهاجمة السفن التجارية في البحر الأحمر، ستشعر أنه يجب عليها الرد بمزيد من القوة. وهذا من شأنه أن يؤدي إلى تخفيف بطيء ولكن تدريجي لقيود الاستهداف في اليمن. وبدلا من الاكتفاء بالضربات الدفاعية أو ضرب صواريخ الحوثيين أو مخازن الأسلحة، من المرجح أن تجد الولايات المتحدة نفسها تستهدف قائمة متزايدة من أهداف الحوثيين في محاولة لإنهاء هجمات الجماعة.
لسوء الحظ، من غير المرجح أن تحقق أي من هاتين الخطوتين الحالة النهائية التي تريدها الولايات المتحدة في اليمن: إنهاء ضربات الحوثيين في البحر الأحمر. أولا، إن طرق التهريب الإيرانية راسخة ومتنوعة بما فيه الكفاية بحيث ستواجه الولايات المتحدة صعوبة في إحداث تأثير كبير في تدفق الأسلحة إلى اليمن، ناهيك عن العدد الكبير من الأسلحة التي يمتلكها الحوثيون بالفعل. ثانيا، وربما الأهم، يريد الحوثيون تصعيدا مع الولايات المتحدة. ويراهن التنظيم على أنه قادر على استيعاب عقوبة أكثر مما ترغب الولايات المتحدة في فرضه. وبنفس الطريقة التي بنت بها الجماعة قاعدتها المحلية خلال سنوات من الغارات الجوية السعودية والإماراتية، يؤمن الحوثيون بأمرين: القوة الجوية وحدها لا يمكنها هزيمتهم، وكلما زادت الضربات على أهداف الحوثيين، زادت قاعدة دعمهم المحلية بشكل أقوى.
- ما الذي يعنيه نتنياهو ب”تغيير واقع الشرق الأوسط”؟
- ولاء “محور المقاومة”.. دوافع إيران ورسائلها من الهجوم الصاروخي على إسرائيل
نهج ترامب
في 19 يناير/كانون الثاني 2021، آخر يوم كامل لترامب في منصبه، صنفت إدارته الحوثيين “منظمة إرهابية أجنبية”. كانت هذه الخطوة، التي كان من المفترض أن تحاصر إدارة بايدن القادمة، جزءا من حملة ترامب “للضغط الأقصى” ضد إيران. بعد مراجعة استمرت شهرا، أزالت إدارة بايدن الحوثيين من قائمة الإرهاب في محاولة لإنهاء القتال في اليمن.
لم تنجح أي من الخطوتين بالطبع. لم تتمكن إدارة بايدن، على الرغم من بعض الجهود المبكرة، من إحلال السلام في اليمن، وبعد ثلاث سنوات، يشكل الحوثيون تهديدا أكبر للولايات المتحدة مما كانوا عليه عندما تولى بايدن منصبه. في كانون الثاني/يناير 2024، أعادت إدارة بايدن إدراج الحوثيين كجماعة “إرهابية عالمية محددة بشكل خاص”، ولكن على الرغم من كل الجدل الدائر في واشنطن حول تأثير التصنيف، لم يكن له تأثير ملحوظ على قدرة الحوثيين على استهداف الشحن التجاري في البحر الأحمر.
ومن المرجح أن تتخذ إدارة ترامب الثانية خطوتين فوريتين. أولا، سيعيد إدراج الحوثيين كمنظمة إرهابية أجنبية، الأمر الذي يحمل وزنا أكبر من قائمة الإرهاب العالمية المصنفة بشكل خاص. ثانيا، من المرجح أن توسع إدارة ترامب الجديدة قائمة الأهداف في اليمن، وربما تضرب أهدافا عالية القيمة، على غرار ما فعلته بمقتل قائد فيلق قدس التابع للحرس الثوري الإسلامي، اللواء قاسم سليماني، في كانون الثاني/يناير 2020.
ومع ذلك، من غير المرجح أن تؤدي أي من هاتين الخطوتين إلى وضع حد لهجمات الحوثيين في البحر الأحمر وحوله. ومن المرجح أن يؤدي تصنيف منظمة إرهابية أجنبية إلى تفاقم الأزمة الإنسانية المقلقة بالفعل في اليمن، مما يسمح للحوثيين بتعزيز سيطرتهم بشكل أكبر. وقد أظهرت عمليات القتل المستهدف على مستوى عال بعض القيمة في إضعاف الجماعات الإرهابية، لكن الحوثيين نجوا بل وازدهروا بعد مقتل القادة السابقين. في الواقع، قتل مؤسس الحركة، حسين بدر الدين الحوثي، (يقول البعض إنه أعدم) قبل 20 عاما. وبدلا من التصدع، ازدادت الجماعة قوة تحت قيادة والد حسين أولا، ثم شقيقه الأصغر الزعيم الحالي “عبدالملك”. الحوثيون ليسوا مشكلة سيحلها عدد قليل من الصواريخ الموضوعة جيدا.
- إحاطة عسكرية.. خيارات إسرائيل للانتقام من إيران
- ما هي المخاطر التي تنطوي عليها الخيارات الإسرائيلية بشأن الضربات الانتقامية على إيران؟
استراتيجية جديدة
وبغض النظر عمن سيفوز بالرئاسة في تشرين الثاني/نوفمبر، ستحتاج الولايات المتحدة إلى استراتيجية تسمح لها بحماية التجارة الحرة والمفتوحة في البحر الأحمر دون التورط في صراع مفتوح في اليمن. غير أن توضيح الأهداف النهائية لمثل هذه الاستراتيجية أسهل بكثير من وسائل المستخدمة في تحقيقها.