دخلت الحكومة الشرعية في اليمن، بدءاً من اليوم الخميس، مرحلة اختبار اقتصادي عسير، في بلد حولته الحرب إلى شفا هاوية اقتصادية. يمن مونيتور/ وحدة التقارير/ خاص
دخلت الحكومة الشرعية في اليمن، بدءاً من اليوم الخميس، مرحلة اختبار اقتصادي عسير، في بلد حولته الحرب المشتعلة منذ عامين، إلى شفا هاوية اقتصادية وإنسانية.
وتواجه حكومة “بن دغر” التي عادت اليوم، وبشكل نهائي، إلى مدينة عدن، العاصمة المؤقتة للبلاد، وكبرى مدن الجنوب، تحديات اقتصادية كبيرة، في بلد يعد الأفقر في المنطقة العربية.
والأسبوع الماضي، أصدر الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي قراراً قضى بتغيير إدارة البنك المركزي، ونقله من العاصمة صنعاء التي يسيطر عليها الحوثيون، إلى مدينة عدن، وبهذا سقط العذر الذي طالما تحججت به الحكومة حول “سيطرة المليشيا الانقلابية على البنك المركزي”.
وبهذا تكون الحكومة دخلت، فعلياً، مرحلة اختبار حقيقي فيما يتصل بالشأن الاقتصادي، وأمامها ملفات مالية شائكة فيما يتصل ببند الأجور والتشغيل، وكذا ملف إداة الإعمار بعد نحو عامين من الحرب التي يخوضها تحالف الحوثي/ صالح، دمرت الكثير من البنية التحتية الضعيفة أصلاً.
لكن في مقابل ذلك، تمتلك الحكومة أوراق اقتصادية رباحة فيما إذا أحسنت استغلالها، وجففت منابع فساد بدأت تطفو إلى السطح رغم الوضع الاقتصادي الرديء الذي تمر به البلاد عموماً، بينها ورقة النفط والغاز، إضافة إلى واردات الجمارك والضرائب، وفوق هذا الدعم الذي قدمته وستقدمه دول التحالف العربي التي تساند الحكومة في حربها ضد الحوثيين والرئيس السابق.
ويعوّل كثيرون على الدور المحوري الذي ستلعبه المملكة العربية السعودية في دعم الاقتصاد اليمني، للوصول إلى مرحلة التعافي وتجاوز مرحلة الافلاس الذي أحدثته عامان من الصراع.
واليوم الخميس، قال رئيس الوزراء اليمني “أحمد عبيد بن دغر” إن نقل البنك المركزي من صنعاء إلى عدن فرضته الضرورة الملحة لتفادي الانهيار الكامل للاقتصاد الوطني.
وأشار “بن دغر” خلال لقائه اليوم في الرياض، القائم باعمال السفير البريطاني لدى اليمن اندرو هنتر، إلى ان الحكومة ظلت وبشكل مستمر تطلع الأمم المتحدة والمجتمع الدولي والمؤسسات المالية الدولية على انتهاكات الحوثيين للهدنة الاقتصادية المفترضة.
وأكد على ضرورة دعم المجتمع الدولي للحكومة الشرعية في إجراءاتها للحفاظ على الاقتصاد الوطني من مخاطر الانهيار الشامل لما لذلك من آثار كارثية على الوضع الانساني المتردي جراء الحرب التي اشعلتها الحوثيين وحليفهم صالح .
وكان ألبرت جيغر، رئيس بعثة صندوق النقد الدولي في اليمن، قال في تعليقه على قرار نقل البنك المركزي إلى محافظة عدن إنه أنشأ وضعاً جديداً وقد يثير بعض التحديات أمام مواصلة تقديم السلع العامة لكل اليمنيين.
وعن موقف صندوق النقد الدولي من التغييرات الأخيرة التي أقرها الرئيس هادي بشأن البنك المركزي اليمني، أشار “جيغر” في تصريحات صحفية أن الصندوق أحيط علماً بالمرسوم الذي أصدره الرئيس هادي القاضي بإعادة تشكيل مجلس إدارة البنك المركزي ونقل مقره من صنعاء إلى عدن.
وأوائل أغسطس/ آب الماضي، أعلن وزير النفط اليمني، سيف الشريف، إن بلاده بدأت استئناف تصدير النفط من حقول المسيلة في حضرموت شرقي البلاد، بعد انقطاع دام أكثر من سنة وستة أشهر.
ونقلت وكالة “سبأ” الرسمية عن “الشريف”، قوله إنه “باستئناف عملية الإنتاج والتصدير من حوض المسيلة يكون الاقتصاد الوطني قد استعاد جزء من عافيته”، معبراً عن “أمل حكومته في التمكن قريبا من استعادة الانتاج من حقول محافظتي مأرب وشبوه وإعادة تصدير النفط والغاز عبر مينائي رأس عيسى و بلحاف”.
ويرى محمد مثنى، وهو خبير مالي أن “الحكومة اليمنية تواجه تحديات كبيرة بينها شح السيولة النقدية، وكذا غياب الرقابة على المؤسسات المالية وفروع البنك المركزي الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية”.
وقال “مثنى” في تصريح خاص لـ”يمن مونيتور”، إن من بين التحديات كذلك “التهرب الضريبي والتهريب والفساد الحاصل في قطاع النفط والغاز، وفي حال استطاعت الحكومة أن تسيطر على ذلك فقد تخلق نوعاً من الاستقرار، وتضمن انتعاش الاقتصاد في المناطق المحررة”.
وتابع، “على الحكومة سرعة تفعيل البنك المركزي الرئيسي في عدن، وكذا فروعه في بقية المناطق المحررة، وربطها بالمركز، وممارسة دورها الرقابي والاشرافي على السوق والزام الصرافين بالسعر الرسمي للعملات”.
وحول ما يمكن أن ينعش الاقتصاد، أشار “مثنى” إلى أن “على الحكومة سرعة استكمال النقل وإلزام البنوك التجارية بالتعامل معه، وضخ ودائع أو هبات للخزينة، إضافة إلى تحويل الايرادات بشكل سريع وجاد، ومراقبة ذلك، وكذا تشغيل الشركات النفطية وضخ النفط والغاز، وإيرادات المنافذ والجمارك، ومراقبة الضرائب ومتابعة المتهربين وإلغاء الإعفاءات التي منحها النظام السابق لكثير من التجار والمتنفذين المحسوبين عليه”.
وسجلت اليمن أعلى إجمالي للناتج المحلي في 2014 بحوالي 37 مليار دولار، وفي عام 2015م شهدت انكماش في الناتج المحلي بنسبة 35%. وقد قُدر دمار الحرب بحوالي 19 مليار دولار، وتوقع إفلاس وشيك للمؤسسات العامة.
وقد انخفضت إيرادات الدولة بنسبة 53.7% في عام 2015 والتي تسيطر إلى حد كبير عليها جماعة الحوثيين، نتيجة لتوقف صادرات النفط التي كانت تساهم بنسبة 45% من دخل الدولة في عام 2014. ايضاً هناك انخفاض بنسبة 19.2% في الإيرادات الضريبية وذلك مع إنهاء الشركات لتداولاتها وتسريحها للموظفين.