فكر وثقافة

مجير الدين العليمي الحنبلي “أبو اليمن” مؤرخ القدس والخليل

 

مجير الدين العليمي الحنبلي -الملقب أبو اليمن- عالم وفقيه حنبلي، ومؤرخ القدس والخليل وقاضي قضاة القدس. ولد سنة 1456م  وتوفي عام 1520م.

المولد والنشأة

ولد عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن مجير الدين العمري العليمي المقدسي الحنبلي، ولقبه أبو اليمن، في القدس يوم 13 أكتوبر/تشرين الأول 1456م في بيت علم وصلاح.

كان والده قاضيا في الرملة والقدس، ويتصل نسبه بعبد الله بن عمر بن الخطاب، ولذلك يدعى العمري، أما لقب العليمي فاكتسبه نسبة إلى القرية المسماة باسم قرية علي بن عليم الواقعة شمال يافا والمدفون فيها علي بن عليم، وهي موطن أجداده.

نشأ عبد الرحمن في مدينة القدس وفيها شب وتلقى العلوم الأساسية على والده، الذي حرص على إعداده علميا ليكون له شأن يحفظ مجد أسرته، ومن ثم دفع به إلى مجالس كبار العلماء والشيوخ المقدسيين.

ذهب إلى الحج عام 1502م وأقام في مكة شهرا، ثم عاد إلى القدس وانقطع للإفتاء والتدريس في المسجد الأقصى.

الدراسة والتكوين

تلقى عبد الرحمن العليمي دراسته في المراحل الأولى في مدينة القدس، وامتدت هذه الفترة من سنة 1455م إلى 1475م، وكان شيخه الأول والده الذي علمه القرآن والقراءة والكتابة، وشيئا من الفرائض والحساب والفقه والنحو.

وكان يصحبه إلى مجالس العلماء منذ الثالثة من عمره، وحفظ ملحة الإعراب في النحو التي نظمها الحريري صاحب المقامات، ولم يتجاوز السادسة من عمره، وعرضها على الفقيه الشافعي من قلقشندة الواقعة في محافظة القليوبية في مصر، تقي الدين القلقشندي، وهو أول شيخ جلس بين يديه.

حفظ العليمي القرآن في العاشرة من عمره، وقرأه على المقرئ الحنفي علاء الدين الغزي، وتميز بالقراءات السبع، وختم القرآن مرات عديدة في مكتب الناظر في القدس.

كان الشيخ تقي الدين القلقشندي يدفعه لحضور مجالس الشيخ محمد بن موسى الغزي، شيخ القراء في القدس، وقد استفاد منه في قراءة القرآن وسمع عليه صحيح البخاري.

أما علوم الفقه (خاصة كتاب المقنع لابن قدامة وكتاب مختصر الخرقي لأبي القاسم عمر بن الحسين الخرقي) فدرسها على والده، كما تعمق فيها مع آخرين مثل شيخه كمال الدين بن أبي الشريف، الذي حضر مجالسه في المسجد الأقصى والمدرسة الصلاحية.

كما درس أيضا على الشيخ أبي الأسباط العامري، أحمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر العامري الرملي، الذي كان يعمل في المدرسة الصلاحية في القدس.

ودرس مجير الدين في الزاوية الختنية في القدس الشريف على شيخه إبراهيم بن عبد الرحمن السعدي الخليلي الشافعي، وعلى برهان الدين الأنصاري المعروف بابن قوقب، وهو شيخ شافعي ولد في الخليل، وأخذ عنه علم الحديث والفقه، وحصل منه على الإجازة الخاصة والعامة.

 

فتح الرحمن بتفسير القرآن الجزيرة

كما لازم مجير الدين، أحمد بن محمد بن عمر العمري الدمشقي شهاب الدين أبا العباس، الذي ولد بالقدس وباشر الحكم فيها نيابة عن شهاب الدين قاضي الخليل. وكان مجير الدين يلازمه ويحضر مجالسه ودروسه في المسجد الأقصى.

ودرس أيضا على العلامة شمس الدين أبي مساعد الشافعي، الذي كان من أعيان بيت المقدس، كما أخذ عن الشيخ زين الدين الحلبي الحديث النبوي وخاصة صحيح البخاري، ودرس على القاضي نور الدين المالكي المصري العربية وعلم الفرائض والحديث والحساب.

انتقل مجير الدين إلى القاهرة ليكمل دراسته وبقي هناك حتى عام 1484م. وفيها أخذ العلم عن كثير من الشيوخ والعلماء ومنهم بدر الدين السعدي، أحد كبار علماء الحنابلة في مصر آنذاك، وكان نائب الحكم ومفتي دار العدل، وقد لازمه وأخذ عنه كتاب التسهيل لعلوم التنزيل.

كما درس على القطب الخضيري قاضي الشافعية في دمشق، وحضر مجالس المؤرخ السخاوي، أحد كبار علماء الديار المصرية حينها، وعثمان بن محمد الطبناوي أحد حفاظ الحديث النبوي الشريف.

وأخذ مجير الدين كذلك عن الجلال البكري أبي البقاء النحو والفقه في الخانقاه البيبرسية، وأمضى في مصر ما يقارب 10 سنوات باحثا ودارسا للقرآن والفقه والحديث.

الوظائف والمسؤوليات

ولي قضاء الرملة عام 1485م. كما تولى قضاء القدس والخليل ونابلس، ثم ترك قضاء نابلس بعد سنتين واستمر بالباقي إلى أيام الدولة العثمانية، وبالضبط عام 1516م، وبذلك يكون تولى قضاء القدس 31 سنة متواصلة.

المؤلفات والإنجازات

وضع مجير الدين العليمي عدة مصنفات في الفقه  والتفسير وتراجم الرجال والتاريخ، ومن أشهر مؤلفاته “الأنس الجليل بتاريخ القدس والخليل” تناول فيه تاريخ مدينة القدس منذ بدء الخليقة حتى 1494م، كما تناول فيه تاريخ مدينة الخليل أيضا. ويعد كتابه هذا وثيقة تاريخية مهمة من 1468 إلى 1494م .

ومن مصنفاته الأخرى:

تفسيران، الأول فتح الرحمن بتفسير القرآن، والثاني الوجيز في تفسير القرآن.

الإتحاف وهو مختصر لكتاب الإنصاف.

تصحيح الخلاف المطلق في المقنع.

الإعلام بأعيان دولة الإسلام.

المنهج الأحمد في تراجم أصحاب الإمام أحمد.

الدر النضيد في أصحاب الإمام أحمد.

التاريخ المعتبر في أنباء من غبر.

إتحاف الزائر وإطراف المقيم والمسافر.

البدر المنور في سيرة الملك المظفر .

كما يوجد في خزانة مصطفى باشا بالمكتبة السليمانية في إسطنبول مخطوط مسجل عليه: تاريخ القدس لمجير الدين العليمي.

 

الوفاة

توفي مجير الدين العليمي في القدس سنة 1520م ودفن في مقبرة مأمن الله. كما يوجد له مقام في وادي قدرون قرب كنيسة الجثمانية.

 

المصدر: الجزيرة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى