عامان على سقوط الدولة.. وجه اليمن تغير كثيراً وفقاً لتغير المعادلة السياسية التي لم تأخذ في حسبانها ملايين اليمنيين الذين سيتوزعون بين تشريد وقتل ونزوح وألم، واقتصاد شبه منهار وميراث دم سيفقأ بعود ثقابه عيون المستقبل الهادئ. عامان على سقوط الدولة.. وجه اليمن تغير كثيراً وفقاً لتغير المعادلة السياسية التي لم تأخذ في حسبانها ملايين اليمنيين الذين سيتوزعون بين تشريد وقتل ونزوح وألم، واقتصاد شبه منهار وميراث دم سيفقأ بعود ثقابه عيون المستقبل الهادئ.
عامان على سقوط الدولة، وجع اليمن يتضاعف كل يوم، وشكل المستقبل لا يزال غامضاً أكثر.
بتواطؤ من قيادات عسكرية كبيرة.. أبرزها وزير الدفاع محمد ناصر أحمد استطاعت مليشيا معزولة في شمال الشمال أن تبسط نفوذها على العاصمة صنعاء، قلب الدولة ومحافظات يمنية عدة.
كان الرئيس هادي ككل السياسيين الطامحين إلى استغلال الظرف الزمني لصالحه، كان يعتقد أنه سيستخدم مليشيا الحوثي كمارد يلبي طموحاته في تقليص بعض خصومه، وسيعيده بعد ذلك إلى قمقمه، غير أن اللعبة كانت أكبر من الرئيس هادي، وكان أن أكل يوم أكل الثور الأسود.
عامان على سقوط الدولة.. وعامان وسط الألم، خارج الأحلام
بعد أيام من اقتحام المليشيا لمحافظة عمران ومقتل قائد اللواء 310 حميد القشيبي، والاستيلاء على أسلحة ومعدات اللواء، وهو أحد أهم ألوية الجيش اليمني سلاحاً وعتاداً، زار الرئيس هادي محافظة عمران قائلاً: إن عمران عادت إلى سيطرة الدولة.
بدا هادي مطمئناً، ظن أن الحوثيين سيتوقفون في عمران.. غير أن رحى السياسة كانت تدور بوصلتها باتجاه آخر هذه المرة.. العاصمة صنعاء.
بعد أقل من شهرين كان هادي في منزله محاصراً وضعيفاً ومعزولاً، لا قرار بيده ولا سلطة.. ولم تعد عمران إلى حضن الدولة كما قال، بل خرجت معها صنعاء أيضاً.
صحت المكونات السياسية من غيبوبتها على وقع أقدام المليشيا التي هددت بجرف التجربة السياسية، وهدم مكتسبات أكثر من عقدين من الحياة الديمقراطية.. ليس مكتسبات عقدين فقط بل مكتسبات أكثر من 50 عاما، تجربة الأحرار أمثال علي عبد المغني والزبيري والنعمان والثلايا واللقية والسلال.. ومن هنا بدأت ملامح الحرب تأخذ شكلا أكثر وضوحا.. بين الجمهورية والإمامة.
لم يصحُ الناس في العاصمة صبيحة ذات يوم على وقع أقدام المليشيا في النمفذ الشمالي، بل جاءت رحلتها كنتيجة حتمية لغياب المشروع الوطني لدى القوى السياسية عقب ثورة الحادي عشر من فبراير، وجاءت كنتيجة لإجهاض المشاريع السياسية القادمة.. فقد كان الحوار الوطني أنجز وثيقته بتوافق جميع الأطراف السياسية في الخامس والعشرين من يناير عام ألفين وأربعة عشر، بالإضافة إلى إنجاز شبه كامل للدستور الجديد وإصلاح السجل الانتخابي.
جاء ذلك الاقتحام لصنعاء لإلغاء جميع الإنجازات وإعلاناً ببدء السقوط نحو الهاوية.
ما حدث بعد ذلك كان الأهم، عامان كاملان على غياب الدولة، مخالفات بالجملة، اختطافات وحروب على المحافظات، ضحايا دونتهم المنظمات وآخرون في طي النسيان.
لم تفد الحوارات السياسية بين أطراف العمل السياسي في تحقيق مفهوم الشراكة، سعى الحوثيون إلى استباق الخطوات، وأصدروا إعلاناً دستورياً تضمن تشكيل لجنة ثورية مثلت السلطة الأعلى في البلاد، ومضت في تحقيق ما تصبو إليه مستغلة أدوات الدولة، ثم تحولت إلى شكل المجلس السياسي بعد أن كادت تصرفات اللجنة الثورية تودي بشراكة الحوثيين مع المخلوع.
مثلت سيطرة المليشيا على العاصمة والقرار السياسي تهديداً حقيقياً لدول الجوار وخاصة دول الخليج، التي رأت في الحوثيين الذراع الإيراني خطراً استراتيجياً.
في السادس والعشرين من مارس الماضي وفي الساعة الثانية عشرة ليلاً انطلقت عاصفة الحزم بقيادة السعودية، وأعلن التحالف العربي مهمته في الوقوف إلى جانب الشعب اليمني والدفاع عن الشرعية بعد أن مارست المليشيا بحق الرئيس هادي ورموز الحكومة الاختطاف والحصار، وبعد أن فشلت الحوارات السياسية في التوصل إلى خارطة طريق.
وبانطلاق عاصفة الحزم تلاشت أحلام المليشيا والمخلوع في حكم اليمن، وصحا صالح على كابوس الطائرات الحربية التي تحلق في سماء صنعاء، وبعد عامين تقف كتائب الجيش الوطني على بعد كيلو مترات عن العاصمة، التي تعيش فيها المليشيا عزلة سياسية ومالية بعد أن تم نقل البنك المركزي.