“اللغة المهرية”.. إرث ثقافي وأدبي يجابه الاندثار في اليمن
يمن مونيتور/ رصد خاص
تُصنّف اللغة المهرية ضمن اللغات السامية التي نشأت جنوب الجزيرة العربية، وفي كل عام يحتفي اليمنيون بها، باعتبارها جزء لا يتجزأ من تاريخ وتراث اليمن القدم، وواحدة من أقدم اللغات السامية الجنوبية الحديثة.
ويطالب الكثير من المثقفين والسياسيين في المين، بضرورة الحافظ على هذه اللغة القديمة من الاندثار، نظراً لما تمتلكه اللغة المهرية من إرث ثقافي وأدبي يعكس حضارة وقدم هذه اللغة، والتوعية بضرورة الاهتمام بها كواحدة من أقدم اللغات في شبه الجزيرة العربية والعالم.
وفي هذا الشأن، قال وزير الإعلام والثقافة في الحكومة اليمينة، معمر الإرياني، إن “الاحتفال بيوم باللغة المهرية، تمثل جزءًا أساسيًا من هويتنا وتاريخنا العريق”.
وأضاف “في يوم اللغة المهرية، نتذكر أهمية الحفاظ على هذا الإرث الثقافي الذي تناقلته الأجيال، وهي ليست مجرد وسيلة للتواصل، بل تاريخ وأصالة وجذور متأصلة في أعماق اليمن”.
وتابع: “اللغة المهرية ليست فقط كلمات تُقال، بل هي رمز لتراثنا اليمني المتنوع الغني وصمودنا أمام التحديات التي مرت بها الأجيال.. كل كلمة وكل حرف فيها يحمل بين طياته حكايات أسلافنا، قصصاً عن المهرة وأهلها الكرام الذين حافظوا على هذه اللغة من الاندثار”.
بدورهـ قال رئيس جامعة المهرة، أنور كلشات المهرين إنه “في الثاني من أكتوبر من كل عام يحتفل أبناء المهرة في الداخل والخارج بلغتهم المهرية العريقة التي تعتبر هوية لهم وخصوصية ثقافية واجتماعية وإرث ثقافي ولغوي وطني يعكس التنوع الثقافي والحضاري في الوطن.
وأضاف “ليحتفل الجميع بهذه المناسبة كل عام لأنها تمثل الإعتزاز بالموروث والتاريخ و العراقة التي تختزلها هذه اللغة العربية الأصيلة”.
من جانبه، حث وزير الثروة السمكية السابق الدكتور فهد سليم كفاين، أبناء المهرة وسقطرى على ضرورة العمل من أجل دمج اللغتين (المهرية والسقطرية)، بأدوات المعرفة الحديثة ومفردات التعليم بمختلف مراحله.
وقال كفاين بمناسبة يوم اللغة المهرية: “يحتفي أبناء المهرة الأربعاء 2 أكتوبر بيوم اللغة المهرية وقد قطعوا شوطا كبيرا في تأصيلها وبناء معجم لغوي واسع ودمجه بوسائل وأدوات المعرفة الحديثة”.
وأضاف “نرحب بالجهود الكبيرة ونبارك للمهريين خاصة ولنا جميعا ذلك الإنجاز. وأتمنى أن نحقق الإنجاز نفسه للغة السقطرية وهي الأخت الأقرب لها في السلالات اللغوية”.
وأشار إلى أن “الإنجاز المهري يتزامن مع جهود كبيرة لأبناء سقطرى وغيرهم من المختصين في بحث ومناقشة خطوات تصنيف الأبجدية السقطرية واعتماد معجم لها”.
وأكد أن “المهرية والسقطرية كلغتين تمثلان مفاتيح لثقافات أصيلة وتراث إنساني يمتلك التميز والثراء ولا تزالان ضمن اللغات المعرضة للتآكل والإنحسار”.
“هوية راسخة وتاريخ متجذر”
نظم مركز اللغة المهرية للدراسات والبحوث التابع لجامعة المهرة، فعاليات يوم اللغة المهرية، تحت شعار “هوية راسخة وتاريخ متجذر”.
وبارك المحافظ بن ياسر لأبناء محافظة المهرة بمناسبة يوم اللغة المهرية الثاني من أكتوبر من كل عام وبمناسبة عيد الثورة الأم 26سبتمبر.
وأكد على أهمية الاحتفال بيوم اللغة المهرية كلغة تاريخية أصيلة قائلا ً “اهتموا بلغتكم وتراثكم، فهذا تراث إنساني عظيم يعزز شمل الوطن الكبير، والمهرة هي أمنا وتاريخنا، وأبناؤها وكل من يعيش فيها مطالبون بالحفاظ على أمنها واستقرارها، ولغتنا المهرية جزء لا يتجزأ من هويتنا وتاريخنا، ويجب علينا أن نفخر بها ونواصل الحفاظ عليها للأجيال القادمة.
كما أكد المحافظ دعم السلطة المحلية لفعاليات يوم اللغة المهرية وتذليل الصعوبات لإنجاحها وتحقيق أهدافها بما يصون الموروث الشعبي المهري ويحافظ على اللغة المهرية الأصلية.
من جانبه أشار رئيس جامعة المهرة أنور كلشات إلى أن اللغة تعتبر هوية لكل أبناء المهرة، والاحتفال بها والمساعدة في نشرها ليست حكراً على أحد، مثمناً الدعم المقدم من قبل السلطة المحلية للجامعة ولمركز اللغة المهرية للدراسات والبحوث للحفاظ عليها ونشر الأبحاث العلمية عنها كونها تمثل هوية أبناء المهرة وخصوصيتهم الثقافية والتاريخية.
تخلل الحفل عدد من الفقرات الشعرية والتراثية والوصلات الفنية، وأوبريت عن اللغة المهرية وتكريم الفنان عسكري حجيران وأولاد الفقيد المرحوم الباحث سالم لحيمر محمد القميري والمشاركين في الحفل.
والمهرية، واحدةٌ من ست لغاتٍ عربيةٍ جنوبيةٍ متبقية، وهي مشتقة أساساً من اللغة الحميرية الأم، وهي منتشرة بشكل رئيس في محافظتي المهرة وسقطرى شرقي.
وفي محافظة المهرة اليمنية، تحاول بعض العائلات جاهدةً الحفاظ على هذه اللغة القديمة، من خلال التحدث بها بشكلٍ دائمٍ وتعليمها إلى الجيل الجديد، غير أنها تفتقر إلى الاهتمام والدعم الرسمي من الحكومة.
تشير التقديرات إلى أن هناك ما بين 100 ألف و200 ألف يتحدثون اللغة المهرية، أغلبهم في المناطق الشرقية لليمن، وأجزاء من محافظة ظفار غرب عمان، وبأعدادٍ أقل جنوبي السعودية ودول الخليج الأخرى.
وبالرغم من غناها الثقافي والأدبي، تصنف اليونسكو “المهرية” على أنها “بالتأكيد لغة مهددة بالإنقراض”، مما يعني أنه لم يعد يتعلّمها الأطفال كلغةٍ أم في المدارس أو الجامعات، وإنما بات تدريسها يقتصر على اهتام بعض العائلات بها وتمسكهم بهذا الإرث التاريخي العظيم.
وفي الثاني من شهر أكتوبر من كل عام، اعتمدت السلطات المحلية في محافظة المهرة اليمنية، هذا اليوم ليكون يوما للاحتفال باللغۃ المهريۃ وذلك تزامنا مع إشهار مركز اللغۃ المهريۃ للدراسات والبحوث في الثاني من أكتوبر 2017.