لا يختلف الناس كثيرا في دعم حركة حماس، لكنهم ليسوا كذلك بالنسبة لحزب الله،. وبعيدا عن الأسباب، فإن تساؤلات مشروعة عن مآلات قضية فلسطين، في ظل الهجمة الإسرائيلية الوحشية والعاتية، ومعنى الخلاف حول تنظيم وضع مقدراته في خدمة القضية؟
أولا، قضية فلسطين ليست وليدة اليوم، وما بذلته حماس في سبيلها، فعله كثيرون قبلها من الفلسطينيين والعرب، بمعنى أن القضية ستظل حاضرة، لأنها أكبر من أن تكون مجرد قضية وطنية، أو محض فلسطينية، ولأن إسرائيل كانت وستبقى جسم غريب منغرس في جسدنا.
على ذلك، لن تموت القضية لأن هناك من حاول ولم ينجح، أو لأن بعض مقاربات المقاومة لم تكن مناسبة، كل هذه وسواها أسباب تعطل مشروع التحرير لكنها لم توقفه، وستظهر في كل وقت قوى وتيارات فكرية وتنظيمية تعمل لهذا الهدف سلما أو حربا.
بالطبع حركة حماس ما زالت قائمة، وهي تنظيم إيديولوجي لا يمكن القضاء عليه بالسلاح، نشأت من أجل فلسطين وفي خضم انتفاضتها، وقبلها كذلك حركات التحرر الفلسطينية مثل فتح والشعبية وسواهما، لكن ما يتصل بحزب الله وبقية أطراف المحور، فذلك أمر آخر، لأنها لم تنشأ بالاصل من أجل فلسطين، فحزب الله نشأ عام ١٩٨٢ لتحرير الجنوب اللبناني، ولانهاء احتكار حركة أمل تمثيل الطائفة الشيعية، وكان الحزب جزءا جوهريا من تجليات الثورة الايرانية قبل ذلك بثلاث سنوات.
والفصائل العراقية ولد بعضها في كنف الاحتلال الأمريكي، وهناك من قاوم الاحتلال قبل ان يباشر بمقاتلة فصائل المقاومة التي كانت تقاتل القوات الأمريكية، خلال الحرب الأهلية، ثم توالدت فصائل عديدة، حتى ظهر داعش، والفتوى الشهيرة التي أسس عليها الحشد الشعبي، وفصائل أخرى ضمنه.
هذه الفصائل جميعا هدفها محلي، يتضمن السيطرة والنفوذ، وبعضها مكلف بضمان النفوذ الإيراني وتنفيذ توجيهاته، ولم تتوسع هذه الفصائل إلى سوريا إلا ضمن السياق الإيراني، ثم ظهر (محور المقاومة) بحدود العام ٢٠١٨ ليكون الغطاء الجديد بعد القضاء على داعش بدعم التحالف الدولي.
الآن، هل هذا المحور (باستثناء حركة حماس) مؤهل لحمل قضية فلسطين وهو المؤسس خارجها وبعيدا عنها، ويمكن أن يغادرها متى تطلبت المصالح؟
نعم، ولذلك فلا خوف على القضية باي تراجع لهؤلاء، باستثناء نصر تحققه إسرائيل لا يعجبنا ولا يفرحنا، لكنه مؤقت، ومعاناتها لن تزول ما دام حق الشعب الفلسطيني لم يسترد بعد.