“الكيان الجنوبي”.. كدلالة سيئة لمشروع استعادة الدولة اليمنية (تحليل)
يجتمع في أبوظبي مع نهاية هذا الأسبوع، قيادات سياسية جنوبية يمنية في العاصمة الإماراتية أبوظبي، ويبدو أن هذا الاجتماع جرى الترتيب له بشكل كبير كما يتحدث سياسيين ومراقبين للوضع في البلاد. يمن مونيتور/ تقدير موقف/ خاص:
يجتمع في أبوظبي مع نهاية هذا الأسبوع، قيادات سياسية جنوبية يمنية في العاصمة الإماراتية أبوظبي، ويبدو أن هذا الاجتماع جرى الترتيب له بشكل كبير كما يتحدث سياسيين ومراقبين للوضع في البلاد.
يسبق هذا الاجتماع المهم عريضة عن “كيان جنوبي” يقوده اللواء عيدروس الزبيدي محافظ محافظة عدن، وعلى الأرجح أن هذا الكيان يراد له النجاح بشكل أكبر وأعمق مما هو مشار إليه أو يحاول معارضوه الانتقاص من حيوية وجودة لكن نجاحه بإرادة البعض سيعمق كثيراً جدوى الانتقال إلى دولة اتحادية من ستة أقاليم.
الاجتماع بالتأكيد سيبحث هذا “الكيان الجنوبي” وتوحيده، وحسب مصدر سياسي فإن الكيان قد تم الترحيب به من قبل حيدر العطاس. وأضاف المصدر الذي فضل عدم الكشف عن هويته لـ”يمن مونيتور”، أن عددا من القيادات “الجنوبية” المؤيدة لإنفصال البلاد تتوافد إلى العاصمة أبوظبي، اليوم، بينهم محمد علي أحمد، ونائب الرئيس اليمني الأسبق علي سالم البيض والمهندس حيدر أبوبكر العطاس، إلى جانب أحمد بن فريد الصريمة وصالح بن فريد العولقي.
اليوم الخميس قالت مصادر مطلعة إن اجتماعاً في عدن ضم اللواء الزبيدي والدكتور الخضر السعيدي محافظ ابين الدكتور ناصر الخبجي محافظ لحج وفضل الجعدي محافظ الضالع؛ وأشاد الثلاثة مؤيدين “الكيان الجنوبي” المزمع الإعلان عنه.
الثلاثة المهمة
وفي هذا الكيان تدور ثلاثة أمور يجب دراسة موقفها وتداعياتها الأول: موقف السلطة الشرعية، والثاني: موقف دول التحالف بالأخص السعودية يعقبه الإمارات، والثالث: الحديث حق الجنوبيين في كيان سياسي يعبر عن تطلعاتهم ومطالبهم ويؤطرها في رؤية سياسية متكاملة وقابلة للتعاطي السياسي.
لا يوجد موقف للحكومة الشرعية عدا كون محافظ عدن تابع لهذه الشرعية، لكن موقفاً من الحكومة ذاتها ومن مؤسسة الرئاسة لم يبدأ بعد؛ وحسب دعوة الزبيدي لهذا الكيان فإن المطلوب هو تمثيل جنوبي وتوحد وطرحها في الإقليم والسياسة الخارجية للبلاد وهو بالطبع يتنافى مع كون اليمن تدير سياستها الخارجية عبر وزيرها الدكتور عبدالملك المخلافي، ما يعني تعارضاً في المهام مع نهج السياسة اليمنية الخارجية وخلق مزيداً من الاضطراب.
أما من ناحية موقف دول مجلس التعاون فإن الموقف جاء قبل مدة طويلة عن تسريبات بتهديد السلطات السعودية لعلي سالم البيض الرئيس الأخير للشطر الجنوبي من اليمن، بعدم الحديث عنها، وغالباً ما تشدد القيادة السعودية على وحدة اليمن وأراضيه وفق الأقاليم الستة المطروحة؛ الموقف الإماراتي يبدو أكثر تذبذباَ فهو إلى جانب توليه الحماية العسكرية وتدريب الجنود اليمنيين في المحافظات الجنوبية فهو يبث إشارات سلبية حول موقفه من الوحدة والنسيج الاجتماعي اليمني، بشكل رسمي وغير رسمي عبر وسائل إعلامه التي تحرص على إظهار العلم الشطري ملاصقاً لعلم الإمارات؛ علاوة على الاستضافات المتكررة للقيادات الجنوبية ومحاولة التنسيق بينهم.
بعيداً عن الدستور الجديد
لا يمنع أياً من اليمنيين الحديث عن حق الجنوبيين في إيجاد كيان يوحد جبهتهم الداخلية وسياستهم الداخلية خوفاً من تكرار الماضي الذي كان يشمل اليمنيين جميعهم وإن انفردت القيادات الجنوبية بجزء من التمييز الذي قاده نظام “صالح” وجرى اسقاطه في 2011م، بالرغم من عدم توفر القائد الذي يلتف حوله الجنوبيون، لكن ألا يبدو ذلك مستعجلاً بشكل أكبر من المتوقع، فالحوار الوطني الشامل الذي جرى اختتامه في دستور للبلاد من ستة أقاليم يضمن أن يكون لذلك الكيان برلماناً موحداً يمثل مجموع الشعب اليمني في الجنوب، وسيمثل سياساته، في إطار دولة فدرالية؛ الأمر الآخر تفريخ كيانات وسط “معمعة” الحرب يأتي في إطار فرز أوسع للهويات الفرعية الذي بدوره يجعل الهوية الوطنية “الجامعة” غريبة عن اليمنيين جميعهم.
الأمر الأخر بالنسبة لذلك أن الكيانات السياسية والثورية الجنوبية كثيرة فهل سيتم استثناءها جميعاً من الكيان الجنوبي لصالح رغبة بتوحد سلطة الحكم القديمة؟!، أم أن هناك تواصلاً يجري لا يسمع عنه على الأقل تشعر الكثير من الكيانات أنها مستبعدة منه ولم يجري التواصل معهم.
يمثل “الحديث” عن كيان جنوبي موحد دعوة للمصالحة بين الفرقاء السياسيين في الجنوب، التي جرى محاولة ردمها إلا أنها سرعان ما تعود للواجهة محققة المزيد من التباعد، فما حدث في الحرب الأهلية 1986م، لا يمحى بسهوله رغم مرور 30 عاماً عليها، النتوءات المناطقية التي تشعل الحرب لا يمكن لجمها بسهولة إلا على مدى جيلين إلى ثلاثة.
لذلك فإن الدعوة إلى “كيان” جنوبي برعاية قد تكون “إماراتية”-حسب ما يقول سياسيون- دعوة في الفراغ تظهر نويا سيئة لما يمكن أن يقوم به التحالف في المناطق المحررة، عوضاً عن كونه ذو دلالة سيئة لاستعادة الدولة اليمنية، بإنشاء المزيد من الكيانات التي تسمح لأخرين بالانفراد بسياسات مماثلة مثل “الحوثيين” الذين انقلبوا على السلطة.
وحتى خروج نتائج ذلك الاجتماع المحاط بالكثير من المراقبة وعلى طاولة مليئة بالملفات قد لا تنتج “مصالحة” سيكون أبناء المحافظات الجنوبية بعيدين عن حقهم في “تقرير خياراتهم” ومصيرهم بيد البعض الذي يريدون أن يفرضوه على الأغلبية.