متى أعرف أن القصة ناجحة؟
مصطفى لغتيري
أتأكد من أن القصة التي اقرأها ناجحة، فقط حين تحفزني تلك القصة على كتابة قصة أخرى، وغالبا ما تكون القصة التي أكتبها بتأثير منها ناجحة كذلك، لأنها نبهتني- ولو بشكل غير مباشر- إلى أمر لم أنتبه إليه من قبل، ولم يسبق لي استثماره في الكتابة. القصة الناجحة هي تلك التي تشعرني بأنني أعيش الحدث في لحظته، إذ أنها تعتمد على التصوير بدل الحكي، من خلال مسرحة أحداثها أي أنها تجسدها بالملموس وتنأى عن التأمل والتجريد قدر المستطاع.. إنها تلتقط التفاصيل وتفاصيل التفاصيل، وتوظفها بشكل فعال حتى تساهم في بناء الأثر، الذي يتغيا القاص خلقه في نفس القارئ..
القصة الناجحة لا تسرد على وتيرة واحدة، وتتجنب ماىيسمى بالعامية المغرية” التعاويد” الفضفضة، بل تنوع من تقنيات كتابتها، تستثمر السرد والوصف والحوار، ولا تنسى التعدد اللغوي، الذي يحبل به المجتمع..
القصة الناجحة لا تنقل الواقع، ولكنها تعيد إنتاجه بشكل فعال، فتضيف إليه بعدا جديدا، قد يصبح بشكل من الأشكال جزءا من هذا الواقع، إنها تغنيه وتضيف إليه، وأبدا لا تفقره..
القصة الناجحة لا تشيح النظر عن الإمكانات الكتابية المتاحة لكاتبها، إنها تغوص عميقا في الحلم، وتداعب شخصياتها لمسات من الفانطستيك، وتنطق الحيوان والنبات والجماد..
القصة الناجحة أثر فني راق لا يعزب عن البال أبدا، بل يظل راسخا فيه، ليشكل جزءا من تراكمنا القرائي وذائقتنا الأدبية، ويجعلنا نحب هذا الجنس الأدبي الجميل أكثر فأكثر.