اخترنا لكمتقاريرغير مصنف

المجلس السياسي “عَصا مسحورة” تشعل خلافات (الحوثي/صالح) وتستعد لتمزيقهم

تفاقمت حدة الخلافات بين الرئيس اليمني السابق وأنصاره من جهة وجماعة الحوثي المسلحة من جهة أخرى منذ تشكيل “المجلس السياسي لإدارة البلاد”، نهاية يوليو الفائت، لتظهر إلى العلّن بشكل كبير، بعد أن ظلت طيّ التورية والكتمان منذ بدء الحرب قبل 18 شهراً.
يمن مونيتور/ وحدة التقارير/ خاص:
تفاقمت حدة الخلافات بين الرئيس اليمني السابق وأنصاره من جهة وجماعة الحوثي المسلحة من جهة أخرى منذ تشكيل “المجلس السياسي لإدارة البلاد”، نهاية يوليو الفائت، لتظهر إلى العلّن بشكل كبير، بعد أن ظلت طيّ التورية والكتمان منذ بدء الحرب قبل 18 شهراً.
وراقبت شبكة “يمن مونيتور” محطتين ناطقتين الأولى باسم الجماعة (المسيرة) والأخرى باسم علي عبدالله صالح (اليمن اليوم)، إلى جانب مصادر مسؤولة في المؤسسات الحكومية، جمعها على مدار أسبوعين متتالين.
وتأتي هذه الخلافات بعد اعتقاد بين الحلف الثنائي أن “المجلس السياسي” هو “عَصا” واحدة يتكئ عليها الطرفان للحصول على المزيد من المكاسب من أي اتفاق سياسي مع الحكومة الشرعية، لكن يبدو أن هذه العَصا مسحورة تقوم بتمزيقهم وتشتيت انتباه الفريقين لمعركة داخلية من أجل الاستحواذ على صناعة القرار والإظهار أن أحدهما تابع للآخر.
وتتجنب فضائية المسيرة التابعة للحوثيين نشر أياً من أخبار “المجلس السياسي الأعلى”، فيما تستمر بنشر أخبار وفعاليات اللجنة الثورية العليا التي سلمت إدارة البلاد إلى “صالح الصماد” رئيس المجلس السياسي(كان سابقاً رئيس المجلس السياسي للحوثيين)، وتحتفي النشرات الإخبارية بزيارات وفعاليات “محمد علي الحوثي” رئيس اللجنة الثورية إلى المحافظات الخاضعة لسيطرة الجماعة شمالي البلاد.
 
صراع على الهواء مباشرة
فيما التزمت فضائية “اليمن اليوم” التابعة لـ علي عبدالله صالح بمتابعة أخبار المجلس السياسي وحده دون مناقشة أو الحديث عن أخبار اللجنة الثورية العليا التابعة للحوثيين، واعتبرت الفضائية إن هذه اللجنة سقطت مع الإعلان عن “المجلس السياسي” الذي بدوره أعلن وفاة الإعلان الدستوري الذي أوقف العمل بالدستور وحلّ مجلسي النواب والشورى في فبراير 2015م.
الفضائية التابعة للرئيس السابق تضع مقابلات مستمرة لخبراء عسكريين وقيادات مجتمعية تؤكد أن من يقود الجبهات على الحدود اليمنية ضد المملكة العربية السعودية هم قيادات الجيش (الموالي لـ”صالح”) وعشائر موالية لـ”حزب المؤتمر” الجناح الذي يقوده “صالح”، كما أن هؤلاء المتحدثين ينفون وجود دور لجماعة الحوثي وأنصارها عدا ما يقولون في “الزوامل” و”بعض الجبهات الداخلية”.
وحتى “يوم عرفة” كانت التباينات بين الوسيلتين الإعلاميتين وصلت مداها بشكل كبير وفجرت خطبة يوم عرفه، التي ألقاها الشيخ “عبد الرحمن السديس”، الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، أزمة بين الحوثيين والرئيس السابق علي عبدالله صالح، حيث قامت قناة “اليمن اليوم” المملوكة لصالح ونجله، ببث خطبة عرفة مباشرة عن قنوات التلفزة السعودية.
وقام الخطيب، السديس، بالدعاء لنصر الجنود السعوديين في الحد الجنوبي للمملكة، الذين يخوضون معارك عنيفة مع متسللين حوثيين منذ رفع مشاورات السلام بالكويت قبل أكثر من شهر.
ولأن الخطبة كانت تنقل بشكل مباشر، كان من الصعوبة على إدارة القناة أن تقوم بعمل “منتجة” للخطبة وحذف الكلام الذي لا يحلو لتحالف الحرب الداخلية، لكن ذلك أثار غضب الحوثيين. وشن نشطاء وقيادات رفيعة في الجماعة هجوما لاذعا على الرئيس السابق علي عبدالله صالح والقناة المملوكة له. ورغم اعتذار “صالح” إلا أن ذلك لم يكفِ.
 
المجلس السياسي ليس “اللجنة الثورية”
ويعتقد مسؤول قيادي بالجماعة تحدث لـ”يمن مونيتور” مفضلاً عدم الكشف عن هويته إن المجلس السياسي على نقيض “اللجنة الثورية” لا يمكن اعتباره يمثل الجماعة التي ينتمي إليها، معتبراً أن “المجلس السياسي” تمكن علي عبدالله صالح من الاستحواذ على القرار بداخلها بما في ذلك تقليص سلطات الجماعة وأماكنها في مؤسسات الدولة واصفاً تلك السلطة بـ “الإرادة الثورية”.
مع تتبع “يمن مونيتور” لأي قرارات يمكن أن تصب في ذلك الاتجاه قال مسؤول حكومي رفيع موال للرئيس السابق في الحكومة الخاضعة لسيطرة الجماعة إن قراراً أصدره “الصماد” بإيقاف اللجان الثورية (التابعة للحوثيين) في المؤسسات الحكومية، والاكتفاء بممثل لـ”الحوثيين” في المؤسسة، وهو ما رفضته اللجان الثورية في كل المؤسسات الحكومية، بإيعاز من الجماعة المسلحة التي تسيطر على كل مؤسسات الدولة.
وأشار المسؤول الحكومي إلى أن عدداً من القائمين بأعمال الوزراء في الوزارات وجدوا تزويراً بتوقيعهم يقضي بتغيير كامل لمدراء إدارات وزاراتهم برجال تابعين للجماعة بما في ذلك المؤسسات الصحافية؛ موضحاً أن القائمين بأعمال الوزراء هم من الموالين ل علي عبدالله صالح وليس للحوثيين، وعلى الفور قام هؤلاء بمراسلة الخدمة المدنية في صنعاء بعدم اعتماد تلك القوائم وأرسلوا شكوى إلى النائب العام بالتزوير.
ويقول المسؤول الحكومي إن اللجان الثورية سيطرت بشكل كامل على كل مؤسسات الدولة وأن الخلافات كانت حادة بين الموظفين أفراد هؤلاء اللجان على خلفية توقيف رواتب وتعسفات وقرارات بتعيين وعزل غالباً ما يوافق عليها مسؤولو الوزرات الموالين لـ”حزب صالح”.
 
شراء قيادات الحوثيين
وفاقمت الأزمة المالية في انعدام السيولة في البنك المركزي في تأجيج تلك الحرب الباردة، فالموالين لـ”صالح” يتهمون الحوثيين بزيادة العبء على المؤسسات بتوظيف الآلاف من أتباعهم إلى جانب السحب المستمر من خزينة البنك دون أي اعتبار للموظفين الحكوميين أو لحياتهم.
ولوحظ انحسار في كمية الشعارات الحوثية في العاصمة صنعاء، من أمام عدد من المقرات الحكومية بعد توجيهات بإزالتها، الأمر الذي عزاه مراقبون إلى محاولات التأقلم مع الوضع الجديد للجماعة مع “صالح”.
ويخشى “الحوثيون” أن “المجلس السياسي” انقلاباً من قبل “صالح” على التحالف الداخلي بينهما، وأن المجلس قدمه للصدارة بصفته القديمة والجديدة معتبرين دعوته لـ”روسيا” بالتدخل في اليمن دون مشاورتهم من أجل أن يظهر بمظهر القوي العائد إلى السلطة استفزازاً وانتهاكاً لذلك التحالف، كما قال القيادي في الجماعة لـ”يمن مونيتور”.
ورفض القيادي التعليق على ما نشرته القدس العربي في الثالث من هذا الشهر عن مصدر مقرب في جماعة الحوثي المسلحة بأن صالح أشترى ولاءات قيادات ميدانية داخل الجماعة؛ وهم يدينون له بالولاء، لكنه استدرك بالقول “إن كل شيء ممكن من قبل صالح”.
القيادي الحوثي يشير إلى أن تلك الخلافات هي السبب في عدم إعلان حكومة في صنعاء رغم أن “المجلس السياسي” كان وعد بها خلال أيام منذ منتصف أغسطس الماضي، ورغم مرور شهر تقريباً على ذلك الوعد إلا أنه لم يتحقق.
هذه الخلافات بين “الحوثي” و “صالح” تشير إلى رغبة كِلا الطرفين التسلق على الآخر من أجل الحصول على مكاسب أكبر في المشاورات الجارية مع الحكومة اليمنية والتي ترعاها الأمم المتحدة؛ إلى جانب أن خلافاً من هذا النوع يزعزع التحالف القائم ويضعه على خط الاضطرابات الداخلية بين أنصار الفريقين اللذان يتقسمان المناصب والوظائف الحكومية في صنعاء، ويديرون حرباً ضد القوات الحكومية على مشارف صنعاء، فيما تسقط المزيد من الأراضي اتباعاً بيد هذه القوات المسنودة من التحالف العربي الذي تقوده “السعودية”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى