الجابري وصراع القلوب
عامر الزعزي
في أحد الأيام، كان الشاعر أحمد الجابري يجلس في زاوية من زوايا المدينة القديمة، يستمع إلى همسات النسيم ونغمات الطيور. كان قلبه مثقلًا بالألم، وذلك بسبب حب ضائع لم يتمكن من نسيانه. قرر أن يعبّر عن مشاعره من خلال الشعر، فخطّت أنامله تلك الأبيات التي سرعان ما أصبحت أيقونة للشعر العربي الحزين.
تبدأ الأبيات بسؤالٍ عميق: “أيش معك تتعب مع الأحباب يا قلبي وتتعبنا معك؟”، فيعكس الجابري صراع القلوب التي تعاني بين الحب والألم. كان يشعر بأن الحب هو نعمة ونقمة في ذات الوقت، فبينما يحمل في طياته أحاسيس جميلة، إلا أنه يمكن أن يكون مصدر شجن وأسى.
“لا الضنا يروي ضما روحي ولا الدنيا بعيني توسعك”، يدرك الجابري أن ألمه لا يمكن أن يُشبع، وأن كل محاولة للتغلب على الحزن تفشل. يستمر في التعبير عن إحساسه بالكمرات التي تُراوده، ويختتم بتساؤل عاطفي: “أي شيء يمكن أن يبقى لي في الحب سوى الشجن الذي يحييني ويموتني؟”
ايش بقى لي في الهوى
غير الشجن زادي يلوعني معك
خذ حياتي لا تعذبني بأشجانك وتضني مضجعك
ثم، يتوجه إلى الحبيبة ويطلب منها الابتعاد، وكأنّه يريد أن يحرر نفسه من هذا العبء، ناصحًا إياها بأن تأخذ حياته كلها بدلاً من تعذيبه بتلك الأشجان التي تعكر صفو حياته.
ايش معك غير الذي عندي يكفيني ويكفي ما معك
لو يقع لي ادفن الأشواق اطويها وانسى موجعك
ضاعت الأيام من عمري سدى ضاعت وحبي ضيعك
روح لك بالله بعيد عني وحل عن موضعك
في النهاية، تعكس الأبيات رحلة مؤلمة من الحب، مليئة بالحنين والأسى، حيث يُصوّر الجابري شغفه ومعاناته بشكلٍ مؤثر. فكل بيت يختزل ذكرى، وكل كلمة تنقل إحساسًا، لتبقى تلك الأبيات خالدة في وجدان كل من أحب وعانى نفس التجربة.
وهكذا، يُعدّ أحمد الجابري من أبرز الشعراء الذين استطاعوا التعبير عن مشاعر الحب والفراق، لترسم كلماته لوحةً من الألم والأمل، وتشهد على لحظات إنسانية فريدة.