يقظة الصحراء
عبدالله البردوني
حـيِّ مـيلادَ الـهدى عاماً فعاما
وامـلأ الـدنيا نـشيداً مـستهاما
وامـضِ يا شعرُ إلى الماضي إلى
مُـلتقى الوحي وذُبْ فيه احتراما
واحـمِلِ الذكرى من الماضي كما
يـحملُ الـقلبُ أمـانيه الجساما
هـات ردد ذكـريات الـنور في
فـنَّكَ الأسـمى ولـقنها الـدّواما
ذكـرياتٌ تـبعث الـمجد كـما
يـبعث الحسن إلى القلب الغراما
فـارتعش يـا وتـر الشِّعر وذب
فـي كـؤوس الـعبقريات مداما
وتـنقّل حـول مـهد المصطفى
وانـشد الـمجد أغـانيك الرِّخاما
زَفّـتِ الـبشرى مـعانيه كـما
زَفـّتِ الأنـسام أنـفاس الخُزاما
وتـجـلّى يـوم مـيلاد الـهدى
يـملأ الـتاريخ آيـات عـظاما
واسـتفاضت يقظة الصحرا على
هـجعة الأكـوان بـعثاً وقـياما
وجـلا لـلأرض أسـرار السما
وتـراءى فـي فم الكون ابتساما
جــلَّ يــومٌ بـعـث الله بـه
أحمداً يمحو عن الأرض الظلاما
ورأى الـدنيا خـصاماً فاصطفى
أحـمداً يُـفني من الدنيا الخصاما
قـد سعى-والطُّرْقُ نارٌ ودمٌ-
يـعبر الـسهل ويـجتاز الأكاما
وتـحدّى بـالهدى جـهد الـعدا
وانـتضى للصارم الباغي حساما
نـزل الأرض فـأضحت جـنة
وسماءً تـحمل الـبدر الـتماما
وأتــى الـدنيا فـقيراً فـأتت
نـحوه الـدنيا وأعـطته الزماما
ويـتـيـماً فـتـبنته الـسـما
وتـبنى عـطفه كـل الـيتامى
ورعـى الأغـنام بـالعدل إلـى
أن رعـى في مرتع الحق الأناما
بــدَويٌ مـدّن الـصحرا كـما
علَّم النَّاس إلى الحَشر النظاما
وقـضـى عـدلاً وأعـلى مـلة
تَرشد الأعمى وتعمي من تعامى
نـشَرت عدل التساوي في الورى
فـعلا الإنـسان فـيها وتـسامى
يـا رسـول الحق خلدت الهدى
وتـركت الـظلم والـبغي حطاما
قـُم تـجد في الكون ظلماً محْدَثاً
قـتلِ الـعدل وبـاسم العدل قاما
وقـوىً تـختطف الـعـُزْل كـما
يـخطف الصقر من الجو الحماما
أمـطر الغربُ على الشرق الشَّقا
وبـدعوى الـسلم أسـقاه الحِماما
فـمـعاني الـسلم فـي ألـفاظه
حِـيَلٌ تـبتكر الـموت الـزؤاما
يـا رسـول الـوحدة الكبرى ويا
ثـورةٌ وسَّـدَتِ الـظُّلم الرّغاما
خـُذ مـن الأعماق ذكرى شاعر
وتـقـبَّلها صــلاةٌ وسـلامـا …
– 1376 هـ