ناشيونال إنترست: الحرب السعودية في اليمن تغلبها المصالح وليس “الطائفية”
قالت مجلة ناشيونال إنترست الأمريكية إن الحرب التي تقود السعودية تحالفاً من أجلها في اليمن ليست طائفية وإنما تدور حول المصالح.
يمن مونيتور/ صنعاء/ ترجمة:
قالت مجلة ناشيونال إنترست الأمريكية إن الحرب التي تقود السعودية تحالفاً من أجلها في اليمن ليست طائفية وإنما تدور حول المصالح.
وأضافت المجلة في تقرير لها: “نادرا ما يتم الحديث عن حرب اليمن في نشرات الأخبار الحالية في الغرب. وعندما يحدث ذلك، فإنه غالبا ما يصور في إطار السرد الطائفي. السنة ضد الشيعة، السعودية مقابل إيران”.
ولكن الصراع هناك أكثر تعقيدا من ذلك على أقل تقدير. أنه ينطوي على سلسلة من الفعاليات والتحالفات المنقسمة، ولكل منها أجندته وطموحاته الخاصة. التحليل الاختزالي كثيرا ما يغالي وصولا إلى التحليل الطائفي المذكور مع أن البعد الطائفي يلعب دورا بالتأكيد.
وأجاب التقرير الصادر في 6 سبتمبر الجاري على: ما هي الأسباب الكامنة وراء الإجراءات السعودية في اليمن؟.
أولا يجب علينا معالجة النزعات الطائفية للصراع لنرى بالضبط ما هو الدور الذي تشمله.
الحوثيون وحزب الله وإيران
وتزعم الصحيفة إن الحوثيين: “هم قبيلة زيدية شيعية، وتتمركز في المقام الأول في محافظة صعدة شمال اليمن. الزيدية أقرب لاهوتيا إلى الإسلام السني من الإسلام الشيعي الإثني عشري الذي يمارس في إيران، نصيرهم المفترض. وعلى عكس أبناء عمومتهم؛ لا يؤمن الزيديون إلا بخمسة أئمة، وليس اثني عشر، ويرفضون فكرة المهدي ولا يحتفلون بذكرى عاشوراء. وعلى هذا النحو، فإن من المسلم به أن الزيدية الشيعية أكثر اعتدالا. أكثر من ذلك، فإن الطائفية التي تعرف بها معظم أنحاء المنطقة ليست واضحة حتى بين الطوائف السنية والشيعية في اليمن. واكتشاف أن كل من السنة والشيعة يصلون في نفس المساجد ليس من غير المألوف”.
وتابعة المجلة “مع ذلك، فإن تأسيس حركة الحوثي من العناصر الأكثر راديكالية أمر غير قابل للجدل. الزعيم السابق «حسين بدر الدين الحوثي» درس في مركز بدر الديني حيث تأثر بجوانب الفكر الشيعي الإثني العشري، وتشرب هذه الأفكار وورثها لجميع أتباعه. وشمل ذلك إعادة تشكيل الإمامة الزيدية التي حكمت اليمن منذ تأسيسها في عام 897 وحتى الإطاحة بها في عام 1962. وأصبح شعار حركة الحوثي المعتمد هو«الله أكبر، الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام» وهو يعطي مؤشرات بالغلو، على الرغم من أن العديد من الخبراء يشككون في ذلك”.
وعلى هذا النحو، بينما الزيدية الشيعية ليست حاضنة طبيعية للتعصب الثوري الإيراني، فإن الحماس الأيديولوجي الخاص بـ«بدر الدين الحوثي» يحتمل أن يكون غير ذلك في لليمن، «وهو مشتق من هوية القبيلة وليس الطائفة».
وتشير المجلة: “خلال الصراع المحتم في عام 2009، أعرب رئيس وزارة الخارجية اليمنية «عبد الله الراضي» عن القلق من أن «إيران تريد ورقة سياسية قوية للعب في اليمن على غرار حزب الله في لبنان». كما تحدث عن علاقات مزعومة بين الحوثيين وإيران وقبل كل شيء الوكيل الإقليمي حزب الله في كثير من الأحيان وأكد لكل من وسائل الإعلام اليمنية والسعودية، أن هناك دليل على التعاون المباشر”.
وتابعت: “تزود إيران الحوثيين بالأسلحة والذخائر. وكانت وسائل الإعلام الإيرانية حريصة على نشر استخدام الحوثيين لـ«زلزال3»، وهو صاروخ إيراني، توزعه إيران بالفعل لوكلائها الإقليميين، و في المقام الأول حزب الله. وفي مقابلة مع معهد واشنطن، قال «ماثيو ليفيت»، المتخصص بشئون حزب الله: بأن «حزب الله يساعد في نقل الأسلحة الإيرانية إلى المتمردين الحوثيين في اليمن»”.
وعلاوة على ذلك، فإن إجراءات وتصريحات قادة حزب الله تشير أيضا إلى وجود علاقة وثيقة مع الحوثيين. وقد زعم الرئيس «هادي» أن زعيم حزب الله «حسن نصر الله» أرسل له رسالة تؤكد تورط حزب الله في اليمن.
وتشير بالقول: “بينما تبدو النوايا الإيرانية واضحة جدا، ورغم أن الدليل أعلاه يلمح إلى وجود مستوى معين من الرعاية بينها وبين الحوثيين، إلا أنه يتم إعطاء العناصر الطائفية لتصوير إيران مقابل السعودية وزنا أكبر مما هو ضروري. نعم، السعودية «لا تريد أن تكون عالقة بين فكي كماشة النفوذ الإيراني على حدودها الشمالية في العراق والحدود الجنوبية مع اليمن»، ولكن أسبابها لذلك هي أكثر عقلانية بكثير مما يروج له في كثير من الأحيان”.
الحفاظ على الذات
وتقول المجلة إن الدافع الحقيقي وراء الإجراءات السعودية في اليمن هو الحفاظ على الذات. ويدخل ضمنا في هذا استقرار بلدهم والبلدان المحيطة بها. هذا، بطبيعة الحال، يرتبط ارتباطا وثيقا بالمكائد الإقليمية الإيرانية.
وقد لاحظ محلل إماراتي، متحدثا عن حساسية السعودية تجاه اليمن، أن «عقلية المملكة العربية السعودية لم تتغير منذ عام 1930». هذه العقلية ركزت دائما على «ضرورة الحفاظ على وحدة اليمن». وهذه الرغبة في يمن مستقر تستند على العوامل الأيديولوجية الأخرى وما تشكله من تهديدات لبيت آل سعود.حسب المجلة.
وقالت: “في عام 1962 جاء هذا التهديد في شكل القومية العربية تحت رعاية الرئيس المصري «جمال عبد الناصر». في سبتمبر/أيلول من ذلك العام، قام الثوريوان بخلع الإمام الزيدي «محمد البدر حميد الدين» بدعم من «عبد الناصر»، الذي كان قد قام بتصدير القومية العربية في جميع أنحاء المنطقة. تحدت هذه الأيديولوجية القومية حكم الممالك. وردا على هذا التهديد، دعمت المملكة العربية السعودية (جنبا إلى جنب مع الأردن) الملكيين الزيديين الشيعية”.
والواقع أن الوضع الحالي يعكس الأحداث التي وقعت في 1960. حيث أجج الانفراج الحالي لإدارة «أوباما» مع إيران القلق السعودي. كذلك فعلت إدارات «ايزنهاور» و«كنيدي» مع نظام «عبد الناصر». وعندما تدهورت العلاقة بين «عبد الناصر» والاتحاد السوفيتي، دفع ذلك «أيزنهاور» إلى السعى إلى «مصالحة سياسية مع الحركة الناصرية».-كما تقول المجلة.
ناشيونال إنترست تشير إلى إن هذا الصراع توج بالتدخل العسكري لـ«عبد الناصر» في اليمن، التي رأت السعودية بأنه فرصة لها كـ«غطاء لاكتساب موطئ قدم في شبه الجزيرة العربية» مما دفعها لتقديم دعمها للملكيين. أصبح الصراع على نحو فعال على صورة حرب بالوكالة بين النظام السعودي والناصريين يهدف إلى منع انتشار المثل العليا لثورة «عبد الناصر»، والتي يعتقد أنها هددت السلطة وكانت يمكن أن تؤدي إلى الإطاحة بالنظام الحاكم.
وقالت: “في السبعينيات، رأينا مزيدا من الأدلة على الواقعية السعودية في إعلاء المشاعر الإيديولوجية. وتزايد القلق حول زيادة النفوذ السوفيتي في جنوب اليمن وأدى إلى قيام النظام السعودي بإعادة تنظيم مصالحه، والكف عن دعم الملكيين وترتيب تسوية تعترف بسلطة الحكومة الجمهورية، وهذا مضاد للسياسة السابقة له. كما وفرت السعودية المساعدات المالية والعسكرية للحكومة في صنعاء في محاولة لزيادة قوتها في مواجهتها مع الجنوب”.
وأضافت عن تلك الفترة: “تركزت مخاوف السعوديين خلال هذه الفترة على اقتلاع الماركسية جذريا من اليمن وعملت على توحيد الشمال مع الجنوب والحفاظ على اليمن، وهي سياسة لم تنته إلا بتوقف الحرب الباردة. واليوم، فإن التهديد للهيمنة السعودية وحكامها الاستبداديين ينبع من إيران”.
وتقول المجلة: “لقد عانى السكان الشيعة في السعودية منذ فترة طويلة من تمييز سياسي واقتصادي وديني. ومن وحي الثورة الإيرانية في عام 1979 احتج عشرات الآلاف على الحكومة وسياساتها التمييزية. وعلى الرغم من أنه تم قمع هذه الحماسة الثورية بحلول نهاية الثمانينيات، لكنها ولدت «حزب الله الحجاز»، وهو مجموعة شيعية متطرفة على غرار نظيرتها اللبنانية، التي تنتهج العنف للإطاحة بالنظام السعودي”.
أدى اضطراب السكان الشيعة السعوديين والأحداث الأخيرة داخل وخارج المملكة على حد سواء إلى تفاقم المخاوف السعودية من اشتعال الاحتجاجات من أجل التغيير.
الربيع العربي والحرب في اليمن
وتابعت: “أشار الربيع العربي إلى احتمال وجود اضطراب كبير في أنظمة الحكم، وعلى وجه التحديد من قبل الديمقراطية الإسلامية، التي رمز إليها صعود الإخوان المسلمين إلى السلطة في مصر. هذا، جنبا إلى جنب مع الخوف من الآثار الجانبية المحتملة وانتقال العدوى من الجيران، أجبر الرياض على تحدى التهديدات الكبرى التي تواجه المصالح الجوهرية والاستقرار الإقليمي وشرعية النظام”.
وكانت الاحتجاجات في البحرين والانهيار المحتمل للنظام الملكي البحريني القشة التي قصمت ظهر البعير. واتهمت كل من المنامة والرياض إيران بالتحريض على الاحتجاجات التي طالبت بتنازل عائلة آل خليفة الحاكمة عن السلطة وإلغاء النظام الملكي. وردت الرياض بالتدخل من خلال تبني سياسة إقليمية أكثر حزما.
في مارس/أذار 2011، قادت السعودية بقيادة قوات درع الجزيرة (الجناح العسكري لمجلس التعاون الخليجي)، وهي منظمة تأسست في عام 1982 ردا على قيام الثورة الإيرانية، ودخلت البحرين. وعلى الرغم من أنها لم تتدخل مباشرة ضد المتظاهرين، إلا أن وجودها مكن الحكومة البحرينية من قمع الاحتجاجات بعنف.
وتستنتج المجلة: “إن الحرب الحالية في اليمن هي خليط من السياسة السعودية خلال الربيع العربي، والسياسة التي يعود عمرها إلى عقود في محاولة للحفاظ على الوحدة والنفوذ في جارتها الجنوبية”.
وقامت الرياض بدعم حكومة «عبد ربه منصور هادي»، لتعطي الأولوية للواقعية على الاختلاف الأيديولوجي. حيث إنها تنسق مع الانقلاب العسكري المصري بمحاصرة الإخوان، بينما تعمل على تقوية علاقات «هادي» مع التجمع اليمني للإصلاح، ممثل الإخوان المسلمين في اليمن.
واختتمت بالقول: “بغض النظر عن الأسباب الكامنة وراء هذه الحرب، فإن الأثر الذي يتكبده السكان المدنيون في اليمن أمر لا يغتفر. كما أن حملات القصف التي تستهدف الأسواق والمدارس والمرافق الطبية، المحلية والأجنبية، تسير باليمن إلى كارثة إنسانية”.