“الحظر الدولي” لا يمنع تهريب إيران وحزب الله للأسلحة من أمريكا اللاتينية إلى اليمن (تحقيق)
يفتح تقرير رويترز الاثنين الماضي الجدل حول سوق السلاح الموجود في أمريكا اللاتينية وعلاقة تهريب فارس مناع مهرب السلاح الشهير الموالي للحوثيين والرئيس اليمني السابق، إلى اليمن. يمن مونيتور/ وحدة التقارير/ خاص:
يفتح تقرير “رويترز”، الاثنين الماضي، الجدل حول سوق السلاح الموجود في أمريكا اللاتينية وعلاقة فارس مناع مهرب السلاح الشهير الموالي للحوثيين والرئيس اليمني السابق، علي عبدالله صالح، إلى اليمن.
لكن التقرير غفل عن عدة نقاط، بقصد أو بدون قصد، وكان بإمكانه أن يظهر جزءاً من ملف واسع لتهريب الأسلحة للحوثيين من أمريكا اللاتينية في وقت ظلت الأنظار نحو البحر العربي وسفن الأسلحة التي تقدمها إيران للحوثيين؛ فالحقيقة أن نفوذ طهران وحزب الله في أمريكا اللاتينية وتجار الأسلحة والمخدرات أوسع بكثير مما يتم الحديث عنه؛ ويعتقد أنه وراء تسهيل صفقات أسلحة لـ”فارس مناع” كتلك المُعلن عنها، إلى جانب شحنات أسلحة أخرى ترسلها “إيران” و “حزب الله” وتسهل وصولها إلى اليمن.
تقرير لموقع Breitbart الأمريكي فتح نافذة مصغرة، تستحق التتبع، بالإشارة إلى الدور الإيراني وجماعته “حزب الله”؛ بتهريب الأسلحة إلى اليمن عبر تُجار وخطوط تهريب مملوكه لهما تمر من جنوب الولايات المتحدة الأمريكية مروراً بأفريقيا وحتى البحر الأحمر لتسليمه للحوثيين؛ في تعليقه على تقرير رويترز حول مناع بالقول: ” جماعة “حزب الله” الإرهابية وكيلة إيران للمخدرات قد حافظت منذ فترة طويلة على وجودها في أمريكا اللاتينية، ما دفع بالمزيد من مخاوف الجيش الأمريكي في المنطقة”. وأضاف: “حزب الله لديه شبكة راسخة في أمريكا اللاتينية قادرة على تصدير وتهريب المشروع وغير المشروع داخل وخارج نصف الكرة الغربي – في أوروبا والشرق الأوسط، من خلال أفريقيا. وقد اتهمت جماعة المخدرات الإرهابية الشيعية بدعم المتمردين الحوثيين في اليمن”.
بناءً على هذه النافذة التي يشير إليها الموقع الأمريكي يتعقب “يمن مونيتور” في هذا التقرير العلاقة التي تربط إيران و وكيلها “حزب الله” بعمليات تهريب مماثلة، بناء على تصريحات مسؤولين في أمريكا اللاتينية، جرى رصدها منذ بداية العام الحالي؛ إلى جانب تتبع دراسات وتصريحات حول حجم تلك الشبكات المملوكة لإيران وحزب الله. فمنذ أوائل ثمانينيات القرن الماضي على الأقل، أدارت إيران شبكة مخابرات في أمريكا اللاتينية – وسرعان ما حذا حزب الله حذوها.
المسؤول عن الهويات مزورة للبرازيل
أشارت “رويترز” في تقريرها إلى أن مناع المحظور من السفر منذ عام 2010 لدوره في الحرب الأهلية الصومالية، انتحل شخصية مزورة وتمكن خلالها من السفر الى البرازيل في شهر يناير من العام 2015 حيث قام بزيارة الشركة البرازيلية ومصانعها وعقد عدة لقاءت مع مسئولي الشركة وقالت: “بمساعدة من الشركة البرازيلية فشلوا بداية الامر باستصدار جواز سفر مزور من جيبوتي، ليتمكنوا بعد ذلك من الحصول على جواز باسم وتاريخ ميلاد مختلفين، بالتعاون مع جهة أخرى لم تسمها التقارير”.
هذه الجهة غير المعروفة تعود لـ”حزب الله اللبناني” النشط في جنوب الولايات المتحدة الأمريكية. حزب الله معروف بتوفيره جوازات سفر مزورة لأمريكا اللاتينية والتعامل مع شركات الأسلحة التابعة لها؛ وتجار المخدرات، وعصابات “المافيا” بكل أنواعها.
ففي يناير 2016 أفادت تقارير صادرة من أجهزة أمنية واستخباراتية غربية أن عددا من المنتمين إلى جماعات إيرانية وأخرى تنتمي إلى حزب الله اللبناني مشتبه بارتباطها بالإرهاب، يقومون بالتنقل بحرية في الولايات المتحدة ودول أميركا الجنوبية، بواسطة جوازات سفر من دول لاتينية مثل فنزويلا والإكوادور بمساعدة «تقنية كوبية». وأكد هذا الاتجاه أنتوني داكين، وزير الداخلية الفنزويلي السابق والموجود حاليا في الولايات المتحدة، مشيرا إلى أن فنزويلا أصبحت مركزا لمنح جوازات السفر لجماعات إيرانية وأفراد من حزب الله، بهدف تسهيل تنقلاتهم بحرية في أوروبا والعالم. وأشار بإصبع الاتهام إلى دور لعبه وزير الداخلية الفنزويلي ذو الأصول السورية، طارق العيسمي، لحصول كثير من الشرق أوسطيين على جوازات سفر فنزويلية، ما أسهم في خلق شبكات للتهريب وغسيل الأموال.
في أغسطس الماضي نشر معهد واشنطن مقابلة مع المسؤول السابق في وزارة الخزانة الأمريكية والخبير في شؤون حزب الله اللبناني، ماثيو ليفيت، الذي أكد أن: “للحزب جذور مترسّخة في المنطقة (أمريكا اللاتينية) بشكل عام وفي البرازيل بشكل خاص، وقد يستخدمها لدعم عملية ما، إذا ما تلقى تعليمات بذلك. كما أن مجرمين فرديين مرتبطين بهذه الشبكات، قد يستخدمون صلاتهم أيضا لدعم عملية ما”.
تهريب الأسلحة للحوثيين
وقال إنه في البرازيل تحديدا، أدرجت وزارة المالية الأمريكية هويات مجموعة من العناصر التابعين لحزب الله في “منطقة الحدود الثلاثية” في عام 2006. وشملت هذه المجموعة فاروق العميري الذي حدّدت الوزارة دوره “كمنسّق لعناصر حزب الله في المنطقة، وأيضا كعنصر رئيسي في عملية تأمين وثائق مزيفة تابعة للبرازيل والباراغواي، الذي ساعد بعض العناصر في “منطقة الحدود الثلاثية” على الحصول على الجنسية البرازيلية بصورة غير شرعية”.
ويرتبط العميري ب “عادل محمد شري” وشركة «لاهوا إليكترونيك فيلد» التي أدرجتها السعودية ضمن قائمة الإرهاب فبراير الماضي التي سهلت إرسال معدات إلكترونية لليمن استخدمها الحوثيون، بحسب الإدارة الأميركية، في صناعة متفجرات. كما يرتبط العميري ب شركة «أيرو سكايون» وشركة «لابيكو» للمساهمة اللبنانية: يملكهما علي زعيتر، والأولى مركزها الصين وهي واجهة لتسليح «حزب الله»، والثانية مركزها لبنان. واستخدم زعيتر تراخيص مزورة لتصدير معدات لـ«حزب الله»، وهو موجود على لائحة الإرهاب منذ يوليو 2014. ويرتبط العميري أيضاً ب”عبد النور شعلان” الذي فرضت عليه الإدارة الأمريكية عقوبات في 2015م لتهريب أسلحة إلى سوريا لصالح الحزب.
وقال ليفيت، إن بعض التقارير ذكرت أن «حزب الله» وسّع أنشطته الإجرامية في البرازيل لتشمل الاحتيال في عمليات الشحن، وتمثّل بحاويات تدخل البرازيل من مرفأ ساو باولو وتختفي في النهر في طريقها إلى “منطقة الحدود الثلاثية”.
في 2012م نشرت صحيفة “أو غلوبو” البرزايلية خبراً يفيد أن الحزب نسج علاقات مع أخطر عصابة في البرازيل، وساعدها في الحصول على أسلحة في سوق السلاح الدولية، مقابل أن تؤمن له التنقل في المنطقة البرية الحدود بين الباراغواي والبرازيل والأرجنتين. وكشف الموقع الأرجنتيني الشهير “infobae”، نقلاً عن مصادر في الاستخبارات الفرنسية، معلومات تفيد أن الحزب منخرط بالاتجار بالمخدرات والأسلحة وغسيل الأموال وأن منطقة الحدود الثلاثية تمثل “العاصمة التي تدر أرباحاً كبيرة يرسل منها عشرة ملايين دولارات سنوياً إلى لبنان وحده، كما يوسع من نشاطاته بشكل متعاظم في المنطقة، ويعمل على تهريب كميات ضخمة من البرامج المقرصنة من هونغ كونغ، مضيفةً أن الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو هو الشريك الاستراتيجي لـ”حزب الله” بعد أن رسخ الرئيس السابق هوغو شافيز العلاقات مع “حزب الله” وإيران.
هذه المعلومات تشير إلى شبكة معقدة نسجها حزب الله منذ الثمانينات ليتجنب الاتهامات بتهريب الأسلحة والمخدرات والاتجار بها، وتكشف -أيضاً- أن علاقة هؤلاء القيادات بالحزب بقيادات أخرين أتهموا بدعم وتهريب تقنيات وبرامج وأسلحة أيضاً للحوثيين في اليمن بعد ابريل/نيسان 2015م (بعد صدور قرار مجلس الأمن بحظر وصول السلاح للجماعة).
أسلحة الحوثيين تمر بأفريقيا
تملك إيران نفوذاً كبيراً في القارة الأفريقية بما في ذلك جيبوتي والصومال، يسيطر حزب الله على سوق العقارات في انجولا بالقارة الافريقية، كما له عدة نشطات في السنغال ونيجيريا وغينيا وغانا وارتيريا وجزر القمر إلى جانب إيران وهي دول يوجد بها جالية كبيرة من اللبنانيين وخاصة الشيعة.
و في بداية عام 2004 كان الخبر الأبرز لمتابعي حزب الله، هو تحطّم الطائرة التابعة لاتحاد النقل الأفريقي (141) المتجهة إلى بيروت، في أواخر ديسمبر 2003 وذلك عند إقلاعها من مطار مدينة كوتونو العاصمة الاقتصادية في دولة بنين في غرب أفريقيا. وكانت تُقِل مسؤولاً في العلاقات الخارجيّة لحزب الله اللبناني واثنين من مُساعِديه يحملون مليوني دولار، قِيل ـ يومها ـ إنّها جُمِعت من الأثرياء اللبنانيين المُقِيمين في أفريقيا، لصالح التنظيم في بيروت.
ومن الواضح أن تلك الأموال حصيلة تجارة الأسلحة والمخدرات، في دول القرن الأفريقي التي تعاني من حروب واضطرابات أهلية مستمرة منذ عقود، كما يقول مسؤولون أمريكيون متابعون للجماعة؛ واستخدام قوارب الصيد وسفن الشحن الصغيرة لإيصال السلاح أبرز ما يميز تقنيات حزب الله والحوثيين؛ والتي أظهرها تحقيق رويترز عن فارس مناع، ضارباً بمثال لشركة “الشرق” للأسماك؛ التي استخدمها الرجل لتهريب شحنة أسلحة إلى البلاد بعد قرار مجلس الأمن (2140).
يتأكد للجميع أن حزب الله وإيران لا تعتمد فقط على تدفق الأسلحة للحوثيين عبر المحيط الهندي والبحر العربي كما يبدو ظاهراً بأسلحة صنعت في إيران، لكنه يعتمد بشكل أكبر بكثير من ذلك على شبكات التهريب لديه من أمريكا اللاتينية وحتى أفريقيا مروراً بالشرق الأوسط.