منذ بداية دخول القضية اليمنية أروقة الامم المتحدة كان الدور الصيني كدولة دائمة العضوية في مجلس الأمن منذ بداية دخول القضية اليمنية أروقة الامم المتحدة كان الدور الصيني كدولة دائمة العضوية في مجلس الأمن ولم يزل دوراً مسؤولاً ومتوازناً ولم يخالف الاجماع الدولي أو يعقه بأي شكل من الأشكال ومنذ أعوام نجد أن الحضور الصيني في قوات حفظ السلام حول العالم قوياً وبناءً فقوات حفظ السلام الصينية متواجدة ككوادر طبية وفرق فنية لنزع الألغام وكذلك كقوة لإعادة إعمار وتأهيل العديد من مناطق الصراع حول العالم ، ولقد يقول قائل بأنها بذلك تحمي مصالحها الاستراتيجية وهذا لا يعيبها ولا ننكره لكنه لا يتعارض مع كونها قوة سياسية واقتصادية صاعدة لديها الكثير لتقدمه لهذا العالم ، وبالأخص لنا كدول نامية وفي قطاع نحن بأمس الحاجة إليه وهو قطاع الإنشاءات والبنى التحتية الذي يمثل الركيزة الأساسية لأي عملية تنموية أو ( إعادة إعمار ) قادمة كما هو الحال في بلادنا الذي تسبب انعدام الرشد لدى نخبها السياسية والمجتمعية إلى فقدانها جزءاً كبيراً مما كانت تملكه من بنى تحتية محدودة أصلاً .
ولكن ماذا يمكننا أن نقدم بالمقابل لكي نجذب الصين أو أي دولة أخرى للاستثمار في بلادنا ؟ الجواب وبدون تفكير مطول هو توفير الأمن والاستقرار أولاً وذلك بأن يعمل الجميع على وقف الحرب الدائرة والتنازل في سبيل إحلال السلم في البلاد وثانياً علينا أن نقدم نفسنا للمجتمع الدولي كجزء من منظومة جاذبة وقادرة على الإفادة مما حولها وإفادتهم بالمقابل وهي المنظومة الأقرب إلينا جغرافياً واستراتيجياً وهي دول الجزيرة العربية والقرن الإفريقي وبالرغم من التباعد السياسي الذي وصل لحد الجفوة بيننا وبين بعض دول هذا المحيط في بعض الأوقات لأسباب لا طائل من تعدادها الآن إلا أنَّ عوامل الجغرافيا والتاريخ تفرض علينا جميعاً العمل سوياً ولصالح الجميع !!
منذ أيام عقدت في الصين قمة الدول الاقتصادية الكبرى ال ٢٠ G 20 وقدمت خلالها الصين رؤية متقدمة لمشروعها الطموح ( حزام واحد وطريق واحد ) One Belt One Road وهو عملياً إعادة إحياء لطريق الحرير التاريخي القادم من الصين عبر آسيا الوسطى وغرب آسيا وصولاً إلى أوروبا ولكنه في نسخته الجديدة يتضمن دول الشرق الأوسط وشرق إفريقيا ( محيطنا الطبيعي المذكور آنفاً ) وقد كان حضور المملكة العربية السعودية في القمة جدياً ولافتاً وسبق القمة تشكيل لجان وطنية تحدد ماذا تريد السعودية من هذه القمة وكذلك الرؤية السعودية لمستقبل العلاقات الثنائية بينها وبين الصين ومدى اتساق رؤية ٢٠٣٠ السعودية مع المشروع الصيني خاصةً بعد تصريح الصين الأخير بأن قطار مشروعها الجديد يرحب بالركاب المجانيين على خلاف ما وصف به الرئيس الأمريكي بعض حلفائه منذ أشهر بأنهم ركاب مجانيين يريدون حماية الولايات المتحدة دون تقديم المقابل المناسب وهذا وصف فيه نظر فَلَو نظرنا إليه من زاوية واحدة وهي من المستفيد من خفض أسعار النفط عالمياً في العامين الأخيرين ؟ وبالإجابة عن ذلك سنجد أن حلفاء الولايات المتحدة التقليديين قدموا ويقدمون الكثير وفي النهاية يجدون أنفسهم مُلامين على انشغال الولايات المتحدة عنهم أو على تغييرها هي لأولويات سياستها الخارجية !!
ولتجنب الإسهاب في التنظير في هذا السياق يتوجب طرح أفكار وطموحات وإن كانت صعبة المنال في ظاهرها إلا أن تحقيقها لن يكون مستحيلاً إن كانت منطقية وتخدم مصالح المنادين بها ، لذا أعيد التذكير بمشروعين طموحين لم يتسنَّ تنفيذهما عند طرحهما منذ أعوام لكني أجزم أن الوقت مواتٍ لاحيائهما الان وهما مشروع بناء جسر يربط اليمن في الجزيرة العربية وجيبوتي في منطقة القرن الافريقي ولتحقيق استفادة قصوى من هذا المشروع الاستراتيجي لابد من ربطه بشبكتي سكة حديدية على الجانبين وهما شبكة سكة حديدية خليجية ودولية تغطي دول مجلس التعاون الست ومعها الجمهورية اليمنية كبوابة رئيسة للقرن الافريقي على الجزيرة العربية وبالعكس وكذلك على الجانب الاخر سكة الحديد بين دول شرق افريقيا والتي تتضمن كينيا والصومال والسودان وإثيوبيا والتي أوشك خط القطار الواصل بينها وبين جيبوتي على الإنجاز بتنفيذ وتمويل من الصين …. لا يمكن بطبيعة الحال تجاهل العوامل السياسية والمحاذير الأمنية للدول الكبرى المتواجدة في المنطقة وبالذات التي تمتلك قواعد عسكرية في جيبوتي ولكن لا شك في أن التفاهم معها وإقناعها بفوائد المشروع ممكنان خاصة في ظل انسحابها الملفت من المنطقة والذي تسبب في فراغ ينبغي على الدول المعنية في المنطقة مَلؤه بما يتناسب مع مصالحها وأمنها على حد سواء ، ختاماً أجدني ملزماً بإبداء تفاؤلي وبالإشادة بتصريحات الرئيس الصيني شي جين بينغ الأخيرة ومساعيه الجادة في مجال ( محاربة الفساد ) فرجل في موقعه وبمثل خبرته يدرك أن بلاده لن تحقق ما تصبو إليه على مستوى الداخل أو على صعيد طموحاتها الخارجية إلا بإرساء مباديء الشفافية والنزاهة والحكم الرشيد لتحقيق الأهداف الموضوعة وإنجاح الشراكات التي نتطلع جميعاً إلى عقدها مع العملاق القادم من الشرق.