زيتون الحاج.. شابةٌ يمنيةٌ ريفية تحدت الإعاقة والظروف الاقتصادية وأكملت تعليمها الجامعي!
يمن مونيتور/ تعز/ من إفتخار عبده
أكملت الشابة اليمنية زيتون الحاج تعليمها الجامعي تخصص دراسات إسلامية، رغم الإعاقة الدائمة فيها، ورغم تحديات الواقع الريفي والمدني.
هذه الشابة من مواليد 1990م ، ولدت في عزلة بني أحمد سامع وأكملت فيها تعليمها الأساسي والثانوي ثم انتقلت بعد ذلك إلى مدينة الحوبان من أجل إكمال تعليمها الجامعي.
وتبدو الفرحة على وجه زيتون بوصولها لهذا الإنجاز العظيم الذي كانت تظنه في سالف الأيام حلمًا بعيد المنال.
وقد أصيبت زيتون بالإعاقة الحركية( الشلل السفلي) عندما كانت في السنة الثانية من عمرها وفق حديثها لموقع” يمن مونيتور”
وتقول الحاج في سردها لقصة إعاقتها” أصبتُ بحمى شديدة، لم تكن عادية فأدخلتني أمي إلى مدينة تعز، مستشفى السويدي، وقيل لها إنني أصبت بحمى شوكية وقامت بمدواتي في ذلك المشفى ومستشفيات أخرى داخل محافظة تعز، كانت تتنقل بي من مشفىً لآخر وبعد فترة من الزمن تعافيت من الحمى لكني أصبت بشلل سفلي مع تشوهات بالكاحل والقدمين، وما تزال هذه الإعاقة تلازمني حتى اللحظة”.
ومنذ صغرها تحب زيتون التعليم والالتحاق به وقد كان من حظها أن المدرسة قريبة نوعًا من منزلها فالتحقت بها عندما كانت في الثامنة من عمرها.
وعن مشوارها في التعليم تقول زيتون” كنت أذهب للمدرسة حبوًا على يديَّ ورجليّ وهذا ما كان يحُزُّ في نفسي عندما أمرُّ بين الطلاب والطالبات حبوًا والكل يلتفت لي بتعجب واستغراب.
وتضيف” لم أكن أمتلك كرسيا متحركًا- على الأقل- يرفعني وملابسي من بين تراب الأرض ولا الطريق في قريتي مؤهل للمشي على كرسي متحرك، لكنني حاولت أن أتجاهل كل ذلك من أجل أن أواصل تعليمي- على الأقل- من أجل أن أكمل الثانوية العامة”.
وتابعت” كنت أخرج من البيت مبكرة وأبقى جوار المدرسة أنتظر دخول الطلاب وبعدها أدخل المدرسة حتى لا أصطدم بكل طلاب وطالبات المدرسة كون المدرسة مختلطة”.
واستطاعت زيتون أن تواصل تعليمها الأساسي والثانوي مع إصرارها الكبير وتشجيع أسرتها لها.
ولم يكن الحصول على الشهادة الثانوية سهلًا بالنسبة لها فقد عانت كثيرًا في سبيل الحصول عليها.
وأردفت” في السنة الأولى اختبرت الثانوية في مركزٍ بعيد عن عزلتنا في منطقة” سربيت”وقد كنت أذهب إليه بسيارة، لكني لم أحظ بالنجاح ذلك العام، وشعرت بالملل إزاء ذلك فتوقفت سنوات عن المواصلة وبعدها عدت مرة أخرى واختبرت الثانوية في مركز آخر منطقة” الجبل”مشيت للمركز في اليوم الأول أكثر من كيلو، ولكم أن تتخيلوا حالتي في المشي حبوًا كل هذه المسافة في طريق وعرة، ويومها بقيت عند صديقة لأمي استضافتني عندها مدة الاختبار وقد نجحت هذه المرة بعد جهدٍ وعناء”.
المرحلة الجامعية
كانت المرحلة الجامعية بالنسبة لزيتون حلمًا بعيد المنال؛ فهي فتاة معاقة من ناحية وفتاة ريفية من ناحية أخرى والكثير من فتيات الريف لم يستطعن مواصلة تعليمهن الجامعي فأنى لها أن تحصل على ذلك، بحسب قولها.
شاء الله إلا أن تواصل تعليمها فذهبت إلى الحوبان برفقة أمها وقامت بالتسجيل في قسم الدراسات الإسلامية لتدخل مرحلة أخرى من الكفاح.
وعن بداية مشوارها في التعليم الجامعي تقول زيتون” كنت أشعر بخوف وبحرج كبير وأنا أحبو في ساحة الكلية أتنقل من قاعة لأخرى، وبين عالمٍ لا أعرف عنه شيئًا، أنا القادمة من أقاصي الريف أجر خلفي إعاقتي وخيباتي المتواصلة، كيف لي أن أواصل مع هذا العالم المتحضر، شعرت للحظة أن مرحلة المدرسة كانت هينة لينة مقابل ما أنا عليه اليوم!” .
وأوضحت” لن أنسى جميل الدكتور عبد اللطيف، أحد أساتذتي في الجامعة؛ فهو من قدم طلبًا لجمعية هائل سعيد أنعم من أجل أن أحصل على كرسي متحرك، وقد حصلت عليه بعد ثلاثة أشهر، ومن حينها بدأت أثق بنفسي بين زميلاتي وزملائي في الكلية وواصلت بقية السنوات على خير ما يرام”.
الطموح المستقبلي
سنوات طويلة قضتها زيتون وهي تكافح من أجل حصولها على التعليم، من أجل أن تحمل شهادة تليق بتعبها واجتهادها، طموحها الآن هو أن تحصل على عمل مناسب تكفل من خلاله نفسها بنفسها أن تجد مردودًا لكل ما مرت به من المعاناة، أن ترد ولو جزءًا يسيرًا من الجميل لأمها الحنونة، التي رافقتها طوال هذه السنوات دون كلل أو ملل.
وترسل زيتون رسالتها لكل الفتيات قائلة” العزيمة والإصرار هما الزاد الذي ينبغي أن تعتمد عليه كل فتاة؛ لآن طريق النجاح بالعادة ليست مفروشة بالورود، بل محفوفة بالأشواك، وإذا ما حصلت مرارة ومشقة أثناة العبور فلذة الوصول تمحو كل تعب”.