الاعتداءات على موظفي الإغاثة تُضعف العمل الإنساني في اليمن
تزايدت الاعتداءات الأمنية ضد عمال المنظمات الإنسانية في اليمن، مع تفتت السلطة الأمنية المركزية، وتوسع الحرب إلى معظم محافظاتها، لتتصدر اليمن الترتيب الرابع في الحوادث الأمنية ضد عمال الإغاثة في العالم، بعد الصومال، وأفغانستان، وجنوب السودان، التي حصلت على الترتيب الأول، بحسب دراسة حديثة للأمم المتحدة. يمن مونيتور/صنعاء/العربي الجديد
تزايدت الاعتداءات الأمنية ضد عمال المنظمات الإنسانية في اليمن، مع تفتت السلطة الأمنية المركزية، وتوسع الحرب إلى معظم محافظاتها، لتتصدر اليمن الترتيب الرابع في الحوادث الأمنية ضد عمال الإغاثة في العالم، بعد الصومال، وأفغانستان، وجنوب السودان، التي حصلت على الترتيب الأول، بحسب دراسة حديثة للأمم المتحدة.
وتُلقي هذه الاعتداءات ظلالاً سلبية تبقي احتياجات المتضررين عالية، في وقتٍ أصبحت فيه الأزمة اليمنية أكبر الكوارث الإنسانية في العالم.
ويتعرّض المختطفون والمهاجمون للعمالة الدولية في جميع أنواع الحوادث الأمنية التي تواجه المنظمات العاملة في اليمن، لقدر أقل من المساءلة، مقارنةً مع المجموعات القبلية التقليدية، وتكون مستويات العنف مرتفعة، ويصبح من الصعب التفاوض بشأن تلك الحوادث وحلها.
وساهم تعدّد السلطات الأمنية في البلاد، إثر الانقلاب المسلح على رأس الحكم، وما تلاه من متغيرات وتوسّع ساحات الصراع في المدن والريف، في تحديد نطاق تواجد المنظمات الإنسانية وجعل القضية الأمنية مسألة تديرها المنظمات بشكل عام.
وتعتبر المنظمات الدولية أية إجراءات ينبغي إتمامها مع السلطات المحلية قبل انتقال طاقم الإغاثة، مجرد إجراءات روتينية تخص تلك السلطات ولا تعمل على تأمين الطاقم ليكون ذلك سببا في تزايد حالات الاعتداء على الموظفين في هذه المنظمات.
وفي هذا السياق، يؤكد أحد موظفي هذه المنظمات، الذي فضّل عدم الكشف عن اسمه، بأن حراس نقطة تفتيش حوثيين بمحافظة عمران (شمال) قاموا نهاية العام الماضي بقتل اثنين من موظفي اللجنة الدولية للصليب الأحمر بمجرد وقوف سيارتهم عند النقطة ولم تتم محاكمة مرتكبي الجريمة حتى الآن.
كما لفت إلى أن منظمة “أطباء بلا حدود” قامت بوضع متطوعين لتشغيل ستة مستشفيات بعد إجلاء موظفيها منها، إثر هجوم على مشفى من قبل قوات التحالف العربي التي وعدت بإجراء تحقيق في الحادث.
وأضاف المصدر، أن بعض المنظمات لا تولي أي اهتمام أو حرص على حياة العاملين معها، مستشهدا بقضية موظفة اللجنة الدولية للصليب الأحمر المختطفة في اليمن نوران حواس، التي ما يزال مصيرها مجهولا حتى اليوم، بعدما كانت قد اختطفت وهي في طريقها إلى عملها في العاصمة صنعاء في ديسمبر/كانون الأول عام 2015.
وأوضح بأن “جزءاً من مسؤولية التدهور الأمني أمام العمل الإنساني يتحمله سلوك بعض المنظمات التي لعبت دوراً لخدمة مصالح أحد أطراف الصراع وخلقت بذلك صراعاً ثانوياً”، لافتا إلى أن “سلامة العمل الإنساني تحتاج إلى عودة تلك المنظمات إلى السلوك المهني القويم، والالتزام الحقيقي بمبدأ الحياد والاستقلالية، وعدم الانحياز خاصةً في بيئة صراع شديد”.
وفي هذا الإطار، أكد تقرير دوري للجنة السامية لشؤون اللاجئين في اليمن وجود قبليين مسلحين وأحياناً عناصر ترتدي الزي العسكري الحكومي تنصب نقاط تفتيش على الطرق إلى المناطق الريفية، وتقوم بابتزاز الطواقم الإغاثية وتعريضهم للمضايقات أو الاحتجاز لديهم عند وقوف عرباتهم، رغم موافقة سلطات الأمر الواقع على مرورهم مسبقاً وحمل الطاقم نسخة من تلك الموافقات.
وأضاف أن هذه الجماعات قامت بمصادرة حواسيب بعض الموظفين في مناسبات مختلفة بعد ادعاء مشرفي تلك النقاط باشتمالها على محتويات مضادة لتيارهم.
وبحسب التقرير الدولي، فإنّ الكثير من موظفي وكالات الإغاثة يتعرضون لمشاكل أمنية مختلفة غير أن المنظمات لا تقوم بإعلانها خوفاً من ردود فعل سلبية لسلطات الأمر الواقع أمامها مثل منع مرور أي طواقم أخرى لتلك المنظمات.
إلى ذلك، تتعمد مليشيا الحوثيين في بعض المناسبات تعريض العمل الإنساني إلى خطر كبير بعد انتحالها صفة موظفي الإغاثة في بعض المواقع المشتعلة بالحرب.
وفي هذا السياق، كشف عبد الله الأشرف، المتحدث باسم المقاومة الشعبية في محافظة الجوف (شرق) عن قيام عناصر تابعة للحوثيين بانتحال صفة اللجنة الدولية للصليب الأحمر في عملياتهم العسكرية ضد الجيش الوطني والمقاومة.
وأوضح الأشرف أن عناصر المليشيا وضعت شعار الصليب الأحمر على سيارات الإسعاف، واتصلوا بقيادات المقاومة في مديرية الغيل للسماح لهم بدخول أحد المواقع لانتشال جثث قتلاهم، وعندما وصلوا إلى المواقع، تبيّن أنهم حوثيون مدججون بالأسلحة، مما أدى إلى اندلاع اشتباكات أسفرت عن مقتل جميع المسلحين.
وتتذرّع تقارير الأمم المتحدة بضعف تغطية وكالات الإغاثة الدولية في مناطق جنوب اليمن بسوء الوضع الأمني وزيادة هجمات تنظيمي القاعدة وداعش فيها، رغم أن معظم تلك المدن شبه مدمرة واحتياجات مجتمعاتها عالية بعد معارك ضارية بدأتها مليشيا الحوثي لثلاثة أشهر منتصف العام الماضي.
وفي أشد المناطق التهاباً بالحرب والحصار مثل تعز، ثاني أكبر المدن اليمنية كثافة سكانية فضلت قلة من تلك الوكالات اختيار وتمويل منظمات محلية داخل المدينة للوصول إلى أصحاب الحاجة، واضعةً مخاطر الشفافية والمساءلة وجودة التدخل في مهب الجدل والشكوك بسبب صعوبة دخول طواقمها لمراقبة أداء تلك المنظمات هناك.
وكشف تقرير “قاعدة بيانات أمن موظفي الإغاثة” الذي تصدره الأمم المتحدة بأن 2015 كان العام الثاني على التوالي الذي ظهر فيه عدد ضحايا الاعتداءات الأمنية على موظفي الاغاثة أقل من ذي قبل في 25 دولة في العالم. وقامت الأمم المتحدة بتسجيل 148 حادثاً أمنياً ضد موظفي الإغاثة في تلك الدول أدت على إصابة أو مقتل أو خطف 287 منهم.