فرح البعض إن كان في اليمن المناصر للحكومة الشرعية أو دول التحالف بقول وزير الخارجية الأمريكي جون كيري
فرح البعض إن كان في اليمن المناصر للحكومة الشرعية أو دول التحالف بقول وزير الخارجية الأمريكي جون كيري في اجتماع جدة الخميس الماضي “على الحوثيين أن يدركوا أنهم أقلية في اليمن” وهذه حقيقة لا جدال فيها. لكن البعد السياسي لهذه الجملة قد يكون غاب عن الكثيرين الذين فرحوا بذلك القول. الاعتراف بالأقليات في القانون الدولي يعطيهم حقوق، منها حق تقرير المصير، ومنها حق دستوري يميزهم ويعطيهم الحق في تولى مناصب قيادية في كل مفاصل الدولة، إلى جانب أمور أخرى تتعلق بالمعتقد، والحق في التواصل مع أطراف دولية إلخ، وذكر الوزير الأمريكي في مبادرته تلك أن من حق الحوثيين المشاركة في حكومة الوحدة الوطنية. إن القبول والفرحة بهذا التوصيف للحوثيين في اليمن يشكل سابقة في تاريخ الجزيرة العربية علينا جميعا أن نتنبه لها مبكرا قبل أن يستفحل أمرها وتصبح معضلة سياسية تلقى حماية من قوى خارجية.
(2)
الجديد في مشروع وزير الخارجية الأمريكي جون كيري أنه أراد القفز على المراحل التي طرحها ممثل الأمين العام للأمم المتحدة إسماعيل ولد الشيخ في المشاورات التي جرت في الكويت. لم تمانع الحكومة الشرعية من تشكيل حكومة وحدة وطنية، لكن بعد أن يسلم الانقلابيون السلاح والانسحاب من المدن والمحافظات جميعا، والبدء بالعاصمة صنعاء، وفك الحصار عن تعز، وتسليم المؤسسات الحكومية التي استولوا عليها بقوة السلاح إلى الحكومة الشرعية وإطلاق سراح الأسرى والمعتقلين، إلى جانب أمور أخرى، ومن ثم نعود إلى نقطة البدء، وهي مخرجات الحوار الوطني اليمني، المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية، وقرار مجلس الأمن الدولي 2216، ثم تشكيل حكومة وحدة وطنية لا يستثنى منها أي حزب سياسي يمني شرط أن لا يكون حزبا مسلحا تحت أي ذريعة كانت.
إن البدء بتشكيل حكومة وحدة وطنية يعني الالتفاف على القواعد الثلاث أنفة الذكر، وإلغاء الحكومة الشرعية القائمة اليوم برئاسة عبد ربه منصور، وتحقيق مطالب الانقلابيين الحوثي وعلي عبد الله صالح، وسيفرضون شروطهم بقوة السلاح في تشكيل حكومة الوحدة الوطنية وبتأييد من أطراف خارجية لا استبعد أن تكون أمريكا وبريطانيا من بين الأطراف المؤيدة لمطالب الحوثيين.
إن لعبة التوازي بين الأمن والسياسة في الحالة اليمنية أمر غير محبب. أن تحقيق الأمن في اليمن اليوم يرتكز على عودة الشرعية إلى العاصمة، وتحرير المدن ومحيطها من المسلحين، وعودة السلاح الثقيل إلى معسكرات الجيش التي سرقت منها، وكذلك الصواريخ المهربة والمستولى عليها من مخازن الجيش اليمني إلى الشرعية الدستورية وليس شرعية الأمر الواقع التي فرضها أو يحاول الانقلابيون فرضها. العمل السياسي يأتي لاحقا وطبقا للقواعد الثلاث أنفة الذكر بعد تحقيق الأمن والاستقرار.
إن المحاصصة السياسية في تشكيل الحكومة اليمنية القادمة يشكل خطورة على دول الجوار وأخص بالذكر دول مجلس التعاون، وقد نبهت إلى خطورة نظام المحاصصة على المنطقة ولكن مع الأسف لم يدرك الكثير من النخب السياسية الخليجية مخاطر المحاصصة عليهم وعلى أنظمتهم السياسية، نموذج المحاصصة في العراق شاهد عيان، والمحاصصة في لبنان لم تمكّن الشعب اللبناني من انتخاب رئيس للبلاد لأكثر من ثلاث سنوات والبحرين مهدد بالمحاصصة، فهل تقبلون بنظام المحاصصة في حدائقكم الخلفية أنها ستكون الشر المستطير، دعونا نركز على الوحدة الوطنية وعلى الرجل المناسب في المكان المناسب وإلا فإننا سنكون والأجيال القادمة ضحايا السياسات الخاطئة.
(3)
السؤال الذي يطرح هنا، لماذا اهتمام أمريكا وأوروبا والأمين العالم للأمم المتحدة بما يسمى بضحايا الحرب من الأطفال في اليمن، ودعوة مجلس الأمن الدولي للنظر في أمرهم، ومحاولة إدانة دول التحالف؟ ولماذا الاهتمام بالمقار التي يختبئ فيها الحوثيون وجند علي عبد الله صالح من مباني المدارس والمستشفيات والتي تتعرض للغارات الجوية من قوى التحالف؟ ولم تهتم بالأطفال الذين يجندهم الانقلابيون ويكونون ضحايا الحرب.
لماذا الضحايا من الأطفال والنساء وكبار السن الذين هم ضحايا الغارات الجوية الروسية والأمريكية والبريطانية والسورية والإسرائيلية في العراق وسوريا وفلسطين لا تثير حماس تلك الدول والأمين العام للأمم المتحدة، وصور أطفال سوريا والعراق وفلسطين تعرض على مدار الساعة في التلفزة العالمية؟
ولماذا ثارة حمية الوزير الأمريكي ووزير خارجية بريطانيا اليوم على اليمن؟ الرأي عندي أن عدم اهتمامهم بأطفال سوريا والعراق وفلسطين لأنهم ضحايا حلفائهم الجدد الإيرانيين، وشركائهم في تدمير الوطن العربي روسيا وإسرائيل وكلهم ضد العرب، فسلاح الدمار الشامل استخدم في سوريا والعراق وفلسطين ولا أحد يثر الموضوع، وفي أحسن الحالات يصدر “شجب وإدانة” وهذا في نظرهم يكفي. لكن لو قدر لقوى التحالف العربي استخدام السلاح الكيماوي في الحروب الجبلية في اليمن ضد الحوثيين وأنصارهم ماذا ستكون ردة الفعل؟! لا شك عواقب وخيمة علينا.!
لقد تحركت الهمة الأمريكية في اليمن لأن قوى التحالف العربي حققت إنجازات في الأيام الأخيرة في ميدان المعركة، كما تفيدنا وكالات الأنباء، بأن الإدارة الأمريكية والغرب عامة لا يريدون أن يتحقق أي نصر عربي، مهما كان شكله “عسكري تنموي تعليمي إداري” طالما تقوده دولة عربية حتى ولو كان في صالحهم سيتدخلون من أجل ليّ عنق ذلك النصر كي لا يحسب للعرب.
آخر القول: سيروا في تحقيق أهداف التحالف العربي لدحر البغاة في كل الجبهات دون تردد، ونحن الشعب الضامن الأوحد لأمن أوطاننا، ونظمنا السياسية، وليس القوى الأجنبية.
نقلا عن الشرق القطرية