كتابات خاصة

الأطر الإيرانية في اليمن

عدنان هاشم

لا يتحكم حسن روحاني ووزير خارجيته بملف السياسة الخارجية كما يحاول بعض الدبلوماسيين الإيرانيين الترويج، ولأنهما كذلك فإن القول الفصل هو لـ”آية الله علي خامنئي” وكادر كبير في الحرس الثوري معني بمراقبة ومتابعة الملف اليمني منذ مُدة طويلة، ويملك معلومات لا يتمتع ظريف وروحاني بحق الوصول إلى القليل منها. لا يتحكم حسن روحاني ووزير خارجيته بملف السياسة الخارجية كما يحاول بعض الدبلوماسيين الإيرانيين الترويج، ولأنهما كذلك فإن القول الفصل هو لـ”آية الله علي خامنئي” وكادر كبير في الحرس الثوري معني بمراقبة ومتابعة الملف اليمني منذ مُدة طويلة، ويملك معلومات لا يتمتع ظريف وروحاني بحق الوصول إلى القليل منها.
تتأطر إيران في اليمن وفق عدة أطر تحفظ طموحاتها وتحرك سياستها، فليست الانتماءات الدينية بين إيران والحوثيين هي المحرك الرئيس لأطر التحرك الإيرانية.  “نصرة المظلومين” يعد من أبرز شعارات الثورة الإيرانية ومكتوب في ديباجة الدستور، فهي التي تنظر إلى نفسها كناصرة لـ”المظلومين” ونتيجة لذلك تؤطر إيران الصراع في اليمن ضمن إطار أوسع للمبادئ الأيدلوجية. فدائماً ما تُثير وسائل الإعلام الإيرانية الحديث عن نصرة “المظلومين ضد الظلم. وعادةً ما ينشر خامنئي في شبكات التواصل الاجتماعي عن الحرب في اليمن أنها بين “مضطهدين” وظالمين.
كما أن القيادة العليا في إيران التي دائماً ما تنفي أرسالها للسلاح إلى اليمن رغم تأكيدات في قيادات التيار الثاني من الحرس الثوري وربما الأول، تؤطر تلك المساعدات كإنسانية لـ”المضطهدين”، وتحاول دولياً الضغط من أجل إدخال تلك المساعدات-سُفن التسليح- بسهولة ويُسر إلى جانب استغلال ذلك في مواجهة المملكة العربية السعودية ومهاجمتها في أورقة المحافل الدولية. فخلال الفترة الماضية أقامت إيران في لندن مؤتمراً عالمياً لما تسمية “مساندة اليمن” وحضره العشرات من الحقوقيين والمسؤولين في دول الاتحاد الأوروبي على الأقل كما تنشر الصحافة الإيرانية ويؤكده اجتماع هؤلاء المسؤولين مع الحشد الشعبي العراقي بشكل سري في بيروت وكشفته صحيفة المونيتور.
تحاول إيران في اليمن أن تؤسس الحوثيين كسلطة “أمر واقع”، كما فعلت بتنظيم “حزب الله” في الثمانينات وترعاه حتى اليوم، وهي التي أشعلت بشكل عنيف الحرب الأهلية حتى التوصل اتفاق الطائف (1989) الذي يبقي “السلاح” للحزب ويتحكم بـالثلث المُعطل في الدولة، ولا تعد نشوء اتفاق يشبه الطائف في اليمن صعباً، فمجتمع محارب في اليمن قد يستخدم لبقاء السلاح بيد الحوثيين بما في ذلك الثقيل والمحافظة على تنظيماتهم الميليشياوية، وعلى هذا النحو تتحرك إيران ضمن الإطار الدبلوماسي والسياسة الخارجية للحوثيين بوصفهم اقلية تحتاج للحماية والحصول على حقوق تعطل أي قرار قادم ينتهك حقوقهم(من وجهة النظر الإيرانية). وذلك فعلاً ما يتردد في مبادرة جون “كيري” الأخيرة، التي تُشكل “حكومة” قبل إخضاع سلاح الحوثيين للحكومة المنتخبة؛ واحتفاظهم بوصف “أقلية” مع أن الحرب التي تدور ليست عن أقلية وأغلبية.
ويرفض الدبلوماسيون الإيرانيون الحديث عن رؤيتهم لجماعة الحوثي، لاعتبار أن ذلك مواجهة للأغلبية، وهو ما يؤثر سلباً على وضع إيران داخلياً فهو مجتمع من الأقليات تسوده “الفارسية” وخارجياً بصفتها داعمة للتمردات والسلم الاجتماعي.
لا تُكلف إيران نفسها في اليمن نفقة جّبارة، كما يكلفها النظام السوري “المُفلس”، ومع ذلك فهي ورقة رابحة في إطار السياسة الدولية التي تحاول الأطراف الدولية استقطاب اليمن إلى أوراقها. لتؤطر الصراع اليمني كتهديد لتنافسها مع المملكة العربية السعودية بأطر أكثر تعقيداً مرتبطة بالعديد من الملفات الإقليمية، لذلك تحرص إيران على بقاء جذوة الحرب على الحدود السعودية مشتعلة للحصول على رضوخ سعودي لتفاهم في أطر أوسع إقليمياً واقتصادياً، وهذا ما لا يحققه لها أي ملف آخر رغم تكاليفه الباهظة مقارنة بما يُدفع في اليمن.
فاليمن لا تمثل تهديداً للأمن القومي الإيراني وبالعكس من ذلك فهي تمثل تهديداً للأمن القومي السعودي والخليجي، وهو ما يعطي الإلهام لإيران لزيادة حدة تهديد الرياض من أجل بقاء مشروعها التوسعي.
ومع ذلك فإن إيران لا تستثني الصراع في اليمن كحطب يزيد شُعله الأيدلوجيا “الثورية” وتصديرها، وأنها ما تزال مصدر إلهام لشعوب العالم الإسلامي، كما يصف المرشد الأعلى نفسه بأنه مرشد العالم الإسلامي بـ”الكامل” و وكيل الإمام المهدي (الثوري) الذي سيضيئ الكون عدلاً ونوراً. كإطار مستمر يبقي له السلطة الداخلية باستخدام الملفات الخارجية.
ووفقاً  لما ذُكر بعالية فخامنئي والحرس الثوري لن يقبلا التفاوض والاستقرار في اليمن بشكل منفرد مالم يتم المساومة بملفات إقليمية، لذلك فالمفاوضات أو الحسم العسكري العاجل في الملف اليمني هو نهج أكثر عملياً من جلوس الرياض مع طهران كما تريد واشنطن وترغب به سراً وعلانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى