أخبار محليةالأخبار الرئيسيةتقارير

لماذا نقترب من حرب إقليمية كارثية؟!

يمن مونيتور/ وحدة التقارير/ خاص:

تشير الأحداث التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط خلال شهر يوليو/تموز إلى مفارقة صارخة: إذ يقترب الاحتلال الإسرائيلي ومحور المقاومة الذي تقوده إيران من حرب إقليمية كارثية ــ ومع ذلك يقول الأمريكيون إن الحرب غير محتملة، لأن أياً من الجانبين لا يريدها. فهل يكفي هذا لمنع حدوث الأسوأ؟

لا يستطيع حتى المراقب الأكثر خبرة للمنطقة أن يجيب على هذا السؤال بثقة. ولكن هناك أمر واحد يتفق عليه الجميع وهو أن اغتيال إسرائيل لرئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في إيران، وقائد حزب الله فؤاد شكر في لبنان، لا يفعل شيئاً لتهدئة التوتر بل يصب الزيت على النار.

ورغم تقليل الولايات المتحدة من احتمالات الوصول إلى حرب إقليمية أوسع نطاقاً، إلا أننا نبدو أقرب إلى ذلك أكثر من أي وقت مضى. وقال ستيفن كوك الخبير مجلس العلاقات الخارجية الأمريكية: الآن أصبح هذا الأمر أكثر ترجيحا.

وأضاف: هذه لحظة لا يمكن التنبؤ بها. ويبدو من غير المرجح أن يتراجع اللاعبون عن القتال المدمر. فهذه هي الحرب التي كان الجميع يستعدون لها.

ورغم أن إسرائيل لم تعلق على عملية اغتيال اسماعيل هنية، فإن حقيقة وقوع الاغتيال في “قلب طهران” خلال “زيارة رفيعة المستوى” ترسل إشارة واضحة من إسرائيل إلى إيران أننا نتمتع بقدرات استخباراتية “ومراقبة واستطلاع وعمليات متفوقة وأن لنا اليد العليا” بحسب ما قاله المحلل نيكولاس هيراس من معهد نيو لاينز في واشنطن.

وقال أفشون أوستوفار، أستاذ شؤون الأمن القومي في كلية الدراسات العليا البحرية في كاليفورنيا، إن الحرج العميق الذي تشعر به إيران بسبب الإخفاقات الأمنية التي سمحت بهجوم الأربعاء سيحفز قيادة النظام على إطلاق رد واضح للغاية.

رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية يصفق بينما يتحدث الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان أمام البرلمان الإيراني في طهران يوم الثلاثاء. (وحيد سالمي/أسوشيتد برس)

الاستراتيجية الإيرانية

وحتى قبل العدوان الإسرائيلي الوحشي على قطاع غزة في أكتوبر/تشرين الأول سعت إيران إلى فرض واقع استراتيجي جديد. بأن الحرب على عضو واحد هو حرب على جميع أعضاء ما يسمى بمحور المقاومةالذي بنته إيران بصبر على مدى عقود من الزمان.

إن الهجوم على حزب الله، أو الحوثيين، أو الميليشيات العراقية، أو حماس، أو النظام السوري، أو إيران نفسها، يُعتبر هجوماً على الجميع- كما يقول بلال يحيى صعب الباحث في معهد تشاتام هاوس البريطاني.

ويضيف: لعب الحوثيون من اليمن وإلى حد ما الميليشيات العراقية، دورهم في تعزيز هذا الواقع.

وبدأ الحوثيون حملتهم لتعطيل حركة الشحن في البحر الأحمر، ومؤخرا رفعوا الرهانات بمهاجمة تل أبيب باستخدام طائرة بدون طيار بعيدة المدى من صنع إيران- وشن الإسرائيليين هجوم غير مسبوق على ميناء الحديدة.

في أبريل/نيسان، استهدفت غارة جوية إسرائيلية قادة إيرانيين يعملون عن كثب مع التحالف. وقُتل ضابطان إيرانيان في ذلك الهجوم على المجمع الدبلوماسي الإيراني في دمشق. وردت إيران باستعراض للقوة بدا وكأنه محسوب بعناية لتقليل الأضرار الفعلية – والحد من المزيد من الأعمال الانتقامية. أطلقت البلاد مئات الصواريخ والطائرات بدون طيار على إسرائيل، واعترضت أنظمة الدفاع الصاروخي الإسرائيلية غالبيتها. وتجنب الجانبان المزيد من التصعيد.

وقالت سنام فاكيل، مديرة برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مركز تشاتام هاوس للأبحاث في لندن حول اغتيال هنية: “لم تكن هذه مجرد ضربة على طهران”. وأشارت إلى أنه على عكس الضربة التي شنت في أبريل/نيسان على أفراد إيرانيين، فإن هجوم الأربعاء استهدف عضوًا كبيرًا غير إيراني في حماس، وبالتالي يمكن تفسيره على أنه هجوم على جميع الجماعات المتحالفة مع إيران.

وقالت إن ذلك “يفتح الباب أمام رد تقوده دول المحور، وليس مجرد رد إيراني”.

كيف ستتطور الأمور؟!

وعلى الرغم من أن جون كيربي، المتحدث باسم مجلس الأمن القومي التابع للبيت الأبيض، قال إن المزيد من التصعيد في أعقاب وفاة هنية ليس “أمرا حتميا”؛ توعد المرشد الأعلى في إيران برد قاس على الاحتلال الإسرائيلي، كما توعد الحوثيون بالمشاركة في الهجمات الذين كانوا توعدوا بالرد على هجوم ميناء الحديدة، كما أن حزب الله سوف يرد على اغتيال القائد الثاني في قوتها فؤاد شكر. وأعلنت تل أبيب أنها سترد على أي هجوم إيراني وحزب الله والحوثيين.

ولكن كيف ستتطور الأمور بعد ذلك؟ إن الانتقام المتبادل بين إسرائيل والمحور الذي تقوده إيران سوف يستمر. في متوالية هندسية.

احتجاجات في اسطنبول عقب اغتيال زعيم حماس إسماعيل هنية في إيران. تصوير: ديلارا سينكايا/رويترز

وقالت ندوى الدوسري، زميلة غير مقيمة في معهد الشرق الأوسط في واشنطن العاصمة: “لقد أغرقت إيران ووكلاؤها المنطقة في حالة من الاضطرابات مع الإفلات التام من العقاب لأن المجتمع الدولي كان مترددا في اتخاذ إجراءات قوية لمحاسبتهم”.

وأضافت: “من خلال الاغتيالات الأخيرة، رسخت إسرائيل قوتها الرادعة. وسوف تلاحق بشكل مباشر كبار القادة إذا استمرت إيران ووكلاؤها في استهداف إسرائيل.

وأشارت الدوسري إلى أن الحوثيين كانوا “أكثر وكلاء إيران تهوراً، كما يتضح من هجماتهم في البحر الأحمر. ونظراً لأفعالهم السابقة، فمن المؤكد أنهم قد يحاولون شن هجوم آخر ضد إسرائيل”.

وقال ستيفن كوك من مجلس العلاقات الخارجية الأمريكية: لا شك أن الحوثيين سوف يشاركون أيضا في أي انتقام تخطط له إيران.

ولكن هل يؤدي هذا إلى حرب شاملة بين إسرائيل ودول المحور؟ يقول “بلال صعب” إذا اندلعت حرب أوسع نطاقاً، فلن يكون ذلك بسبب قرار متعمد من جانب أي من الجانبين. بل من المرجح أن تخرج محاولات الرد المدروس عن نطاق السيطرة. ومن الممكن أن تؤدي الحوادث والحسابات الخاطئة إلى تصعيد المواجهة، كما هي الحال دائماً.

ومع ذلك يقول “صعب”: حتى في هذه الحالة، فمن المرجح أن تتحرك الولايات المتحدة على الفور لاحتواء الموقف. ذلك أن كلاً من إسرائيل وإيران ستخسران أكثر مما ستكسبان من المواجهة الشرسة. .

وعلى الرغم من ذلك يتوقع “ستيفن كوك” فشل الجهود الدبلوماسية الأمريكية في احتواء الموقف.

وقال كوك: لا شك أن الدبلوماسيين الأميركيين وغيرهم من الناشطين في الجهود الرامية إلى التفاوض لإنهاء الحرب بين إسرائيل وحماس سوف يبذلون قصارى جهدهم لمحاولة تجنب تصعيد الصراع الإقليمي الدائر، ولكن من المرجح أن يفشلوا في مساعيهم. فالإيرانيون يتوعدون بالانتقام، والإسرائيليون يتحدونهم ووكلائهم لتوجيه ضربة.

وإذا ما تطورت الحرب فإن الولايات المتحدة تؤكد دائماً وقوفها إلى جانب إسرائيل ضد الفلسطينيين أو الدول العربية الأخرى. ونقلت واشنطن بوست عن مسؤول بالبنتاغون قوله: حشدنا 12 سفينة حربية في الشرق الأوسط بعد اغتيال هنية.

 

نتنياهو/ حماس

وقال أهرون بريجمان، أستاذ أمن الشرق الأوسط في كلية كينجز بلندن: “نتنياهو ليس مهتما بصفقة الرهائن لأسباب سياسية لأن شركائه في الائتلاف غير مهتمين. وقد يحصل السنوار على ما أراده: حرب إقليمية”.

وقال خليل الحية القيادي في حماس في مؤتمر صحافي في طهران إن حركة حماس وحلفاءها إلا يريدون حربا إقليمية، لكن وفاة هنية، الذي لعب دورا رئيسيا في المفاوضات لإنهاء الصراع في غزة، أرسلت رسالة “واضحة مفادها أن خيارنا الوحيد مع هذا العدو هو الدم والمقاومة”.

وقال “صعب” من تشاتام هاوس: إن الدبلوماسية لم تدرج بعد على نحو جدي في استراتيجية إسرائيل الأمنية. إذ اختارت إسرائيل الرد العسكري المحض منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول. ولكن هذا أظهر أن هناك حدوداً لما قد تفعله القوة الغاشمة لتحسين وضعها الأمني ​​ـ وما قد تتوقع تحقيقه في مواجهة أوسع نطاقاً.

وأضاف: أن نتنياهو لا يتردد في إطالة أمد الصراع وتوسيعه ــ ربما لأسباب سياسية ضيقة. فهو يعلم أنه في اللحظة التي يتوقف فيها إطلاق الرصاص، فسوف يضطر إلى الرد على غضب الجمهور الإسرائيلي الذي يحمله مسؤولية تقويض الديمقراطية الإسرائيلية والفشل في توقع هجمات السابع من أكتوبر/تشرين الأول.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى