إسماعيل هنيّة قدّم كل شيء
عبده فايد
قدّم أولاده وإخوته وأخيرًا روحه على درب تحرير القدس، هذا الحديث لكل متخاذل ومنبطح كان بوقًا للدعاية الصهيونية بأن القادة ينعمون بالإقامة في الفنادق، والأهالي وحدهم يدفعون الثمن.
لا والله خطّ أبو العبد ما يُعجز أي قائد بعده من المحيط إلى الخليج. الرجل كان مشروع شهادة من ميلاده إلى وفاته ولم يتمن سوى ذلك المصير وناله ورأسه مرفوعة. ناله وهو القائد المنفي من وطنه والذي غيّر الشرق الأوسط بعد سحق رأس الإسرائيليين في السابع من أكتوبر.
فرغت حجتك أيها الصهيوني العربي في مسألة القادة؟ حتمًا سوف تعتقد الآن أن حماس في طريقها للانهيار. والمقاومة قد تلقت ضربة موجعة سوف تقود لنصر إسرائيلي في النهاية. والله أبعد من خيالك. استشهد صلاح شحادة مؤسس القسام وكانت بذرة في أرض جدباء لا تمتلك سوى ألفي قطعة سلاح، فأتى من بعده الضيف وحوّل القسام لفصيل مقاتل من الأكثر كفاءة في الشرق الأوسط، واستشهد الأب المؤسس أحمد ياسين وخلفه رجال حولوا الحركة لسلطة تحكم وسلاح يضرب.
واستشهد عبد العزيز الرنتيسي ورائد العطار ومحمد أبو شمالة، وعماد عقل ومحمود أبو هنود، وسعيد صيام وإسماعيل أبو شنب، ونزار ريان. والقائمة تطول. وما رأينا المقاومة إلا وهي تغزو الأرض المحتلة وتأكل قلب العدو.
سوف يخرج علينا ألف منهم، من الصهاينة العرب من جديد. يشيدون بالموساد وأذرعه الطويلة التي لا تنسى ثأر من قتلوا. ويحضر عملية من هنا وثلاث من هناك.
ويختتم بإسماعيل هنية، محاولًا إيهامنا بأننا أمام عدو لا يُقهر وأن الحرب كانت خطأ فادحًا. لا والله. جهاز يمتلك ميزانية دول ويحظى بدعم أميركي كل ثانية من أقمار صناعية ورجال استخبارات. وعجز عن قراءة الطوفان وعن تحرير نسبة هائلة من أسراه، وعن معرفة مكان عدوهم الأكبر يحيى السنوار لمدة 300 يوم.
ثم تأتي متبجحًا لتقول إن الموساد لا يُقهر. بل دولته الزائلة نفسها قُهرت ووقف هو عاجزًا عن الدفاع عنها. بل إن مجموعة من شباب حفاة الأقدام مسحوا بكرامته أرض الإقليم..
وأخيرًا لا يشمت فرحًا ولا يبكي مولولًا كالنساء. إلا أناس لا يعرفون من الأصل. أن هؤلاء القادة ما ولدوا إلا ليستشهدوا. لكن ما بين ميلاد واستشهاد. ثمة حياة قد نذروها لخدمة قضية. حياة عاشوها بكرامة، ورفضوا القبول بأية مغريات تثنيهم عن طريق القدس، وصدقًا. يندر أن تجد عربيًا كريمًا في تلك الأيام. رحم الله أبو العبد.